شرفات بحر الشمال

4.3K 101 180
                                    


الرواية أهداء لصبرين pisanne

"ثم دخلت إلى عمق البحر وهي تّحوط خصرها المنحوت بالفولار المطرز بالألوان النارية، بدون أن تتحسس دفء الماء . ألتفتت نحوي وهي تضحك:_

_تعرف يا ياسين، نحنُ هكذا لا نترك وطن ألا لنّتزوج قبراً في المنفى، هكذا كان يقول أخي . أعتقد اليوم بأنه كان محقاً عندما رفض أن يغادر أرضه، هو على الأقل كانت لهُ أرض، يعيد تشكيلها كلما صعبت عليه الدنيا وأنغلقت سبله. أنا أحس نغسي بين السماء والأرض ولاشئ يشدني. كلما أشتقت لي دير كما كان يدير العشاق بكري، أحرق شعرة من شعرات رأسي وسأحضر أمامك في اللحظة ذاتها وأذا أردت أن تكون جاداً حقيقة ، أكتب لي رسالة وضعها في زجاجة وأرمها في البحر ، ربما صادفت مجنوناً مثلنا يوصلها إليّ، أو يتكفل هو بالرد عليك حتى لا نفقد نبض علاقتنا بالحياة.

_سأفعل ولكنكِ مازلتِ هنا وأنا سعيدُ جداً.

_بعد قليل لن أكون ، سيهدأ كل شئ ويتعود سكّان البلدة على الصمت والسكينة.

_لا مافهمتيش مليح. أنتِ هنا ، هنا بالضبط.

وأخذتُ شاهدي ووجهتهُ نحو القلب وضغطتُ على صدري. قلتها وأنا لا أدري مقدار المخاطرة التي أستدرجتُ نفسي نحوها. مهاوي اللعبة كانت بدون حدود .

_تعرف يا حبيبي. نحن نسير نحو نهايات تراجيدية، ونجد لذة كبيرة للركض نحو موت لانملك حيالهُ الشئ الكثير ، هذا هو قدرنا، ما عليهش يكفيني أني رأيتك وسرقت ليلة بكاملها من هذا القدر الشنيع ، ولو يقدر لي أن أبعث مرة أخرى لن أتردد ثانية واحدة في أرتكاب الحماقة الجميلة نفسها.

ثم غابت وأندفنت في عمق موجة هاربة، متفادية أن تقترح عليّ الدخول معها ، لم تلتفت ورائها حتى غابت كلياً ، كان البحر هادئاً..لم يبق أمامي إلا الكمان والرسالة والفوطة الزرقاء كشواهد على مرورها..

أنتظرتُ طويلاً عودتها وفي قلبي خوف غامض . ثم نزعت لباسي ودخلتُ البحر وأنا أصرخ وأبكي خائف من أن يكون البحر قد أبتلعها فتنة ؟ فتنة؟ فتنة أرجوكِ عودي لا تكوني مهبولة. تذكرتُ فجأة قصة المرأة التي عشقتها وظلت مولعة بها فرجينيا و ولف ، لعنتها طويلاً وأنا أركض على حافة البحر. يعطيكِ موتة أخرى يا فرجينبا و ولف، أنتِ إلي دخلتِ لها في الرأس فكرة الأنتحار داخل الماء."

*****

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بالبداية لا تقتلوني رجاءاً لأني أقتبستُ لكم الرواية بأكملها ، فأنها بصراحة آسرتني لدرجة خيالية...
المهم لا تقلقوا فلم أقتبس منها إلا جزء صغير...

بصراحة الرواية جميلة للغاية، عبارة عن (٣١٣) صفحة..والأقتباس كان في الصفحة (٥٥)😃، لذا لا تنزعجوا رجاءاً...

الكاتب المبدع:_واسيني الأعرج

الصورة الفوق 🔝..هي الصفحة (٥) من الرواية، أي الأهداء...وهي الجمل التي حُفِرت بذهني..

أتمنى أن تعجبكم وتنال رضاكم...

قراءة ممتعة

*****
أستغفر الله العظيم رب العرش العظيم..
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم..

دَليلُكْ إلىَ الرِوَاياتْ العَالمِيةَحيث تعيش القصص. اكتشف الآن