الجزء الاول

5.8K 362 132
                                    

و يحكي الناس عن الغد..

فترسم هي الدمعة عن ما سبق..
_______________________

كانت تعتصِر قلبها من كل لحظةِ حزنٍ تخنقه فقط لتتشجع و توَاصل نظرَها إليه. رغم مواصلةِ ضرب الذكرى بعينيها، إلا أنها رفضت أن تنزِع قناعها أو تذرِف دموعها على قبره.

راحت تنظُر إليه و هي تدركُ أن الذي دُفن ليس ببشر، إنمَا هو سعادتها. كانت زرقَة عينيها الباردَة تخفي ضجيجَ كلماتٍ تود التحرر، لكنها أخرستها بعد أن انحنت لتتساقط خصلتين من ذهوبة تلك الفروةِ اللماعة. مدت أطراف أصابعها بإرتعاشٍ على الاسم المنقوش بلونٍ أسودَ قاتم يعني النهاية.

همست بملامح جافة: لوك، اشتقت لك كثيرًا عزيزي.

اعتدلت بوقفتها، و ظلها قد انكسر لقوتها. هاهي تضع زهور الربيع على تربته، مخفيةً الشتاء الذي يلف كيانها. لا إراديًا فقدت السيطرة لتُضيق عينيها حزنًا و هي تمرر يديها عبر حبات تربته الناعمة، تبعد الثلج عنها.

تلفظت بعمق البحار: حقًا افتقدتك عزيزي.

بعد عضةٍ على شفتيها، التفت راحلة. تخاف إن بقيت ثوانٍ ٱخرى حينها تكون جثة أحاسيسها هي الراقدة. بكل هيبةٍ مشت، من يراها يُكَذب إذ كانت تعرف أصلاً المقبرة. تلك العينين الناعستين و الغرة التي تزيدهما جمالا،ً قد لاقتا من السواد كفايةً لتعيش كئيية.

قناعتها أن هذه الحياة ليست بعادلة، لكنها لعبة. لا تبالِ باحترافيةِ المنحوس، بل تصب اهتمامها لرشوةِ المحظوظ.

هكذا هي، كان قدرها أن تمسك المكنسة، و تتحمل تنظيف مهملات عائلتها. في حين أوجب أن يعاقب الظالم، تحمل المظلوم.

واصلت سيرها بهدوء، البرد شديد، خاصة في نيوزيلندا. حيث يبلغ متوسط درجة الحرارة بين خمسة عشر و عشرين درجة تحت الصفر مما يجعل الثلج روتينًا اعتاده السكان كشرب القهوة. قليلون من يرتدون لونًا زهريًا في هذه المدينة، و قد كان على لائحةِ المجانين بالنسبة لها. هو شيءٌ ٱعجبت به من جهة، لأنها لسببٍ وجيه تكره ذاك اللون من دفائن قلبها.

مع أنه كان ليليق بها.

رغم الثرثرة القليلةِ الملتفة حولها، لكنها ليست بمزعجة، عادية و متوقعةٌ من بشر. على أي حال هي لم تهتم بغير طريقها، مع أنه لا مشاكل لها، لكنها تخلقها من ذرة ذكرى. الأمر أن ماضيها لا يفارقها، و لا هي استطاعت هزيمته. رفعت برأسها للناس، أخيرًا!! حقًا ألن تسأم أبدًا من حلةِ الارض نفسها. أخرجت زفيرًا قويًا تراقب نفسَها المتجمد بإمعان، لتكتشف صدفةً أنها بالفعل قد تركت مقر عملها خلفها.

التفتت بتنهد، هذه العادة أيضًا لا تتركها. دائما ما تنسى نفسها و تواصل المشي، وصلت بها الحالة أن تعبر أربعةَ شوارع مرة!! ليس ذنبها.

قصة || أبرد من الموت!!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن