الصفحة 15 :
كان بطل معركة شقحب شيخ الإسلام ابن تيمية، كما كان بطل عين جالوت هو سلطان العلماء العزّ بن عبد السلام، لأن اللسان الصادق يصنع ما لا يصنع السنان الصائب إن كان ينطق عن إخلاص لله ملأ قلبه، يخاطب أقواماً ملأ الإيمان قلوبهم. فهاتوا أمثال الشيخين تروا النصر إن شاء الله؛ فما ذهبت عزة الإيمان من نفوس المسلمين ولكن خبت نارُها فهي تحتاج إلى من ينفخ فيها.
وفي الصفحة 17 :
مالي نسيت الحقيقة الكبرى التي ما انقطعت يوماً عن ترديدها، ما كَلّ منها قلمي ولا ملّ منها لساني، الحقيقة التي يرددها معي كل مؤذّن على كل منارة وكل تالٍ للقرآن ما بين بغداد وتطوان، بل ما بين أمريكا واليابان حين يقرأ قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10] أخوّة ربطت عقدتها يدُ الله فلن تحلّها يدُ بشر، أمة واحدة بنص القرآن الذي هو دستور السماء فلن تصير أمماً ولو اجتمعت دساتير الأرض على تفريقها.
وفي الصفحة 65 :
أنا أفكر من قديم في أمر نراه دائماً ولا أعرف له تعليلاً: لماذا يضيق أحدنا بالزمان إذا لم يجد ما يقطعه به؟ لماذا تثقل عليه ساعات الفراغ؟ لماذا يملّ الانتظار؟ لماذا يكره أحدنا أن يخلو بنفسه؟ هل نفسي عدوّ لي أشتغل عنه دائماً بقراءة كتاب فلماذا أقطع عمري بما يشغلني عن مراقبته والتفكير فيه؟ لقد وجدت الجواب: إنه ضعف الإيمان، ولو كنت كما ينبغي أن أكون لأنست في خلوتي بالله ولم أضق بالوحدة ولا كرهتها، ولمّا أضعت لحظة في حياتي (التي سيسألني الله عنها) في غير ما ينفعني عنده يوم العرض عليه. ولكن يا أسفي! ما عندي إلا الكلام ورجاء العفو من الله.
و الصفحة 221 :
هل تستطيع الأسلاك الشائكة من الحديد والأسوار القائمة من الحجر أن تردّ الصاروخ إذا انطلق؟ إن المسلمين إذا استيقظ في قلوبهم إيمانهم وعادت إليهم صلتهم بربهم وثقتهم بأنفسهم سيكونون أقوى من هذا الصاروخ، وإن كانت الصواريخ تنطلق للإفساد والتدمير فهم سينطلقون ـ إن شاء الله ـ للإصلاح والتعمير. وهذا ما يخشاه عدّوكم؛ إنهم لا يخشون شيئاً إلا أن تنتبهوا من غفلتكم وترجعوا إلى وحدتكم وأن يستيقظ في قلوبكم إيمانكم، إنهم والله لا يخافون عددكم ولا عُدَدكم ولكن يخافون قرآنكم أن تتدبروه وأن تعملوا به هذا الذي يخافونه، هذا سلاحكم.
الصفحة 240 :
إن الضعف ليس عاراً ولكن الجبن هو العار، ونحن ضعاف ولكننا لم نجبن أبداً ولا نعرف ما هو الجبن. نحن مغلوبون على أمرنا ولكنّا لم نذلّ أبداً ولا ندري ما هو الذل، إننا نعرف كيف نموت كِراماً إذا نحن عجزنا أن نعيش كراماً.
الصفحة 335 :
يا ليل: يا ملجأ البائسين يا سمير العاشقين، يا حبيب المتعبد الناسك، يا عدّو المريض المتألم الحزين. ياليل ياليل، كم يُخفي ظلامك من مشاهد البؤس ومظاهر النعيم! يا ليل: كم تضمّ أحشاؤك من آلام وآمال، كم تشهد من أفراح وأتراح، كم يتمنى لقاءك السعيد الجذلان وكم يرقب فجرك ضائقٌ حزنان! كم بين جوانحك من ساهر يراقب النجم، يرقب حبيباً لن يعود أبداً، أو يناجي ميتاً لا يسمع، أو يحنو على مريض لا يشفى، أو يشكو والحياة لا تسمع شَكاته! يا ليل، يا رمز السرمدية، يا حليف المسرات يا قرين الآلام!!!
الصفحة 178 :
فيا أيها الشباب، عليكم بالرياضة فهي قوة، والقوة زينة الرجال: قوّة الجسم، وقوة العقل، وقوة الإيمان. وهي أوسع أبواب التسامي بالميول عن الغوص في حمأة الشهوات، وهي أفضل ما يملأ الأوقات بعد أداء حقّ الله بالعبادة وحقّ العقل بالدراسة. والرياضة إن خلت من المحرمات كانت أشرف ما يشتغل به الشباب.
و اما في الصفحة 262 :الجنازة هي مقياس حب الناس للإنسان، لا أن يحفّوا به في حياته حين يُرجى خيره ويخشى ضره. إنه لا يمشي في الجنازة إلا من يدفعه الوفاء ومن يرجو لنفسه وللميت الثواب..
أنت تقرأ
ذكريات علي الطنطاوي..
Non-Fictionنظرة الشيخ للحياة نظرةإيجابية كلها تفاؤل، وكلماته جميعُها حكم، والشيخ بلا شك معروف عنه بكتاباته وكتبه التي أثرت المكتبة العربية. ....................