أخذ مصعب نفساً عميقاً قبل أن يبدأ في راوية ماحدث : _حدث ذلك منذُ ستِ سنوات عندما كنتُ في الثالثةٓ عشرةٓ من عمري ... بالتحديد في بداية السنة الدراسية من مرحلتي الأعدادية الأولى ... أنضم لفصلنا طالب جديد بعد رسوبه في السنة التي تسبقنا... هو غسان نفسه ... لا أعلم حقاً كيف تطورت صداقتي أنا وجمال به حتى أصبحت قوية للغاية .. فقد كان يبدو فتى مستقيم وذو خلق لذا أحببته كثيراً، وكنت أثق به ولم أكن أتردد في مساعدته أذا ما احتاج لشيءً ما... وكان أكثر ما يجد صعوبةً فيه هي دروس الحساب لذا عرضتُ عليه المساعدة وأن يتصل بي متى احتاج ذلك ...
ضاقت حدقتا مصعب وصمت متردداً وكأن كيانه بأكمله يرفض تلك الذكرى .. ولكنه مالبث أن تابع تحت ضغط نظراتهم المتلهفه والمحدقةِ به : _ في أحد الأيام وفي الساعة السابعة مساءاً بالضبط .. هاتفني وطلب مني مساعدته من أجل أمتحان الحساب في اليوم التالي فعرضتُ عليه القدوم لمنزلي فقال لي على الفور أن والده يرفض خروجه من المنزل مساءاً... فقلتُ له أني سأُقنع والدي بأن يسمح لي بالذهاب لمنزله ... وذهبتُ حقا لأبي وطلبتُ منه أن يسمح لي بالذهاب فسألني عن أخلاقه فمدحته له كثيرا إلا أنه ظل قلق من هذا الأمر فألححت عليه فوافق على شرط أن أخذ معي جمال .
قاطع حديثه جمال الذي قال بدهشة كبيرة: _أنت لم تأتِ لمنزلي؟
أبتسم مصعب أبتسامة خفيفه وهو يكمل ببساطه: _بلى لقد أتيت لمنزلك وطرقتُ الباب ففتحت لي أختك رنا، وكانت ذلك اليوم في التاسعة من عمرها فأخبرتني أنك معاقب بعدم الخروج من المنزل لمدة أسبوع كامل أنت ومها معاً، لأنك أسرفت في ضرب أحد أولاد جيرانك بعد أن أفزع رنا بأفعى ميته بينما أوسعت مها أخته ضرباً لأنها كانت تضحك دون أن تمنعه من فعل ذلك ... ولم أذكر ذلك لك لأني أعلم أنك كنت تخجل من ذكر عقاب والدك لك.
حرك جمال كفه خلف عنقه وقال بضيق: _يا إلهي..لو كنت أعلم أن رنا أخبرتك لقتلتها يومها ...
تابع مصعب بابتسامة: _من الجيد أذن أني لم أخبرك ... حسناً سأُتابع ... وبعد أن يأست من ذهاب جمال معي بقيتُ حائراً في مكاني لا أعلم ماذا عليّ أن أفعل ... ولكن شعور كبير من الشفقه اتجاه غسان سيطر عليّ فقررتُ الذهاب وحدي دون علم والدي وهذا مافعلته.. وليتني مافعلته.
flash back
اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
