ذكريات الجزء الثاني..

219 5 1
                                    

الجزء الثاني -  الصفحة 129 قال:

إن الإنسان مفطور على الحنين إلى ماضيه من ينسى الأمس وهو أبو اليوم، كما أن اليوم هو أبو الغد؟ لذلك تحرص الأمم على آثارها هي بقيّة الماضي، الماضي زمان ومكان وأحداث وناس وقد ذهب الناس فلا يرجعون، وانتهت الأحداث فلا تُستأنف، والزمان الذي تصرّم لا يعود، فلم يبقَ إلا المكان وما فيه من أشياء. فإن اعتنينا بالآثار فنحن لا نعبدها ولا نقدّسها؛ ضلّ من يقدّس تراباً ويعبد حجراً، ولكنْ نذكر فيها ماضينا، أي ننظر إلى أنفسنا في أمسنا.!

و من الصفحة 216 :

تاريخنا القريب كتاريخنا البعيد، كالغابة المزدحمة بعمالقة الأشجار، تختلف في أنواعها ولكن تتفق في رسوخ أصلها وضخامة جذعها وامتداد فروعها وطول عمرها. إنه أخصب تاريخ في الدنيا وأحفله بالعظماء، ولكن عيبنا أننا لا نعرف تاريخنا ولا نقدّر عظماءنا، ونتسابق إلى اقتناء الزجاج من عند غيرنا ونزهد بالألماس الذي تفيض به خزائننا. فيا أيها الشباب، لا يخدعكم زجاج غيركم عن حُرّ جواهركم!

و في الصفحة 347 قال:

أحبَّ ولكن لا تنسَ دينك ولا رجولتك في حبك. ابقَ رجلاً، انتصب قائماً على قدميك وشدّ عضلاتك وقُل لمن تحب (بالحلال): تعالي! لا أن تجيئها خاملاً متهافتاً ضعيفاً، تجثو على قدميها وتقول لها من خلال دموع الضعف في عينيك: أنا أحبك! إن المرأة لو خيرت لما اختارت إلا الرجل القوي في جسده وفي روحه، الذي يعمل على تحقيق أمله في مستقبله. أمّا الرجل الأصفر النحيل البائس اليائس الميت من قبل الممات، فماذا تصنع به؟ هذا يحتاج إلى ممرضة لا إلى حبيبة!!!

وقال في الصفحة 365 :

إن الهرّة إذا حُبست وضويقت انقلبت لبؤة، والبركان إن سُدّت فوهته كان الانفجار، والشعب إذا استُذِلّ ثار، والنار ولا العار، وللشهداء عقبى الدار.


الصفحة 375 :

إن لم يرَ البائسُ الفرح في الدنيا، فما الدنيا؟ أيام معدودة، وإن الحياة الباقية لهي الحياة الآخرة، وهنالك يعوَّض المظلوم تعويضاً يرضيه، ويرى الظالم ما قدَّم لنفسه..


ذكريات علي الطنطاوي..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن