... يـا إلـٰهي ! .. و كأنّ القمر نزل ضيفًا على وجه الأرض ! ،.. وجه أبيض بياض الثلج ، و يسطع منه نور وهّاج ، عينان زرقاوان تذيب كلّ ناظر إليهما ، خدّان متورّدتان ، ذات غمّازات خفيفة ، شعر أسود حريري طويل ، ينسدل على نصف وجهها البرّاق ليخفي باقي تفاصيله ..
..
.. كانت آية في الجمال ، شابة تبلغ من العمر 23 سنة ، من أجمل ما خلق الله بين بني آدم ! ..
... كانت مطأطأة لرأسها من شدة الخجل ، ممسكة حقيبة كبيرة ، تبدو بالية ، .. و ترتدي ثيابا رثة لا تقيها من قساوة جو تلك الليلة المخيفة ..
..
... بقي الشاب واقفا متجمدا في مكانه برهة من الزمن ! ،.. لم يعلم ما يفعل ،.. لم تكن باليد حيلة .. ، لقد اختلط كل شيء لديه في لحظة .. ،
..
.. فجأة ، عاد إلى وعيه و اقترب منها قليلا ... : " مرحبا يا آنـستي الـجميلة ..، من أنتِ ؟.. و ما الذي تفعلينه هنا في هذا البرد القارس ؟ .. " ..
..
... بدأت الآنسة في رفع رأسها ، لتتوضّح كامل تفاصيل وجهها الملائكي ! ..، ثم قالت بخجل .. " أنا ... أنا أعيش هنا ! " ..
..
... انصدم الشاب من كلمات تلك الفتاة ، يا للهول ! جميلة مثلها تعيش في كوخ مثل هذا ؟ ..
..
.. " قومي يا آنستي ، سأصطحبكِ معي إلى المنزل .. " ..، ثم نزع معطفه و قبعته و ألبسهما إياها ، و حمل حقيبتها ، و أمسك بيدها التي ترتجف من البرد و الخوف .. ، و انطلقا معا للعودة إلى المنزل ..
..
..
... عبرا مع بعضهما كل تلك الشوارع و الأزقة ، وسط ذلك الجو المخيف من عواصف و أمطار و برد و غيرها ...،
..
.. هاهما الآن يدخلان المنزل ، .. اصطحب الشاب الفتاة بجانب الموقد ، و ذهب ليحضّر لها شيئا ما لتأكله ، ..
..
.. " إذن يا آنستي .. هل بإمكانكِ أن تحكي لي قصتك ؟ ،، كيف لكِ أن تعيشي في مكان مثل ذلك ؟ " ..
.. فأجابته بصوت خافت جدّا بالكاد يستطيع سماعها ! .. : " حسنا يا سيدي .. ، أنا فتاة يتيمة الأب ، .. عشت و ترعرت في ذلك الكوخ الصغير مع أمي و أخي الأصغر ، .. اضطرّت بنا الظروف للمكوث هناك ، فلا شيء يصلح وسط هذه القرية النائية ..
..
.. كان أخي يشتغل ببيع الحطب ، لكنه لم يكفِ لسدّ حاجياتنا ، لذلك اضطر لمغادرة القرية بحثا عن عمل ، و بقي لمدة طويلة منقطع الأخبار عنّا ، حتى جاء ذلك اليوم المشؤوم الذي وردنا فيه خبر إصابته بمرض مميت .. لذلك أسرعت أمي للذهاب إليه ،..
..
.. لكنني لم أستطع مرافقتها ، و ذلك من أجل إكمال دراستي ، لأنها الشيء الوحيد الذي أملكه ، فلا سبيل آخر لمساعدة عائلتي بغير الدراسة ! .. " ..
..
... " يا إلهي ! ،.. إنه حقا أمر غريب ! " ..
..
.. بعد حديثهما المحدود جدّا ..، قدّم الشاب وجبة ساخنة للفتاة ، و ترك الموقد مشتعلا من أجلها ، ثم أعدّ لها فراشا لتنام .. و تركها في غرفتها .. دون التفوّه بكلمة أخرى ..
..
.. مرّ وقت قصير قبل أن تغطّ الفتاة في نوم عميق من شدة التعب ، لكن الشاب لم يغمض عينيه ، لقد قضى الليلة يفكّر بتلك الفتاة ، .. و يفكر بالشعور الغريب الذي قاده إليها تلك الليلة ، .. لمَ يا ترى ؟ لماذا أخذه عقله نحوها ؟ أيعقل أن تكون نصفه الثاني ؟ هل هناك شيء مشترك بينهما ؟ .... هل وقع في حبّها من أول نظرة بينهما ! ... كان كلّ سؤال يزيد السابق تعقيدا ، ..
.. و أخيرا تعب الشاب من التفكير ،.. أشعل سيجارة و نهض من أجل أن يرتّب أمور ضيفته الجديدة ..
أنت تقرأ
آنِـسَـتِـي الـجَـمِـيـلَـة
Romanceقـصة شاب و فتاة .. ، أحـبّا بـعضهما كثيرا ،.. لكن الحـياة غير عـادلة .. .. أتـرككم مع الأحـداث لتـفهموني أكثر :) .. .. قراءة ممتعة للجميع ..