* كان الوحيد الذي يسير بخطوات ثابتة متسارعة نسبياً في رواقه الملكي ....على ما يبدو أن مزاجه متعكر اليوم و لاسيما بعد ما جاء من ثغر صاحبة القصر ......التقى في طريقه رئيسة الخدم ...فتنحني له بإحترام شديد تقول بنبرتها التي تخللها بعض لمسات العجز ...* ناهد( رئيسة الخدم ): جلالة الملك مراد ارطغرل ...*رفعت أطراف فستانها العملي من كلا جانبيه تنحني بطريقة ملكية راقية ...فيومئ لها بهدوء دون قول شيء ...و بدلاً من هذا ..باشر في الدخول في صلب الموضوع كون الأمر قد بات في طي الإهمال و لابد له من التعجيل في التنفيذ ....*
: بات القصر فارغاً ...لا أظنك تستطيعين تحمل أعبائه لوقت طويل ...
ناهد: سأفعل ما في وسعي لإبقاء القصر على ما يرام فخامتك ...* توقف عن المسير فجأة ...و راح يستدير نحوها فتسارع الأخرى في النظر أسفلها تتجنب التقاء مقلتيها بخاصته ...*
مراد: اخترت خادمة بالفعل الى متى علي الإنتظار لتنفذي الأمر ؟
ناهد ( بتوتر ) : أ... أرجو ..من جلالتك العفو عني..ل...لم أكن أقصد جعلك تنتظر ...
مراد ( رفع حاجباً ): اذن ؟! ..
ناهد( ابتلعت ريقها ): ك...كنت قد قررت تأجيل الأمر إلى حين عودتك من المعركة ..
* جعل يديه خلف ظهره يقول بينما يكمل سيره نحو جناحه حيث تنتظره عائشة * : أريد كل شيء كما خططت له غداً ...
*لم يكن ليحتاج أن يكمل كلامه ...فناهد أكثر شخص في هذا القصر تعلم ما قد سيحصل ما إن سارت الأمور عكس توقعاته ...لذا و بسرعة انحنت له تودعه و تسارع في تنفيذ ما أمرها به قبل أسبوعين مضيا ....*
👑👑👑👑👑👑👑👑👑👑👑👑👑👑
تجلس كوسم في غرفتها تنظر إلى النافذة المطلة على حديقة مليئة بالورود، حزينة و خائفة من المستقبل،هي لا علم لها أن الملك أرادها أن تكون جاريته الجديدة، هي لا تفهم حتى الان ماذا كان يفعل هنا ولم يخبرها سليمان او خديجه ذلك حتى الان، لم ترى حتى وجهه بوضوح بسبب توترها..لكن ما تفكر به انها لا تريد أن تضيع شرفها، مع أي شخص كان بدون قصة حب و زواج، حتى و لو كان ملك قاسي، دخلت خديجه الغرقة عليها لتلمحها جالسة بهدوء، أشفقت على حالها لتذهب إليها تجلس بجانبها، تمسك يديها الناعمتان لتقول لها: ابنتي الجميلة، أنتي مميزة جدا من بين كل تلك الفتيات قد لا تعلمي هذا لكن انتى تلفتين أنظار الجميع حتى الملك،... نظرت لها كوسم لتقول: أمي أنا لا أفهم ماذا جاء به هنا؟لم اخرج كما قلتي اذاً ماذا يريد؟
، وضعت خديجه يدها على خد ابنتها: لا تفكرين بهذا الان مازلتي صغيرة..أنا لدي عدة أحاسيس جميلة تشعرني أنكي ستجدين سبيلا إلى النعيم و الرخاء، ألا تريدين هذا؟، تنهدت كوسم تنهيدة تعبر عن كل ما يخاجلها، استلقت على فراشها لتغطيها خديجه و تقبلها على خدها و جبينها، لتطفئ و تذهب مغلقتا الباب خلفها تاركتا إياها تنام كي ترتاح من التفكير..........
في صباح يوم الغذ، تستيقظ كوسم من نومها، نهضت و استحمت و ارتدت ملابسها، كروتين يومي اعتادت أن تقوم به كل صباح، دخلت المطبخ لتجد سليمان جالس يأكل الفطور بهدوء،وخديجه تجلس بحزن ذهبت لهم لتقبلهم و تقول: صباح الخير يا أفضل والدين
* لم يجبها سليمان..ليس لأنه لا يريد ذلك ...بدى و كأنه في عالم آخر تماماً ...لدرجة أنه لم ينتبه لكوب قهوته الذي اصبح مائلاً ...اقتربت منه تجلس بجواره على الاريكة ...تقول بعد أن ابعدت كوب قهوته و وضعته جانباً ...و بفعلها هذا كانت قد ايقظته من شروده الغير اعتيادي ...بملامحها القلقة على ما تبقى لها في الحياة ...تردف : ابي ؟ ..ما لي أراك بهذا الشحوب ؟ ...ألم تنم بالأمس ؟ ..هل أنت مريض ؟ ...متعب ؟
* نقل ناظريه نحوها ...يحدق في كل إنش من وجهها ...كانت و لا تزال بريئة ...عيناها اللتان لم تفقدا بريقهما حتى بعد ما قاسته في الماضي من ألم فقدان حنينها ...
...سرعان ما نفى بهدوء ...يبتسم بخفة لتقول خديجه و هي ترفع يديها تربت على خصلات شعرها : أنت تشبهين والدتك تماماً ...ألهذا السبب سقط الاختيار عليكي ؟
كوسم : م..ما الذي تعنيه ؟! ...
*نظرت خديجه لسليمان حتى يكمل فعتدل في جلسته يقابل كوسم ممسكاً بيديها ...يحاول تنظيم كلماته ...يجدر به اخبارها بالأمر ...حقيقة أنها ستفارق عائلتها الليلة ...و هذا الامر لا فكرة لديها عنه و هذا يؤلمه للغاية ...كانت لديها طموحات كثيرة ...و كان من أول الداعمين لها ....لكن ...يبدو أنه سيكون السبب في جعلها تعيد التفكير بشأن حلمها
....تحمحم سليمان بخفة ...يقول بنبرة لطيفة استحسنتها كوسم* : كوسم ... أنت في بداية عشرينياتك ...و أنا فخور بك للغاية صغيرتي ...بتت على قدر كافٍ من المعرفة ...تلك المعرفة التي يملكها الاقلية هنا ...و أنت واحدة منهم و هذا الأمر يجعلني فخوراً أكثر ....و لكن ...شيء واحد لا يمكننا تغييره ...تقلبات القدر المفاجئة ... أنت على علم تام أنه يجب علينا مسايرتها و تحمل الاضرار الناتجة عنها ....كوسم يا ابنتي ... بالأمس تلقيت رسالة من القصر الملكي ... وكان بين طياتها أن تصبحي عاملة هناك...وهذا بعد ان جاء الملك واختارك اصدر القرار
كوسم ( قاطعته ببرود ): خادمة ....لا عاملة ...
* حينما أدرك سرعة فهم كوسم للامور ..بالرغم من حرصه الشديد على جعل الخبر أقل حدة مما هو عليه ...تنهد بقلة حيلة ينزل رأسه بتعابير حزينة كست وجهه ...حل الصمت بينهما ... تعلم كوسم جيداً انه لا خيار ثاني لسليمان الذى تعتبره والدها...و أنه مجبر على تنفيذ كل ما يأتي من القصر الملكي ...
و كذلك الأمر ينطبق عليها ...هذا يعني ... أنها ستضطر الى ايقاف نشاطاتها المتعلقة بطموحها و احلامها..و هذا الامر كالموت بالنسبة لها ...
...شعرت بغصة حارقة توسطت حلقها ...رؤيتها لوالدها بهذا العجز تؤلمها ...لا يمكنها رفض هذا ..لا يمكنها تحطيم والدها ...كما انها على علم بأنه يشعر بألمها ...كل ما في الامر أن المشاعر متبادلة فيما بينهما ......أنزلت رأسها بهدوء تبكي بصمت حارصة على ان لا تهرب شهقة منها ...فتقول بعد وهلة من الزمن ...و هذا بعد ان استرجعت نبرتها *
: ابي ...لو كانت أمي التى ماتت قادرة على الرفض في ذلك اليوم ...لفعلت المثل الآن ... أعلم تماماً الآن الموقف الذي كانت أمي تواجهه ...لكن ...ما باليد حيلة ...يجب علينا التنفيذ ...
*حينما سمع سليمان هذه الكلمات ...رفع رأسه ينظر اليها نافياً ...يعلم جيداً أن ابنته غير راضية على هذا على الإطلاق ...و أن ما سينتج عن هذا مجرد ألم مضاعف ينهش دواخلها و هذا ما لا يريده ....*
: لا يجدر بك فعل هذا ..لا تقلقي يا ابنتي ..سأتدبر الأمر ..سأختلق حجة تبقيكِ هنا ...سأخبرهم أنك مريضة و لا تستطيعين الحراك ...سأفعل أي شيء لبقاءك هنا و تحقيق ما ترغبين به ...
