شظايا (قصة معاناة قصيره )
تلاشى صوت القطرات المتواصلة في العدم الأسود الا متناهي , انحسرت الرياح في الاماد السحيقة النائيه , لتملأ رائحة البارود وعبير الموت الأجواء و تختلط الأرض بأمآل و امنيات تركت جثث أصحابها المتفسخة في العراء لتطوف بين زوايا سكنوها يوما و ملئوها بضجيج احرفهم الحالمه , الدماء التي جففتها الشمس تساقطت لتغسل وجوه الاثمين وضمائرهم في تقلبٍ عجيب الى شياطين همجيه .تكاثفت انفاسي اللاهبة في الصقيع المتجمد لتعلن عصيانها سلطه الموت و فرارها من بين البنادق والالغام و ضجيج الرصاص , لتنفث شرارة الحياه في رحم الفناء .
فتحت عيني بأتساعها الأخير , حبست الهواء الآسن داخل حجيرات رئتي , ضممت الرغيف الرطب الى صدري بحنو , نثرت نظراتي المتوجسه الى الطريق , الى البيوت المهجورة و سطوح البنايات المتهالكة , ليطرب قلبي جذلا عندما لم المح غربان الموت ولم يخطف نظري بريق بنادقهم المحشوة , شهقت عاليا وعدوت لتضرب قدمي حجارة الشارع الخشنه و تغوص في الشقوق الداميه , شددت ذراعي على الجوهرة التي اختزلتها بينهما و عدوت بأقصى ما يستطيع قلبي المستنزف ان يثور ضد الموت الذي تركت بصماته على الجثث المُداسه ,
سمعت صدى خطواتهم وارتعش قلبي خلف قضبانه العظمية و تسارعت خطواتي لتنهشها الحجارة الحاقدة تناثرت القطرات الحمراء البراقه , تناشد الموت و تدله الي فيخطفني الى الدوامات السوداء او أسوأ اليهم , تلاحقت نغمات الرصاص الى قلبي المرتجف قبل عقلي , تحفزت أعصاب ضهري , اين ستسقط القادمه , حتى شعرت بها جمرة من جمرات الجحيم مرت على ساقي لتنساب منها الدماء حارقة وباردة في آنٍ واحد , كتمت ألمي ورحت اعرج تحت الأنقاض المتداعية , التي تأن تحت وطئ الجمرات الجحيميه .
لم يبق الا القليل سأصل , لا يمكنني الانهيار او حتى الانزلاق الى الظلام المحبب , الوعود الملطخة بالكرب كبلت عنقي عن الراحة , رَسمت خيال اخي المنهك جوعا في مخيلتي لتلملم اجزائي المبعثرة وتحث روحي على الاكمال بعدما خبت أصواتهم وانتهت ذخيرتهم , غربان الموت الكالحة , قفزت فوق الأعمدة المتداعيه , ابتعد عن الأجساد النصف مدفونه تحت الركام و عن العيون الشبحية التي تراقب من الزوايا الأكثر ظلمة , استمرت قدمي بأرسال وخزات الوجع الى عقلي المنهك , حتى وصلت الى الى مخبئنا الصغير في الطابق الثالث من عمارة لم يبق فيها الا هيكل اسمنتي , مشبع بصرخات الموت و اشباح الأطفال .
دخلت الى الركن المغطى بالحجارة ككهف بدائي , كسيت جسد اخي المتقرفص بكل حرارة الحب الذي بقي في قلبي .
همست له لعطف , فترنح جالسا , رفع عينيه الغائرتين الى وجهي , فبرق وميض امل هزيل من بين رموشه المتربه , اريته إياها , فأتسعت شفتيه المتيبسة و لاحت اسنانه البيضاء من تحتها ,
,, هذا املنا في البقاء هذا الأسبوع ،، همست ببطئ , ووضعته على ثوبي الممزق نصف رغيف خبز شبه متعفن , اقنصته خلسة من بين بقايا الغربان السوداء , كسرته الى ربعين اعطيته احدهما, ولففت الباقي بوشاحي و اخفيته في الركن القصي من الكهف , جمعت الفتات المتناثر على ثوبي و رفعته باصابعي المرتجفه , دفعته داخل فمي بلهفة ورحت اتلذذ بطعمه برويه , انتهى اخي من طعامه وهو يرتجف من برد نوفمبر الجاف القاسي , نظرت اليه يرتعش وقلبي يتمزق الما , و كلمات امي الأخيرة تعيد نفسها بين طبلتي اذني ,, احمي ملاكي الصغير ،، , آه يا امي لو تعلمين ان صغيرك الترف بات ألان جائعا, باردا و قذرا .
يختبئ بين الأنقاض كجرذ موبوء بالطاعون , تتلاهف افواه الموت لمضغه , دنا مني زحفا , فخلعت معطفي البالي ولففته به بكل ما املك من طاقه و ارقدته داخل احضاني اشاركه الحراره الواهيه التي يجود بها جسدي , همست في اذنه كره أخرى ,, لا تقلق يا صغيري , سأخرجك من هنا ،، , فأبتسم ونام مطمئنا , بينما الالم يعصف بعقلي , ورياح اليأس تجفف املي , فنحن محاصرون بين موتين احلاهما مر, كأوراق حنظل اينعت تحت شمس الخريف , انسابت دموعي مجددا وارتفعت نيران قلبي لتطال بألسنتها المستعره حنجرتي المتيبسه , عجزت عن الهمس بدعاء أخير , فنطق به قلبي واضحاً ,, إلهي موت مريح ارجوك،،
![](https://img.wattpad.com/cover/65300712-288-k820476.jpg)
أنت تقرأ
مجموعه قصصية
Kısa Hikaye●●● قصص قصيره من واقع الحياة تبحر في صفحات حياة اخرين مابين دمعه وابتسامه ترسم قصة اتمنى لكم الاستمتاع المحتويات حبور شظايا ••