الخطوة الأولى |3

4.5K 575 353
                                    

قدروا تعبي رجاءً وعلقوا + الفوت

*

" تفضل بالجلوس " قال لي وهوَ يقرأ بياناتي

جلستُ على الكرسي أمام مكتبه، بينما وضعتُ حقيبةَ ظهري على الكرسي الآخر أمامي، بحيثُ شقِّي الأيمن يُقابل الطبيب، هكذا كما تعرفون تكونُ غرفةُ الأطباء جميعاً؛ بيدَ أن السرير هو الشيءُ الإضافي في غرف الأطباء النفسيين

أغلقَ الملف وجمعَ كفَّيه واضِعاً إيَّاهما على الملف فوقَ المكتب، قالَ أثناءَ تفحُّصه لِلُغةِ جسدي: " ما هيَ مُشكُلتكَ سيِّد مين يونغي؟ " بعدها ابتسم؛ ليزرعَ الثِّقةَ بيننا أم أنه مجبورٌ على ذلك؟

قلتُ كبداية لحديثي كي أتخلَّص من توتري وخوفي من النتيجة: " لا أعتبرها مُشكلة، فهيَ على الأغلب حالة عرضية أجهلُ سببها، وأيضاً آثارها إن تفاقمت عليَّ مُستقبلاً "

أومأَ برأسه، قالَ نازِعاً نظَّارته: " جيُّدٌ ما أنتَ عليه اتجاه حالتك، إذاً أخبرني بالتفصيلِ عنها، متى لاحظتها؟ وهل سببت لكَ مشاكل أو ما شابه؟ "

استلَلْتُ نفساً عميقاً، تجنَّبته النظر وشرعتُ القولَ: " قبلَ يومين لاحظتُها، حينما أصبحَ شريكَ مقعدي في الجامعة فتاة، كنتُ أرتعشُ طوال جلوسي بقربها، وعندما حادثتني بشأن الشراكة لم أستطع النظر في عينيها، وأيضاً مُصافحتها، والمرة الثانية عندما كنتُ في عملي الجزئي إذ تقدَّمت إليَّ امرأة تطلب "

نظرتُ إليه لأجدهُ ينظُر إليَّ كذلك، صمتَ في تفكير، امتدَّت شفتاه بينما عيناه تتحرَّكُ تدريجيًّا بشكلٍ عشوائي، عاودَ النظر نحوي وسألني عن وضعي في المنزل، أكثرُ سؤالٍ حسَّاسٍ بالنسبةِ لي، لن أخجل أو أتردَّد في إخباره عن أبي، لكن والدتي.. هيَ المُشكلة في موضوع الأسرة!

أخبرته بتفاصيلِ حياتي، بما فيها كلامُ أبي عن تصرُّفاتِ والدتي كما أخبرتكم في البداية، وهذه المرة كنتُ أنظُرُ في عينيه مُباشرة

انتهيتُ من ذلك، كانَ يفعلُ مثل السابق عن غيرِ قصدٍ منه، فعلمتُ أنه يُبرمج المعلومات في عقله، ابتعدَ عن مكتبه ليفتحَ أحدَ أدراجه، أخرجَ أوراق المُلاحظة الصغيرة الصفراء، أخذَ قلماً من جامِعِ الأقلام فوقَ مكتبه، كتبَ سطرين بسرعة، نزعَ الورقة ومدَّها إلي،

قال موُضِّحاً ما كتبه: " بما أنَّكَ طالبٌ جامعي، ستجدُ هذه الكُتب في مكتبةِ الجامعة، استعرها اليوم واقرأها، موعدنا الثاني غداً في نفس الوقت، أحضرِ الكتُب معك عندما تأتي "

Four wallsحيث تعيش القصص. اكتشف الآن