.
.
.
.
.
أنطلقت سيارة أجرة بسرعة جنونية ، تحرق المسافة الفاصلة بين المستشفى و بيت عائلة موريان ..
من يرى قطرات العرق المنسابة من جبين العم ستيفان سيعرف أن ثمة أمر ليس على مايرام !!استقرت السيارة امام مدخل المستشفى ، قفز تامبي الذي طالما كان العينين الفطنتين لجده الأعمى ، ألتقط ذراعه و سار به داخل الاروقة والممرات حتى وصل الى ركن قصي بجانب النافذة في غرفة تتشاركها اربعة اسرة ، وقف ستيفان امام الطبيب بجانب أندرية ممدداً فوق السرير بغيبوبة تامة ، سئلة بصوته الكتوم :
- ماذا حصل أيها الطبيب ؟! ما المشكلة في السيد اندرية !؟
اشاح الطبيب رأسة ناحية اوراق في يدة ، اخذ نفساً خفيفاً ثم اطرق بالقول :
- صحته تتحسن بشكل جيد ، أيام معدودة و سيستطيع الخروج ، لكن ...
تقلص صوت ستيفان بحرص :
- لكن ماذا ايها الطبيب !!؟.
- لكن يبدو انه فقد جزء من ذاكرته !!.***********
في طريق العودة للمتجر ، لم يستطع ستيفان النظر لعبرة مخنوقة ابت الخروج من بلعوم تامبي ، لكن بقلبه و معرفته لشخصية حفيده فهو متأكد أن الصغير يمر بحالة حزن شديدة ، فهو بالتأكيد لايرغب ان يرى جوان تتألم أكثر من هذا ، بمجرد تخيله لردة فعلها حين تعرف ان اخر مايتذكره والدها هو ليلة زواجه من والدتها يصاب بالخيبة ، تمتم تامبي و هو غارق في وشاحة :
- هل ذلك حقيقي!؟ السيد اندرية لن يعترف بأن جوان ابنته !! .
هز ستيفان رأسة بقلق و وجهه يتجه للأمام ، لايرى اي لون و لا حركة ، حتى انه لم يستطع تمييز السواد الذي يراه الشخص العادي و هو مغمض العينين ، يُخيل اليه طبيعة الحياة الغامضة لجوان ، هل ستظل تركض ام انها ستتقوقع على نفسها وترثي حالها !! .الساعة 11:00 قبل الظهر
تجلس جوان في متجر موريان تستلم طلبات الزبائن ومن امامها صديقتها لورا التي خرجت لتوها من الجامعة ، صديقتها التي قضت معها افضل سنين حياتها ، منذ اليوم الذي دخلت فيه للمرحلة الاعدادية حتى نهايتها ، لكن شتان بين الحالتين ، عائلة لورا تُعتبر من الطبقة المخملية لذا كان امر دخولها لكلية الإعلام أمراً سهلاً ، بعكس جوان التي انتهى بها الامر تبحث عن وظيفة لتعين والدها بعد وفاة والدتها .طأطأت جوان رأسها بيأس يتخلله الضجر بعد أن انهت من سرد ماحدث معها منذ لحظة دخول والدها للمستشفى حتى وقعت في حيرة اختيار الوظيفة ،
ضربت لورا بكفها طاولة الخشب التي تفصلهما عن بعض ، افصحت عن مشاعر حماسية :
- هل جننتي !؟ يبدو ان رأسك مليء بالهواء !! ماذا بعد ان تكوني مربية اطفال ؟ هل ستخرجين بشهادة ؟ هل ستضمنين دخلك المالي لبعد عشر
سنوات او عشرين سنة !؟ .تسمرت نظرات جوان ناحية صديقتها ، لا تعلم ذلك السر الذي يجذبها الى ان تكون مربية ، لكن عقلانية لورا ايقظت الدماغ النائم الذي في رأسها :
- معك حق لورا ، لكن لم اكن افكر سوا بالطفلة المريضة ، و من اجل ثقة العم ستيفان بي يجب ان لا اخذله .
أنت تقرأ
وَردٌ و رَمآد ..،
Randomلمّ تَستطعِم معنَى العَائِلة الحَقيقية .. لم تتذوق شَغفَ الفتيَات مِمن هُن في عُمرِها .. تَجَرعَت مِن مَرَارة الفقّر حَتى ارّتوَت .. خلَعَت قلّبهَا و صَنعَت مِنهُ ارِيكَة نَاعِمة لِوالدِهَا العَاجِز عَن العَمل.. غزَلت مِن اصَابعِها و عَقلِها لتَوف...