بزغ فجر الأثنين بارداً يُنذر بفصل جديد للشتاء ، الأحياء الفقيرة هي الأكثر تضرراً فلا اسقف تتحمل المطر ، و لا اغطية تقيهم البرد .. منهم من يزداد قلبه دفئاً ، ومنهم من يتصلب كالجليد..
شمعة ذابله ، كوب قهوة فارغ على منضدة خشبية متشعرة الزوايا ،
لا زالت جالسة فوق سريرها منذ ليلة البارحة ، تستند على وسادة قديمة تغيرت ملامحها بفعل عوامل كثيرة ،
بيدها قلم حبر رخيص تفرك به ذقنها مندمجة في مراجعة مقالة يجب ان تكون جاهزة قبل الساعه الثامنة بعد تهديد مديرها بالطرد.. يكفي انه قَبِل توظيفها بدون شهادة جامعيه.
بياض بشرتها كالثلج .. وجنتين بلون الفراوله بداية نُضجها و ذقن رفيع كحبة الكرز .. عينان بلون الفيروز.. شعر طويل كستنائي بلمسة ذهبيه مخطوفة اعتادت ان تربطه على هيئة ذيل الحصان رغم تمرد بعض الخصلات المنسابه على جبينها و اذنيها . .
اشاحت بنظرها نحو ساقها العاريه نتيجة تساقط بعض رذاذ المطر من النافذة المفتوحة بجانب السرير :
-" اشتقت إليكِ ايتها الشمس".
همست فتاة التاسعة عشر قبل ان تقف بطولها المتوسط مرتدية شالاً صوفياً امام نافذة خشبية:
- "هذه الغيوم لا تريد الرحيل!! "
اغلقت النافذة قبل ان تباشر في تبديل ملابسها ، تابعت بصوتها المسموع رغبة في تبديد الصمت :
- الساعه تُشير إلى السادسه و النصف..لقد انتقلنا لهذا المنزل منذ اسبوعين فقط.. الطريق سيأخذ مني نصف ساعه لأصل لمقر الصحيفه ، يجب ان استعد باكراً عن المعتاد .
فُتح الباب كقنبلة على غير العادة ، ظهر من خلفها رجل مُجعّد البشرة هزيل الجسد بعينين كأنها للتو رأت كابوساً ، اردف محاولاً التقاط انفاسه:
- جوان!!!!!! اهربي!!!! ...
اتسعت عينيها !! حاولت استجماع حبيبات من الجرأة لكن اصوات طرقات الباب الخارجي القادم من الطابق الاسفل اخرستها تماماً !!
" اندريه اعدّ لنا المال!!! "
" اريد مالي ايها العجوز المعتوه "
" اندريه نحن نعلم انك هنا مامن مخرج "
" سنأخذ حقنا منك بالقوه!! " .
نطقت جوان بصوت مبحوح و كأن صوتها سُرق منها:
- لكن... ابي!!! سيؤذونك !! .
قاطعها بحنق وهو يـحكم إغلاق الباب خلفه :
- لقد اتفقوا ليجبروني على تسديد الديون هذا اليوم ، لو بعت نفسي لما استطعت الحصول على نصف الدين .. الاوغاد لقد اكتشفوا مكان البيت!!!!
أنت تقرأ
وَردٌ و رَمآد ..،
Acakلمّ تَستطعِم معنَى العَائِلة الحَقيقية .. لم تتذوق شَغفَ الفتيَات مِمن هُن في عُمرِها .. تَجَرعَت مِن مَرَارة الفقّر حَتى ارّتوَت .. خلَعَت قلّبهَا و صَنعَت مِنهُ ارِيكَة نَاعِمة لِوالدِهَا العَاجِز عَن العَمل.. غزَلت مِن اصَابعِها و عَقلِها لتَوف...