كوسم( نفت باكية ): تعلم جيداً عقاب من يكذب بأمر كهذا ... ابي اريدك ان تعيش جيداً ...لا اريد ان اكون السبب في ألمك أنت أيضاً ...
* ربتت على كتفه تحاول مواساته ...أو لا تدري إن كان هذا الصواب ..فهي في حاجة الى من يواسيها أيضاً ...*
👑👑👑👑👑👑👑👑👑👑👑👑👑👑
في المساء ~
* تتوقف العربة الملكية امام منزل السيد سليمان...و قد كانت كوسم تقف بالقرب من المدخل تنتظرهم
...حينما توقفت ..استدارت نحو سليمان وخديجة
..و التي بالكاد تتوقف عن البكاء ...فتدخل في آخر أشد حدة ...و هذا آلم الكبرى كثيراً ...تقدمت نحو روز احد اطفال الضيعة التى تحبهم تنزل لمستواها
...تحاول كبح بكائها هي الاخرى ...يجدر بها أن تتحلى بالقوة على الاقل لأجل من سيفتقدونها ...
...قامت بإحتضانها بقوة تقول بنبرة مهتزة *
: سأعود ...أعدك أنني سأفعل ...
روز( ببكاء ): انتظرك ..لا تتأخري ...سأخرج كل يوم و انتظرك امام المنزل حتى تأتين ...
* قضمت على شفتها السفلية تومئ لها بهدوء ...و لكي لا تزيد وقع الألم أضعاف ...وقفت من مكانها بسرعة تلتفت نحو والدها ...فتودعه بإحتضانه فيصبح بذلك آخر لقاء بينهما ...
..في هذه الاثناء ...تسمع صوت أحدهم ينادي بإسمها من بعيد ...فتستدير و تلمح جوليا تركض بأقصى سرعتها بإتجاهها ... صديقته الوحيدة والمقربه
...ما لبثت أن تراها بوضوح حتى تجد نفسها بين احضانها تشد عليها بقوة ...لم تتحدث و لم تفعل هي الآخر ..ظلت تحتضنها بقوة تربت على ظهرها ...
..الى ان قالت بنبرة مرحة تلطف الاجواء بينهما و تزيل جو الكآبة الذي يحيط بينهم *
كوسم : ليس و كأنني سأذهب للموت ...
جوليا : لكنك ستحكمين علي بالموت ...بمغادرتك ...
كوسم: م..ماذا ؟! ..
* ابتعدت عنها تكوب وجهها بيديها تقول و القلق سيطر عليها تماماً * : لا تفوتي وجباتك ...لا تتعبي نفسك كثيراً ..اذا كنت تشعرين بالتعب او الارهاق لا بأس بأخذ قسط من الراحة ...تابعي طموحك لا تجعلي الجميع يوقفك عن تحقيق حلمك ...
و أيضاً ...لا تنسي زيارتنا ...إن فعلتى فسأقتلك ...هذا وعد مني ...
كوسم ( أومأت مبتسمة ): أعدكم جميعاً أنني سأزوركم يوماً ما ...و سأراسلكم كل يوم للإطمئنان عليكم ...
* حينما قالت هذه الكلمات ..كانت قد اراحت نفس جوليا ..فتتنهد براحة و ترتخي كتفيها مصاحبة بإبتسامة خفيفة ...
...و هنا ..ابتعدت عن الجميع بهدوء ..تصعد على متن تلك العربة ...فتعلن عن انطلاقها بإتجاه القصر ...مبتعدة بهذا عن انظار من تحبهم ...فراحت تتساءل ...أي نوع من الايام يخبئها لها القدر في ذلك المكان الذي لم تراه من قبل ؟ ..*
* كانت قد سارت العربة لمدة طويلة ..ما جعل من كوسم تغفو دون ادراك منها ...لكنها سرعان ما تستيقظ منتفضة فور أن توقفت الاخيرة ..فركت عينيها بعفوية ما بعد النوم ...فيفتح باب العربة أثناء قيامها بذلك ......التفت بإتجاه المخرج ...و راحت تنزل منها بهدوء تلقي نظرة على هيكل القصر و الذي بالتأكيد قد جعلها تعيد التفكير بشأن كيفية تأقلمها في هذا المكان ...
أنت تقرأ
عشق السلطان "sultan'ın aşkı"
Historical Fictionلم يزل سحر الشرق وغموضه الآسر يثير خيال كل من اقترب منه.. الحرملك العثماني عالم ساحر مليء بالفتنة والإغواء والجمال، عالم الترف والغنى والثراء، عالم افتتن فيه سلاطين وملوك وأمراء وشعراء وأدباء، هذا العالم الغامض أثار حوله الكثير من القصص والروايات بع...