بعد مرور شهر من وفاته °10:5 pm
ذات ليلة بينما كنت أجلس مقابل النافذة أنظر لسواد الليل الحالِك تذكرتُ والدي ، وتمنيت لو أنني أستطيع رؤيته في السماء كما في القصص الخيالية .. وكنت أتعمق النظر فيها ظنا من أنني سأراه ينظر إلي ويحدثني .. كم اشتقت إليك .. كم أتمنى رؤيتك وعناقك وتقبيلك وشم رائحتك .. وهذه القلادة التي أهديتني إياها سوف اعتني بها أكثر من روحي ، وأخذت أُقبلها .. أتمنى لو أن باستطاعتي التحكم بالزمن لكنت ........ .. .
قطع تفكيري صوت طرقات الباب :
- مـن ؟ " سألت "
- مرحباً " هديل " .. أيمكنني الدخول ؟ " قالت صديقتي هاندا "
- بالطبع يمكنكِ ذلك . " أجبتها ببرود وعيناي تحدق في السماء "
- اممم.. ماذا كنتِ تصنعين وحدك ؟
- لاشيء كما ترين .. الوحدة تقتلني تدريجيا .
- !! ماذا تقولي ؟ أي وحدة تتحدثين عنها ؟ ثم أنتِ لستِ وحيدة ، امكِ وأنا بجانبك و سنظل دائما معك ..
- أنتم معي ولكنني لست معكما ، لم أعد أشعر بأنني حية .. لقد فقدت كل شيء بفقد والدي ..أصبحت الحياه مظلمة في عيناي ولم يعد لها قيمة ، أدركت الأن بأنني أفقد أعز الناس لقلبي تدريجيا .. بالأول " آدم " والأن والدي ، ولاأعلم من سأفقد من بعدهما .. أصبحت أكره هذه الحياه لدرجة أنني أتمنى أن تكون إنسان كي آخذ حقي منها وأسحقها ..- أنتِ مخطئة ، الحياه ليست كما قلتي ، هذا ماقُدِّر لوالدك وكُتب له.. يلزمكِ الرضا بقضاء الله ..
و لاتقفلي الأبواب التي مازالت مفتوحة.. الحياه مليئة بالمفاجئات .. والمثل يقول ، " يومٌ لك ويومٌ عليك " .. لاتفقدي الأمل بالحياه ولاتستسلمي لها ، كوني أقوى منها .. تحملي وتجاوزي الصعاب .. أنتِ الأن في مِحنة ويجب عليك أن تصمدي ، نعم .. حزنتي أشد الحزن على فراق والدك ، ولكن ..ما شأن دراستك التي أصبحتِ متكاسلة ومتهاونة فيها .. دراستكِ هي مستقبلك ، أنسيتي بأنها آخر سنة ؟ تحملي بقي بضعة أشهر وسنتخرج .. أرجوكِ ، أنتِ الأن أصبح لديك مسؤوليتان ، أنتِ ووالدتك ، يجب أن تنسي الماضي ، أيعقل أن تبقي على هذا الحال طوال العمر ، وحيدة ، وتجلسين بقرب النافذة وتحدثين نفسك ،
نهاية المطاف أؤكد لكِ بأنكِ سوف تموتين ملل قبل أن تموتين حزن ..- أتعلمين ماذا كان آخر حوار بيني وبين والدي ؟ ، كان يحاورني بشأن دراستي .. 'وقال لي' : لاتعلمين في أي لحظة قد أرحل عن هذه الدنيا ، دعيني أرحل وأنا مطمئن عليكي وعلى مستقبلك .. أنا أثق بأنكِ سوف تجتهدين في دراستك وعلمك وسوف أرفع رأسي بك .. عديني بذلك ...
لمْ يكن لدي أدنى فكرة لمَ يقول ذلك ؟ لمَ لم يغضب علي ؟ لمَ ذكر بأنه قد يرحل فجأة ؟ أهو كان يشعر بذلك ؟ ' ثم انهمرت ببكآءٍ عميق '..
' اقتربت "هاندا" واحتضنتني وأخذت تربّت على ظهري وتقول ' :
- هذا مصير والدك ومصيرنا جميعا .. ليت بكآءكِ يرجعه ولكن غالبا مانحتاج للبكاء بكثرة كي نخفف آلام تكمن بداخلنا .
أخذتُ أمسح دموعي التي امتلئ وجهي منها .. ابتعدت " هاندا " لتجلس بجانبي ،' ثم تقول' :
- حسناً.. وهل قطعتي وعداً له ؟
- نعم ، وعدته بذلك .. ' أجبتها بعد لحظات '
- حسنا إذن .. بما أنكِ وعدته سوفــ....
- أعلم ي "هاندا " بالذي سوف تقولينه ، وأنا راجعت نفسي بعدما ذكَّرتِني بوصية والدي .. أظن بأنني .. سأداوم من الغد .
' قفزت "هاندا " إلي وأخذت تعانقني بفرح وتقول ' :
- لقد نجحت لاأصدق ذلك ، لم أكن أتخيل بأنكِ سوف تقتنعين من كلامي ، وستعودين لدراستك من جديد ، لقد أزحتي همي ،حقاً أشكرك.
- حسناً حسناً "هاندا " ابتعدي قليلاً .. أنا من يشكرك لأنكِ أزحتي همي وَحفَّـزتِـني لأعيش من جديد ، وكلامك حقاً مقنع ، يجب أن أتحمل ماأواجهه وما سأواجهه لأنه أصبحت لدي مسؤوليتان من بعد رحيل أبي ..
- نعم ، بالضبط .. أظن بأنني اكتفيت بهذا القدر من الحديث وتأخرت ، يجب أن أعود للمنزل ، ولكن لحظة .. من هو " آدم " لم تحكي لي عنه من قبل ؟
- إنه صديق قديم لي .
- حسناً .. لاتنسي بأنكي سوف تعودين من الغد اتفقنا .
' ثم عانقتني وذهبت '
أنت تقرأ
° لأنـه الــقدر °
Randomبدآخل كل فتاه خوآطر..وأمآني.. لو علِم أحد بها لقال: كفآكِ توهمات من المستحيل أن تحدث!! أوَلسنا مؤمنين بأن مايحدث لنا "قـــدر" !! إذن من يعلم؟ ربما شيء لم يكن في الحسبآن ينتظرني.!