قبرُ ذكرياتي |-١-|

1.1K 21 18
                                    

(يجب أن تُكملي حياتِك ، و لِتكمليها يجب أن تَنْسِّي )
و على أبوابِ النسيان تبدأُ قصتِي .
..
أجمع اوراقي ، دفاتري و رسوماتي
كل تلك الصور و الالبومات ، تحمل إبتسامتي التي لا اعلم كيف اعيدها ، تحمل إبتسامتي التي سأقوم بإزالتها من قاموس الحياةِ اليوم!
أثناء إفراغي لخزنتي وقع دفترٌ ازرقُ صغير ، إبتسمت بهدوء عندما مرَّتْ سحابةُ الذكريات التى تحملها هذه المذكره الزرقاء ، صدقاً لم اكتبها انا ، بل كُتِبَتْ لتصِفَنِي ، لتَصِف جنوني ، شغفي و ابسط و أدق تفاصيل شخصيتي ، أجل كُتبت من اجلي .
واليوم اضيفها لبقية الذكريات ، تسللت دمعة دافئه الى خدي وانا ألقي بهذه المذكره في ذلك الصندوق الاسود ،سريعاً مسحتها بباطِن كفي الصغير .
ألقيت نظره أخيره الى خزنتي التى كانت تحمل ذكرياتي ، و الان اصبحتْ فارغه ، تماماً مثلي .
إنحنيتُ لأحمل ذلك الصندوق الاسود و لكنني توقفت عندما لاحظتُ قلادتي التي تدلتْ من عنقي ، إستقمتُ و تحسستها بلطف ، تتبعت نقوشاتِها الصغيره ، و قبل ان اسمح لدمعي بالنزول حاولتُ نزعها من عنقي ، گم لبثتْ هذه القلاده وهي حول عنقي ؟ سنه؟ سنتين ؟ ام اكثر ؟ .
اكثر ، اليس كذلك يا انا ؟!
وها أنا أنتزِعُها ، أنتزِعُ اخر لون من الوان ذكرياتي الجميله ، و أُلقي بها في ذلك الصندوق الاسود ، الآن أصبحتِ يا ذكرياتي جاهزه للحرق !
حملتُ صندوقي الكبير و توجهت لحديقةِ منزلي الخلفيه ، حيث قمت مسبقاً بإشعال اعوادٍ واخشاب لتشكلتُ شعله كبيره من النيران .
ألسِنتُ النيران جائعه ، و لقد تقدمت بخطواتٍ ثابته لأطعِّمَها ،تفصلني عنها بضعُ إنشات .
نعم سأحرق ذكرياتي !
أردتُ التقدم و لكن جسمي قام بخيانتي ، شُل جسدي عن الحركه و جثيتُ على ركبتي لأجهُش بالبكاء ، سحقاً كم انا ضعيفه ، هل حرق الذكريات بهذه الصعوبه ؟!
بعد نوبةِ بكاءٍ دامت لعدةِ دقائق ، بدأتُ أهداءُ تدريجياً ، انفاسي بدأت بالانتظام ، رغم تخلل بعض الشهقات الخفيفه التي تعلن عن مدى ضعفي .
نظرتُ لشعلة النار التي بدأت تضعف ، و لهاذا الصندوق الذي بين يدي ، قبضتُ كفي بقوه تسَلَّلتها موجةُ غضب و ضعف .
و باليد الاخرى اخذتُ حفنةً من الرمال بجانبي ، لحظه رمال ! ، نعم رمالٌ و دفن !
كم انا غبيه ، لماذا لم افكر بدفنها ؟
نهضتُ سريعاً و احضرتُ مجرفاً متوسط الحجم وبدأتُ بحفر قبرِ ذكرياتِي .
و مع تلك الأجواء العاصفه و الرياح البارده ، القاسيه
بِكفِها الصغير المتجمد مَسَحتْ اثر الدموع التي أَحرَقتْ وجنتها ، نجحت في الإبتسام و لكِنها كَانتْ إبتسامةً منكسره !
نظرتْ للسماء بحسرةٍ وألم  ، ظلتْ تتأملها ، تترجاها بأن تَقبَلَها بين أحضانها ، كما تقَبلَتِ الارضُ ذكرياتِها .
إنتهتْ من الحفر و وَضعتْ صندوقها الاسود في تلك الحفره العميقه ، بدأتْ بإرجاع الرمال فوقهُ ، شيئاً فشيئاً إلى ان إختفى صندوقها من نظرِها ، و كذلك إختفتْ ذكرياتُها ، أحاسيسُها و إبتسامتُها معهُ .
..
هنا و أخيراً أستطاعتْ ان تقُول و بكل ثقه
(وداعـاً يـا أنـا )

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Sep 30, 2020 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

بين يدي مُتمَلكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن