[ العبث الثالِث]
_رُكاب سفينة نوح
• عنوان الفصل / ذاك الغريب.
•-" لا يُمكِن وصفه أنهُ يُعاني مِن نوبات جنون، ما بِداخِلهُ ليست نوبات غضب بل بُركان محموم.. نيرانهُ مِن الجحيم، كُلما تُذيب جلود جسدك تُعاد كما كانت وتذوب مُجددًا، وفي كُل مرة تتجرع ذات الألم، حتى الموت لن يُنقِذك مِنهُ.. ذاك الغريب، المُتسِم بالهدوء، عيناهُ مسمومة بظلام دامِس، ظلام أكثر دكانة مِن السواد "
المكان: مبنى رمادي مِن ثلاث طوابِق أعلى مُرتفع.
التوقيت: الثامِنة ليلًا.برودة الشتاء كانت كفيلة تخلي التكييفات مقفولة في الدور الثاني من المبنى دا، سجاد أنيق باللون الرمادي الفاتح والغامِق، كنب جِلد إسود.. ومقاعِد مُريحة متوزعة في المكان، طاوِلة بلياردو بجوار الزُجاج اللي بيطُل على الخارِج، سماء! وصمت
عدا صوت محمد مُنير اللي بيصدح مِن مُكبرات الصوت في الدور دا
بأغنيتُه المُحببة لقلب نوح:
« مانيش أخِر حبيب يدخُل مدينتك، ولا هتكوني يوم أخر حبيبة.. دا اللي إنكتب مفروض يا عنقود العِنب
دا عينيكي دول مرايات مرسوم أنا فيهُم، يا ضيعة الحكايات عـ اللي إنكتب فيهُم "
على باب الدور دا المُصفح، واقِف إتنين من الجاردز، لابسين بِدل رسمية وجوانتيات جِلد سوداء، وماسك على شكل أرنب لونه إسود..
واقفين زي الأصنام مبيتحركوش..
خرج نوح مِن المطبخ وهو ماسِك كاس، لابِس بُرنص إسود وشعرُه مبلول.. مسك ريموت من الريموتات اللي محطوطة وفتح بيه كاميرات مُعينة، شاشة كبيرة متقسمة لكذا قِسم، ظاهر فيها بيت عزيز.. وبيت أمير، وبيت عيسى، وقسم الشُرطة، وييت نوح شخصيًا الفاضي، وعيادة الدكتور اللي إتقـ| تل.
قطم نوح تُفاحة من طبق الفاكهة اللي قُصاده وهو بيبُص للشاشة وبيضيق عينُه، بقية تقسيمات الشاشة كان بيت خالتُه، وبيت خالُه..
نوح وهو بيقطُم من التُفاحة وبيمضُغها قال للجارد اللي واقف على الباب: هشام رجع ولا لسه برا؟
الأرنب بطاعة: رجع يا باشا، بيغسل نفسُه من د| م الدكتور.
بلع نوح اللي بياكلُه وقال ببرود: زمان الد| م نشِف، متبقوش خرعين وتخافوا مِنُه كِدا
الأرنب وهو باصص قُدامُه كإنُه جُندي: إحنا تحت أمرك يا باشا.
قام نوح وهو بيقول بصوت عالي كإنُه زعيق: رائِد.
سمع صوت خطوات بتجري من الجهة التانية، جِه قُدامُه واحِد لابِس إسود بس ماسك أرنب أبيض وقال بطاعة: أمرك يا باشا.
نوح وهو بيمشي: إقعُد راقِب الكاميرات إنت.
قعد رائِد وهو بيبُص للشاشة، قرب نوح مِن الباب المُصفح وحط بصمة إيده، إتفتح الباب والجاردز واقفين زي ما هُما، دخل نوح وإتقفل الباب تاني..
كان بعد الباب في سلم، بيطلعُه على الدور اللي فوق.
وهدوء تام صوت منير إختفى تمامًا بمُجرد ما الباب إتقفل، وصل للطابق الثالِث والأخير في المبنى دا، حط بصمة إيدُه التانية فـ الباب المُصفح إتفتح، دخل نوح كان في إتنين جاردز زي اللي تحت بالظبط واقفين على الباب من جوة.. الوضع في الطابِق دا كان مُختلِف تمامًا
الحيطان أبيض في بيبي بلو، السجاد كان باللون الأزرق الفاتِح، والمقاعِد والكنب أوف وايت.. اللوحات اللي متعلقة على الحيطان كانت عبارة عن لوحات عن البحر، والأحصِنة.
وفي الطابِق دا كان مُكبرات الصوت صادِح مِنها صوت موسيقى البيانو: Mozart-moonlight sonata.
الطابِق الثالُث كان عِبارة عن مكان واسِع، فيه غُرفتين بـِ جانِب بعض.
إتحرك نوح ناحية الغُرفة الأخيرة، وفتحها..
الغُرفة كانت باللون الذهبي الراقي المُنطفي، والأوف وايت، أثاثها بسيط ورقيق خلاها غُرفة راقية.
على السرير كانت قاعدة رفيف، وشها أصفر، عروقها الزرقا ظهرت في كفوف إيديها وتحت عينيها، وحواليها ثلاث طاولات من الأكل، الأكل عليهُم زي ما هُما
كانت لابسة فُستان بيتي أبيض حرير، وشعرها الطويل مفرود على المخدة حواليها، وبطنها مُنتفِخة هي ورجليها.
وبتجِز على أسنانها بعجز، بص نوح للغُرفة حواليه بعدين عينيه ثبتت عليها فـ إبتسم إبتسامة صفرا وقال: كدا مأكلتيش؟ ينفع يعني؟ جايبلك فراولة وجمبري وأفوكادو وصوصات عشان تفتح نفسِك، طب كُلي بطيخ حتى دا من غير بِذر!
رفيف بـِ رِقتها المعهودة قالت بصوت تالِف من التعب: زيك تمامًا من غير قلب.
ضحك نوح ضحكة قُصيرة وقرب من اللي هي ممدة عليه، فـ بدأت تتأوه لإن رجليها وارمة وبطنها كبيرة حركتها صعبة، ودت وشها الناحية التانية وهي بتقول بنبرة مُرهقة: إبعد عني، إوعى تقرب مني.
نوح لمس خُصلات شعرها وهو بيقول: فاكرة لما كان حُضني بيطمنك؟ أبعد عنك إزاي وإنتِ حامِل مني وقربتي تولدي أهو.
رفيف بتعب وغيظ: مش هولد وأكمل نسلك.
نوح بضحك: هتبلعيه ولا إيه؟ فوقي وإعرفي إنتِ متجوزة مين ووضعك إيه، ومُستقبلك ومُستقبل عيالك عامِل إزاي.
قام من جنبها وهو بيقلع البُرنص عشان يلبِس بدلتُه، رفيف عينيها لمعِت بدموع وقالت: مُستقبل مشوش، ضباب.. د| م.
لبس نوح البنطلون وهو بيربُط حزامُه قال: إنتِ هتستهبلي؟ دا على أساس لما إتجوزتيني مكونتش متلطخ بالد| م؟
رفيف بحسرة: متوقعتش تخون عيلتك وصحابك، وتخذلهُم.
لبس نوح قميصُه وقال: إوعي عقلك يصورلك إنك هترجعيلهُم وتسيبيني، إنتِ مصيرك مربوط بمصيري، عندهُم أنا وإنتِ مفقودين وبيدوروا علينا، أما بالنسبة للي في بطنك هتولديه، وهقربلك تاني، وهتخلفي كمان..
عايز منك عشر عيال، مراتي حقي ودا شيء طبيعي، أنا بالفعل عاوز منك نسل.
رفيف بعياط وصويت: يا مريض يا مُختل، حد يخررررجني من هنااا، حد يساعدني بموو| ت.
شاور نوح بصوباعُه على برا وهو بيقول: الميوزيك دي جميلة أوي هتساعدك تسترخي وتاكلي، عايزك تتغذي كويس، لو طلبتي لبن العصفور هجيبهولك، المُهم عيالي يطلعوا جامدين زي أبوهُم.
خرج نوح من أوضتها فـ رفعت راسها وبصت للسما وقالت: يارب لا، يارب لو إتولدوا يطلعوا صالحين، كويسين، متقيينك يارب، كافيين الناس شرهُم.. سامحني يارب أنا غلطانة، غلطانة إني سكت عنُه وكملت معاه لما عرفت حقيقتُه، غلطانة إني حبيتُه، يارب يتعالِج بعيد عني ويطلقني، يارب خرجني من هناا.
كملت عياط فـ حست بألم شديد، وبدأت تصوت أكتر.
نوح بعد ما خرج من أوضتها نادى البنات من الاوضة التانية اللي هي أوضته اللي كانوا بيرتبوها، خرجوا وقالوا بطاعة: إحنا تحت أمرك.
نوح وهو بيكمل يقفل أزرار قميصُه: المدام رجليها وارمة خدوا الكريم بتاع التدليك وإعملولها مساچ، ولو عضتك زي المرة اللي فاتت عرفيني.
راحوا على أوضة رفيف، مسكت واحدة قُطنة ومياه ورد وبدأت تمسح وش رفيف، والتانية حطت كريم التدليك على رجليها وبدأت تدلكها، الثالثة كانت بتسرحلها شعرها.
رفيف بضيق وهي مكشرة وباصة للسقف: أنا مش جُثة عشان تسرحولي شعري وتمسحوا جسمي بالقُطن.
البنت بهدوء: دي أوامر الباشا.
إتعدلت رفيف بالعافية وهي بتتألم وقالتلها: طب طمنيني على أختي حتى، أرجوكِ ساعديني، إنتِ بنت زيي أكيد حاسة بيا.
البنت مردتش عليها، فـ كملت رفيف وقالت بإستعطاف: حُطي نفسك مكاني!
البنت بإبتسامة: صعب، المكانة اللي حطك فيها نوح باشا لا حط فيها حد قبلك ولا حد بعدك، إنتِ أم ولاده.
رفيف بعياط: دا خاين، ليه الناس بتعظم في الخاينين وبيحترموهم أوي كدا.
أنت تقرأ
' العبــث الأخــيــر' \رُكاب سفينة نوح/
Actionالجُزء الرابِع مِن سِلسلة تنهيدة عِشق، يُعرض في الأول مِن ديسمبر🔪