اهداء :_لكل من عانى الأرق...لكل محرومٍ من لذة الوسنِ..
لكل فاقد لشهوة النوم..
أهديكم اليوم رواية نعاس..*****
"ها قد أنقضت سبع عشرة ليلة ولم أنم بعد..
أنتبهوا لستُ أتحدث هنا عن الأرق..فأنا أحمل فكرة عنه ، إذ تعرضتُ لشئ يشبههُ حين كنتُ في الجامعة. أقول "شئ يشبههُ" لأنني لستُ متيقنة تماماً من أن الأعراض التي عرفتُ، تتطابق مع مانطلق عليه جميعاً "الأرق".تصوروا أني لم أفكر أبداً في زيارة طبيب، ولا أنا تحدثت إلى عائلتي وأصدقائي ، ولو فعلت لكانوا طالبوني في كل الأحوال بالذهاب إلى المستشفى..
أستمر أرقي هذا أو مايشبه الأرق شهراً من الزمان، شهراً كاملاً لم أنعم خلاله بليلة واحدة من النوم العادي، فقد كان يكفي أن أضع رأسي على الفراش مستجدية النوم كي تغمرني حالة من التيقظ التام وكأنها رد فعل مبرمج على مجرد الرغبة فيه ، وكلما زاد أصراري على النوم إلا وتراجعت قدرتي على ذلك فأشعر على العكس بأني متيقظة أكثر وأكثر..
عند الفجر أحسست أخيراً بالخدر يجتاحني، ولكنه لم يكن نوماً حقيقياً فما أن أوشكت أطراف أصابعي على ملامسة حافة النوم حتى وجدتني في يقظة تامة..
كنتُ أود لو أنام عميقاً ولكن ذلك بقي مجرد أمنية ،فظل تيقظي حاضراً بأستمرار، وظللتُ أرزحُ تحت ظلهِ الجليدي، والغريب أن هذا الظل كان ظلي أنا !.
فكرتُ وسط خمولي: أنا داخل ظلي، أمشي نائمة، أتكلم نائمة . واحد ممن حولي لم يلحظ الحالة المتطرفة التي وجدتني فيها. لقد فقدتُ ستة كيلو غرامات في شهر واحد ، ولكن لا أفراد عائلتي ولا أصدقائي أنتبهوا إلى ذلك ، رغم أني كنتُ أعيش بينهم نائمة..
وفي أحد الأيام أنتهى هذا كله، من دون إي علامة مسبقة، أو إي سبب خارجي ، لقد توقفت هذهُ الحالة فجأة ذات صباح ، وأنا جالسة إلى طاولة الفطور.حيثُ شعرتُ بالنوم يجتاحني كالأغماء ، فنهضتُ دون أن أتفّوه بكلمة واحدة. أذكر أن شيئاً ما سقط عن الطاولة، وأن شخصاً ما خاطبني، لكني لم أكن لأدرك مايجري..
بلغتُ غرفتي متمايلة، أندسستُ تحت الغطاء دون أن أفكر لحظة في تغيير ملابسي، وغرقت مباشرة في النوم.
أستغرق نومي سبعاً وعشرين ساعة بتمامها، ختى أن أمي أنتابها القلق فترددتّ عليّ مرات عديدة لتحركني أو لتطبطب على خدي برقة، ولكنني لم أكن أستيقظ. نمتُ طوال سبع وعشرين ساعة مثل حجر ثقيل، وحين أفقتُ أخيراً عدتُ إلى حالتي الطبيعية أو لنقل إلى مايشبه حالتي الطبيعية."
*****
المؤلف:_ هاروكي موراكامي
تعريب:_ رمزي بن رحومة
رواية هاروكي موراكامي ليست مجرد سرد شيق للأحداث فحسب، بقدر ماهي منظار مكبر يسمح لنا بتأمل ما لا يُرى من تفاصيل وجودنا في دهشة مشوبه بحزن خفيف، وأذ كانت بطلة الرواية قد توقفت عن النعاس نهائياً فأن قدرة موراكامي على الأدهاش سرعان ماتنقل عدوى البطلة إلى قارئ الرواية، ليجد نفسه مورطاً في عوالمها الغريية ، غير قادر على النوم قبل إنهائها .. (٧٥) صفحة
أنت تقرأ
دَليلُكْ إلىَ الرِوَاياتْ العَالمِيةَ
Casualeهُنا سأخذكم برحلة إلى الكتب التي شغفتني حباً ، أو أهلكتني ضجراً...أو نالت أستحساني فحسب.. دليلك إلى الروايات العالمية ..الكتاب الذي سيساعدك لتستدل به ما تود أن تشتريه من المكتبة قبل أن تذهب إلى هناك .. شاركوني آرائكم وأقتراحاتكم اللطيفة ويا آهلاً با...