["الفصل الثاني|| العاصفة"]

27 5 7
                                    

السيد «كامل» هو زوج أمي، رجل أربعيني يصغر أمي بـ خمسة عشر عام، يتميز بوسامة طاغية.

ولكن للحق، أشعر بالرهبة في كل مرة أنظر فيها إليه، فهو رجل غامض لا يتحدث كثيراً، من عائلة مرموقة.

ولكن عائلة أبي أكثر ثروة، فأبي رحمة الله عليه السيد «وجيه» كان قد ورث قصرنا الحالي وبعض الأراضي في محافظتي القاهرة والشرقية عن جدي السيد «شاش باشا» ، فجدي كان من الأسر العلوية في عهد الملك فاروق.

أما أمي «نازلي» هانم دويدار، فمن أصول فرنسية.

عذراً ما كل تلك الثرثرة الفارغة، سأبدأ بالتعريف عن نفسي اسمي هو «لارا وجيه شاش» عمري اثنان وعشرون سنة أقطن في مصر القديمة بقصر والدي الموروث عن جدي مع والدتي وزوج أمي.

بعد الإنتهاء من تناول الغداء استئذنت أمي بالخروج إلي النادي، أغدقت علي أمي بعض التعليمات .

أمي :"ارتدي ملابس ثقيلة لارا، فالجو بالخارج ينبأ بأجواء شتوية ثقيلة، ولا تتأخري بالخارج، ولا تمتطي الخيل في هذا الجو، فالخيول تتأثر بالجو".
هززت رأسي مع ابتسامة صافية :"حسناً أمي، إلي اللقاء".

ارتديت بنطال من الجينز الضيق، وقميص أسود اللون وجاكيت ثقيل أسود اللون.
عقصت شعري الطويل علي شكل كعكة إرتجالية وغير مهندمة لكنها عصرية.

أحضرت حقيبة ظهري وشال ثقيل قمت بلفه علي رقبتي لاستشعر الدفء، ووضعت هاتفي المحمول في جيبي.

وقفت بالخارج أمام سيارتي، ثم نظرت إلي السماء فوجدت الأجواء الشتوية المحببة إليّ فقررت التمشية إلي النادي.

وضعت سماعات «البلوتوث» في أذني، أستمع لشئ غير عقلي.

قابلت جاري السيد «أحمد» فحياني بود وبوجه طلق سألني عن أحوالي وأحوال أمي، فأخبرته بأننا بخير حال وعافية ثم تركته وذهبت علي وعدٍ بلقاء آخر.

وصلت إلي النادي عند المغرب طلبت قهوتي الفرنسية، وشطيرة صغيرة الحجم، أخرجت روايتي «نثر الزهور» من حقيبتي وجلست اقرأها في صمت علي طاولتي المطلة علي النيل، سرقني الوقت حتي آتي النادل إلي :"عذراً سيدتي ولكن المطر غزير في الخارج ، والساعة قد تعدت العاشرة، سنضطر آسفاً غلق النادي".

لم تسعني كلماتي للتعليق كل ما كنت أفكر به هو كيف سأعود إلي المنزل في هذا الوقت وسيارتي ليست معي، بل كيف تمكنت من الجلوس كل هذا الوقت دون أن أشعر بأنه قد مضي".
النادل :"سيدتي، هل أنتِ معي !".

هززت رأسي ببعض الضياع:"نعم نعم، معك ".
وضعت روايتي في الحقيبة، وأحكمت إغلاق الجاكيت ووضعت «الزنطوط» علي شعري حتي لا يبللني المطر، كل ما فكرت به أمي، بالطبع تموت قلقاً علي الآن، أمسكت هاتفي، وما اشعرني بالقلق هو عدم وجود أي مكالمات فائتة من أمي، كيف لم تلحظ غيابي كل هذا الوقت.

مسحت وجهي بأطراف أصابعي، حاولت تهدئة نفسي :"اهدأي لارا، تنفسي بعمق، وفكري جيداً، كيف ستعودي إلي المنزل في هذه العاصفة".

خرجت جرياً إلي الخارج، آجر نفسي في هذه العاصفة وهذا الجو، ظللت أمشي حتي رأيت ضوء من بعيد، حاولت جاهدتاً أن ألوح بيدي حتي رأني السائق، وقف أمامي.

كان شرطي أوقف السيارة وحدثني بطريقة رسمية :"من أنتِ وماذا تفعلين في هذا الجو".
عرفته بنفسي، فتحولت طريقته لبعض اللين فمن لا يعرف هوية عائلتي!

عرض علي أن يوصلني إلي القصر ولم أرفض، ركبت السيارة وبعد نصف ساعة كنت قد وصلت إلي المنزل، اطمأن علي ثم تركني أمام القصر وذهب.

فتحت باب القصر، فرأيت الانوار مغلقة إلا من ضوء صغير، كنت سأذهب إلي غرفة أمي للاطمئنان عليها
فسمعت صوت من ورائي، كدت أموت رعباً.

لكن ما طمأنني هو صوت السيد كامل :"لارا لما تأخرتي في الخارج، لقد غفت أمك منذ وقت طويل وظللت أنا بانتظارك، وحاولت مهاتفتك ولكن كان هاتفك خارج نطاق التغطية".

حمدت الله سراً، أن أمي بصحة جيدة حييته، ثم صعدت إلي غرفتي، أخذت دشاً ساخناً ليبدد كل هذا الأرق منذ الصباح، فاليوم كان طويل جداً ".
بعثت رسالة إلي «سامر » : "حبيبي سامر، سأخلد إلي النوم، تصبح علي خير".

#ازاي لارا معندهاش احساس بالوقت كده
#فين سامر من كل ده
#ليه لارا وحيدة!

وهـــم (حكاية الضوء المفقود)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن