كثيرة هي الوسائل التي يستخدمها التجار الناجحون لترويج بضاعتهم .
فالتجارة _كما يقال_ شطارة.
والشطارة كلمة مطاطة ،تحوي معاني عديدة منها : اللحلحة،والخفية"،واستخدام شتي أساليب الترغيب... وايضا بعض النصب و الاحتيال.ونحن _المستهلكين الغلابة_ نتقبل بعض هذه الشطارة عن طيب خاطر ، وأحيانا ندرك اللعبة ولكننا نلعبها بمزاجنا".
ولكن هناك أنواعا أخري من "الشطارة" التي تستوقفنا ،لأنها تستفزنا وتثير الغيظ في نفوسنا ،بل وتشعرنا بأن هناك من يستهين بعقليتنا ،ويحاول ان يستغفلنا.من النوع الاول من الشطارة ما يدخل في نطاق البروباجندا، التي تعارف عليها الناس في شتي أنحاء العالم.
بنات جميلات يظهرن علي الشاشة وبأسلوب الغمز واللمز ،والترقيص
(كل شئ ابتداء من الحواجب حتي الخصور)يعلن لنا بمصاحبة لحن خفيف
أن هذا المنتج هو الأفضل والأجود والأرخص.... وما إلي ذلك من أفعال التفضيل.وكثيرا ما تستخدم كلمات مثل "الوحيد" أو " الأول" ،وتضاف من الصفات ما أنزل الله بها من سلطان.
ماشي... لا مانع... فهم يقولون ،ونحن نستمع ثم نجرب ،فإذا ما صدق كلامهم عدنا إلي بضاعتهم ، واذا لم يصدق... هجرناها إلي الأبد.
أما النوع الثاني من الشطارة. غير المستساغة ،فهي ما تفرضه علينا بعض محلات القطاع العام من أحكام و فرمانات..
لقد فهم المسئولون في هذه المحلات نظرية القطاع العام خطأ.
فما دام هذا القطاع يخضع للرقابة الحكومية ، وليس له صاحب. ... فهو إذن حكومة. والحكومة في عرف هؤلاء تعني السلطة المطلقة... إذا ما قالت شيئا ، لابد ان يقول الناس آمين..وهكذا راح أولئك العباقرة ماركة قاف عين
يفكرون ويفكرون حتي تفتقت أذهانهم عن ألوان عجب من أساليب ترويج البضاعة الكاسدة...تدخل مثلا احد فروع الجمعية التعاونية ، يسمي الآن سوبر ماركت ،دليل علي الشياكة والرقي...
تطلب كيلو لحمة فيقول لك البائع : اسف لا يوجد سوي هذه العبوات الجاهزة وبكل منها ثلاثة كيلو علي الأقل...
وبنظرة واحدة تكتشف أن العبوة ليست بها سوي كيلو لحمة واحد صالح للأكل والباقي شغت ودهون...
والبيض علي الرغم من ارتفاع سعره الجنوني لا يباع إلا بالكرتونة..
وعبوات أرز فاخر "منقي الكترونيا" واغلي من سعر الأرز العادي..
ولكنك تفتح العلبة فتري انك خدعت وإلي جانب الحجارة الصغيرة هناك ايضا السوس...
والأمثلة لا حصر لها.
وهي تدل علي ان عباقرة القاف عين يعيشون في واد وأبناء مصر بل والعالم كله في واد آخر...
ففي بلاد أخري أكثر ثراء رأينا الفاكهة والخضروات تباع بالواحدةوشاهدنا أكياس قطع الفراخ المنفصلة...
وقطع اللحم الاستيك أو الريش بالواحدة.... الخ.كل إنسان يشتري ما يحتاج اليه فقط ،ويعامل كما لو كان مليونيرا جاء ليشتري المحل كله.
والمطلوب الآن من عباقرة القاف عين أن يكونو واضحين معنا ويصارحونا : هل هي عملية تطفيش..!
ألم يبلغهم بعد نبأ المنافسة الخطيرة التي تواجههم من القطاع الخاص الذي بدأ يتنبه لمتطلبات العصر ويطور نفسه ويجذب عددا اكبر من الزبائن...!
ألم يدركوا بعد ان الاساليب القديمة التي كانوا يتبعونها يوم كانوا يحتكرون السوق ويصولون ويجولون ويفترون علي راحتهم قد انتهي. ..
وان التركي الذي كان يتحكم في خلق الله فيأمرهم ان يشربوا من هذه القلة ويتركوا تلك... لا شئ إلا ليؤكد سطوته.. قد مات وشبع موت..
وان مصر الآن اصبحت دولة مستقلة وشعبها حر.. يشتري ممن يشاء.. ويترك من لا يشاء فيفلس ويغرق... ولن يكلفه ذلك سوي نقطة واحدة يضعها فوق حرف واحد لتصبحو قاف غين
(قطاع غرق) بدلا من قاف عين
(قطاع عام)..!!
أنت تقرأ
مختارات من كتاب عودة إلي الفضفضة
ChickLitلم يبق لنا سوي الفضفضة نحن النساء المهمشات المبعدات بقرار همايوني عن المشاركة وعن الصدارة ومازالت المرأة محبوسة قهرا في خانة المعارضة والمجتمع بأسره لا ينتظر منها رأيا وإن صدر فلا يعتد به وان اعتد به فمن باب المنظرة وادعاء المعاصرة والتحضر