أفقتُ في الساعة الثانية ظهراً، عندما استيقظت لم أعي شيئاً بالمرة، كنت أرتدي منامة بيضاء شتوية، وشعري منسدل بعشوائية، الغريب في الأمر أنه كان مبلل، وكأني كنت أركض تحت المطر، تذكرت الكابوس الذي رأيته في منامي، مهلاً !
إنه لم يكن كابوس، هذا ما حدث بالأمس.
كاد الصداع أن يفتك برأسي.
أخذت هاتفي من الكومود الموضوع بجواري، رأيت بضعة رسائل من «عمار» يريد مقابلتي.عمار :"صباح الخير لارا، أريدك في الحال، نصف ساعة علي الأكثر وتكوني أمامي".
ليس وقتك الآن يا عمار، لست في وضع يسمح لي بالخروج من المنزل.
أرسلت له برسالة :"عذراً عمار، لن أستطيع القدوم اليوم".
عمار :"نصف ساعة وتكوني أمامي، وإلا سآتي أنا إليك".
لارا:"تباً! ما هذه المزحة عمار".
عمار:"تعلمين أني جاد جداً، أتريدين التجربة!".
لارا:"حسناً عمار، ساعة وسأكون عندك".بعد ارتداء ملابسي، نزلت إلي الأسفل وجدت «أمي» تجلس في غرفة التلفاز تشاهده في جو رومانسي مع السيد «كامل» ناديتها من الخارج حتي تسمعني.
لارا :"أمي سأخرج الآن".
أمي:"حسناً حبيبتي لكن لا تتأخري".أخذت سيارتي السوداء من المرأب، وياللروعة كانت ملابسي متناسقة مع السيارة، فقد كنت أرتدي بنطال أسود جلد به بعض الفتحات وجاكيت أسود من الجلد، ونظارة نظر سوداء، تركت شعري بحريته، أخذت سيارتي وإنطلقت إلي عيادة «عمار».
في طريقي وجدت فتاة صغيرة تبيع بعض الورود في الإشارة.
تحدثت الفتاة بخفة ظل تشبه نقاء روحها:"خذي مني وردة يا هانم، إن شاء الله يارب تتزوجي حبيبك".
ابتسمت ثم سألتها :"هل قمتِ بتناول وجبة الفطور!".
أجابت :"لا يا هانم، لم آكل بعد".كنت قد أحضرت قهوتي وبعض شطائر الجبن والمربي، أثناء قيادتي فأنا لم آكل شيئاً منذ المساء، أهديتهم إلي الصغيرة.
ووضعتُ في يدها كل المبلغ الذي كان بحوذتي، نظرت هي بدهشة إلي المال، وظلت تدعو لي.
أريدكِ أن تدعو لي بدعاءٍ واحد، قالت هي بنبرة مستفهمة :"بماذا تريدي أن أدعو لك سيدتي!".
لارا:"أن تُصبح حياتي عادية".تجعد جبين الصغيرة، علامة علي عدم الفهم، حينها دق هاتفي بإسم «عمار».
لارا:"نعم عمار أنا قادمة، عشر دقائق وستجدني أمامك".أغلقت قبل أن أسمع رده، ثم استأذنتُ الفتاة قدت سيارتي بسرعة حتي أصل في الموعد، وصلت أسفل البناية التي يقطن بها «عمار».
توجد يافطة أسفل البناية مكتوب عليها "دكتور عمار الساهر، استشاري أول ورئيس قسم الأمراض العصبية والطب النفسي وعلاج الإدمان.
ابتسمت علي اليافطة فعمار أصبح مجنون كحفنة المجانين الذين يعالجهم.
صعدت إلي البناية ودخلت إلي العيادة، أثناء دخولي اصطدمت بأحدهم، كان شخص غريب نظراته غريبة وكأنه يعرفني خاطبته بأسف :"عذراً، لم أقصد".نظر لي نظرة أخافتني ولم يعقب، خرج بسرعة من العيادة أما أنا فقلت بغضب :"حقاً حفنة من المخابيل".
قابلتني السكرتيرة بود سألتها عن أحوالها وإن كان «عمار» مشغول أم لا أخبرتني بأنه ينتظرني.
أدخلتني إليه، قام من مكتبه واقترب مني صافحته
ثم أخبرته بهدوء:"عمار لست في مزاج يسمح لي بشجار، أحضر لي القهوة وبعض الشطائر فأنا لم آكل شيئاً منذ المساء".أبلغ السكرتيرة بطلبي، فذهبت وتركتني معه وحدي، طلب مني الجلوس علي الشيزلونج، فتحدثت ببعض الغضب :"لا أريد".
عمار:"علي راحتك! سأجلس أنا".
نفخت وجهي ببعض الغضب فتطاير شعري علي وجهي :"حسناً سأجلس".
عمار ببسمة واسعة:"لست طفلة لارا، كي تتعاملي بهذا الأسلوب".
لارا:" لم أقل أني طفلة أبيه عمار". قلتها بمزاح لكي أضايقه.
عمار :"أبيه في عينك يا فتاة، ابنتي رفق بطول اصبعك".
ابتسمت بمزاح :"حسناً عمار سأجلس، لكن لا تعاملني كحفنة المجانين بالخارج".
عمار بهدوء:"ليسوا مجانين لارا، كل البشر علي الإطلاق مرضي نفسيين".
لارا:" لا اقتنع بوجهة نظرك عمار".
عمار :" في مستشفى الطب النفسي لا يأتينا المرضى، بل ضحاياهم" هذه مقولة جودي بلانكو ونحن كأطباء نفسيين نؤمن بشده بهذه المقولة.هدأت من روعي، فالحق يقال بيني وبين نفسي مقتنعة تماماً أني لست سوية نفسياً.
تنهدت بصوت مسموع فوضع يده أمامي :"نحن هنا".
قلت بصوت مهزوز :" معك عمار، أين فطاري!".
آتت السكرتية من الخارج، أخذ عمار منها الطعام، بعد أن أنهيت فطوري، باغتني. عمار :"هل مازلتِ علي تواصل مع سامر".
نظرت له ولم أعلق.فتحدث هو بنصح :"لارا، أنتِ كأختي الصغيرة، أخاف عليك بشده من هذا المدعو سامر،هذا يسمي درب من الجنون، كيف لك أن تتعلقي بشخص كل هذا التعلق وأنتِ لا تعلمي هويته صوته صورته من أين ومن هي عائلته،كيف تحدثي شخص لثلاث سنوات وأنت لا تعرفي أي شئ يخصه ،حقاً هو يتلاعب بك، اتركيه فهذا الشخص يؤذيك نفسياً بلا شعور منك".
لارا:" تعلم أنني حاولت كثيراً، لكن لا أستطيع تركه، في كل مره أحظره، أنا من تعود له".
تحدث بهدوء:"ما الذي يجعلك متعلقة به كل هذا الحد!".لارا:" يسمعني ".
عمار:" أنا هنا لارا وزجتي حنين، وأمك والسيد كامل، كلنا جوارك".
لارا:"هو غير ياعمار، أشعر به وكأنه اليد التي امتدت لي أثناء سقوطي من الجبل".
كان جسدي قد تعرق بشده، وارتعشت يداي، وقد خارت قواي.تحدث هو:" حسناً لارا لن أضغط عليك، حاولي الآن العودة إلي المنزل".
هل تريدين مني إيصالك!.
لارا :"لا، سأذهب إلي النادي".خرجت من العيادة وأنا اتنهد بتعب، جلست في سيارتي ما يقرب العشر دقائق أحاول استعادة عافيتي.
رن هاتفي وقد كان عمار:"لماذا تقفين أسفل البناية في سيارتك، هل حدث معك خطب ما".
لارا:"أنا بخير صدقني، سأذهب الآن إلي اللقاء".#وهــم
#مين هو عمار!
#مين الراجل إلي بص لـ «لارا» في العيادة
أنت تقرأ
وهـــم (حكاية الضوء المفقود)
ChickLitماذا لوْ كانَ أكثرَ شيئا آمنتْ بهِ هوَ فالحقيقةُ وهم ! ماذا ستفعلُ لوْ علمتْ أنَ مصدرَ الضوءِ التي تحبو إليهِ لمٌ يكنْ إلا نارُ! وهمٍ هوَ واقعٌ تعيشهُ لارا.