لا تعجبو من هذا الكلام ، فنحن في تبدل مستمر ، كل يوم يموت في شخص ، ويولد شخص جديد ، والميت أنا ، والمولود أنا ، خلايا جسدي تتجدد كلها كل بضع سنوات حتى لا يبقى منها شيء مما كان ، عواطف نفسي تتبدل فأحب اليوم ما كنت اكره بالأمس ، وأكره ما كنت أحب . أحكام عقلي تتغير فأصوب ما كنت أراه خطأ ، وأخطء ما كنت أجده صوابا .فإذا كانت خلايا الجسد تتجدد ، وعواطف النفس تتغير ، وحكم العقل يتبدل ، فما هو العنصر الثابت الذي لا يتبدل ولا يتغير ؟ .
اقول : ( قال لي عقلي ) ،و ( قلت لنفسي ) ، فمن أنا إذن ، إذا كان عقلي غيري فأقول له ، وكانت نفسي غيري فتقول لي ؟ .
العنصر الثابت الباقي هو الذي لا ينقص إن قطع عضو من أعضائي ، ولا يموت إن مت بل يبقى حيا يحاسب ، فيكافأ أو يعاقب . هذا العنصر هو ( أنا ) الحقيقي ، وهو شيء من غير عالمنا الأرضي فلا تنطبق عليه قوانين علومنا الأرضية ، هو الروح .
هذا تفسير قولي إن من تعود أن يكتب كل يوم في هذا الدفتر ، وجد فيه يوما نفسه التي فقدها .
YOU ARE READING
اقتباس من كتاب ( ذكريات )
Aléatoireبعض الكلمات التي كتبها الشيخ علي الطنطاوي احببتها لذالك قررت نشرها لأجلم لعلها تنال اعجابكم