في الأيام التالية، أصبح الشاطئ عالمًا صغيرًا خاصًا بهما. كان البحر شاهدًا على أسرارهما، يحمل أمواجه رسائل غير مرئية بينهما. كانت يو ميونغ تعود إلى الرسم بفضل كلمات جونغكوك التي أعادت إشعال شغفها، بينما كان هو يجد نفسه يتحدث عن أحلامه، شيئًا لم يفعله منذ سنوات.
ذات مساء، كانت السماء تتلون بدرجات البرتقالي والوردي بينما يجلسان معًا على الرمال. كانت يو ميونغ تحمل دفترها الصغير وترسم. نظرت إليه فجأة وقالت: "أريد أن أرسمك."
ضحك جونغكوك بخفة، ثم قال: "أنا؟ لا أظن أنني شخص يستحق أن يوضع على الورق."
"أنت مخطئ. ليس الأمر متعلقًا بما تستحق، بل بما أراه أنا." أجابت بثقة.
صمت للحظة، ثم جلس بثبات، يحاول أن يبدو جادًا. "حسنًا، أرني ما يمكنك فعله، لكن لا تضحكي إن لم أبدُ جيدًا."
بدأت يو ميونغ ترسمه، تفاصيل وجهه الحادة، وملامحه التي بدت كأنها تحمل ألف قصة غير مروية. وبينما كانت ترسم، كان هو يتأملها. كيف يمكن لشخص أن يبدو غارقًا في عالمه بهذه الطريقة؟ كيف يمكن لخطوط قلمها أن تعبر عن شيء يتجاوز المظهر؟
بعدما انتهت، أظهرت له الرسم. كانت اللوحة تعكس أكثر من مجرد ملامح. كانت تحمل في تفاصيلها ظل الحزن في عينيه، والشرارة التي بدأت تتوهج فيهما. نظر إلى الرسم طويلاً، ثم قال بهدوء: "إنه... جميل. لكنه أكثر مما أنا عليه."
"بل هو ما أراه فيك، جونغكوك. شخص يبحث عن النور في وسط الظلام." قالت بصوت خافت، لكن كلماتها حملت ثقلًا كبيرًا.
مرت الأيام، وأصبح لقاؤهما في الشاطئ عادة. كان كل لقاء يقربهما أكثر، ليس فقط من بعضهما، بل من ذواتهما الحقيقية. بدأ جونغكوك يستعيد شغفه بالموسيقى، يعزف لها ألحانًا على جيتاره الذي أحضره ذات يوم إلى الشاطئ. كانت يو ميونغ تغني أحيانًا بصوت خافت، كلمات عفوية ولدت من اللحظة.
ذات ليلة، كان القمر مكتملًا، وضوءه يغمر البحر والساحل. كانا يجلسان بالقرب من النار التي أشعلها جونغكوك. نظر إليها وقال: "هل فكرت يومًا في الهروب؟ ترك كل شيء وراءك والبدء من جديد؟"
تأملت السؤال للحظة، ثم قالت: "فكرت في ذلك كثيرًا. لكنني أدركت أن الهروب ليس حلاً. الألم يتبعك أينما ذهبت، حتى تواجهه."
صمت، ثم قال: "ربما هذا ما أحتاج إليه. المواجهة."
نظرت إليه، ثم قالت بابتسامة خفيفة: "لست وحدك في هذا."
تلك الكلمات، رغم بساطتها، كانت كل ما يحتاج إليه جونغكوك. لأول مرة، شعر أن هناك شخصًا يمكنه مشاركته عبء الماضي.
لكن علاقتهما لم تكن خالية من العقبات. في أحد الأيام، وبينما كانا يسيران في السوق القريب من الشاطئ، ظهرت امرأة. كانت ترتدي ملابس أنيقة، ونظراتها تحمل شيئًا من الحيرة والغضب. توقفت أمام جونغكوك وقالت: "لم أكن أتوقع رؤيتك هنا."