ودخل محجوب دكان سعيد ، ووضع قطعة نقد على الطاولة فأخذها سعيد في صمت وانزل من الرف علبة سجاير بحاري ، ووضعها
في يد محجوب ومعها الباقي قطع معدنية صغيرة ، أشعل محجوب سيجارة شدة منها نفسين أو ثلاثة ثم رفع وجهه إلى السماء وتمعن
عليها دون إحساس ، كأنه قطعة أرض رملية لا تصلح للزراعة ، وقال فتور : " الثريا طلعت . وقت زراعة المريق " وظل سعيد
مشغولا بتفريغ
علب من صناديق ووضعها على الرف بعد ذلك تحرك محجوب وجلس قبالة الدكان ، ليس على الكنبة ولكن على الرمل مكام
المفضل ، حيث ضوء المصباح يمسهم بطرف لسانه . فإذا ماجوا في ضحكهم أحيانا تراقص الضوء والظل على رؤوسهم ، فكأم
غرقى في بحر يغطسون ويطفون ، بعد ذلك جاء أحمد إسماعيل يجرجر رجلية كعادته ، واستلقى بظهره على الرمل قريبا من محجوبدون أن يقول شيئا ، ثم جاء عبد الحفيظ وحمد ود الريس ، وكانا يضحكان لم يسلما على صديقهما ، وهذان لم يسألاهما عن سر
ضحكهما ذلك شيء آخر في تلك الفئة . كانوا يعلمون ، بطريقة ما ، ما يدور في ذهن كل منهم دون سؤال ، وقال محجوب بعد أن
بصق على الأرض : " أنتو لسع في حكايات سعيد البوم " ؟ كان أحمد إسماعيل قد انقلب على بطنه فقال وكأنه يحدث الرمل " " لازم
المره عاوزه تطلقه " . وقال عبد الحفيظ في مرح ، أن زوجة سعيد البوم جاءته في الحقل وقالت له وهي تبكي أا تريد أن تطلق من
سعيد . ولما سألها عن السبب قالت له أن سعيد كلمها كلاما قاسيا في الليلة الماضية وقال لها امرأة " جيفة " - هكذا لأا لا تتعطر
ولا تترين كبقية النساء . ولما قارعته الكلام ، صفعها على وجهها وقال لها : " امشي اخدي دروس من بنات الناظر " . وكان الطاهر
الرواسي قد وصل أثناء ذلك وجلس في هدوء في المكان والذي لا يصله النور من بقعة الرمل . ضحك وقال : " المسنوح يمكن قايل
للناظر بيعرس له واحده من بناته " . وقال عبد الحفيظ أنه طيب خاطر المرأة ودورها إلى بيتها وقال لها أنه سيجيئهم ليكلم سعيد وفعلا
غدا إليهما وقت الظهيرة . لكنه تريث عند باب الدار ، فقد وجده مغلقا ، وسمع داخله ضحكات سعيد وزوجته ، ضحكات هنيئة
منشرحة ، وسمع سعيد يقول لزوجته ، وكأنه يعض أذا : " ابكي يا خيتي ابكي " . وضحكوا كلهم : كل واحد منهم على طريقته :
أحمد إسماعيل يكركر بضحك يزمجر بين بطنه وصدره . ومحجوب يضحك في فمه ويحدث طقطقة بلسانه ، وعبد الحفيظ يضحك
كالطفل . وحمد ود الريس يضحك بجسمه كله ، وخاصة رجلية والطاهر الرواسي يمسك رأسه بجماع يديه حين يضحك ، وكان
أنت تقرأ
عرس الزين
Romanceقالت حليمة بائعة اللبن لآمنة - وقد جاءت كعادا قبل شروق الشمس - وهي تكيل لها لبنا بقرش : "سمعت الخبر ؟ الزين مو داير يعرس " . وكاد الوعاء يسقط من يدي آمنة . واستغلت حليمة انشغالها بالنبأ فغشتها اللبن . كان فناء المدرسة " الوسطى " ساكنا خاويا وقت...