الجزء الاول

818 34 3
                                    

.N. .N.

امام مرآتها وقفت زينب تراقب  تعابير وجهها وتقاسيمها وكانها وحش يخشى الجميع النظر اليه.. قالت لنفسها :يا رب لماذا خلقتني قبيحة لهذه الدرجة والكل يفر مني…??!! آه منك يا زمن… لو ان هذه الندوب تختفي لكانت الامور اهون !!..ولو اني ضعفت قليلا ..وكان فمي اصغر وانفي شامخا اكثر لتبدلت الكثير من ملامحي… ولكنها مشيئة الله والحمدلله على كل حال!!! …

وانتهى حوارها مع نفسها بدمعة. حزينة جرت على خديها ..وبنداء امها لها :زينب… .يا زينب… هل اصابك الطرش الا يكفي الوحشية التي تسيطر على وجهك…!!

لم تزدد زينب حزنا بهذه الكلمات ..فقد تعودت عليها منذ صغرها ..واقل ما يمكن ان تسمعه ..اجابت بصوت مخنوق :نعم ..يا امي ..ماذا تريدين ??

وما ان اكملت كلامها حتى وصلت امها الى غرفتها والغضب باد على وجهها ..وقد وضعت يديها على خصرها … وقالت بغضب شديد: هل تظنين ان استمريت بالوقوف امام المرآة انك ستزدادين جمالا ..الا يكفي قبح وجهك والشؤم الذي جلبته لي عند ولادتك ..هيا ساعديني في تنظيف المنزل ..عل نظافته تريحني قليلا ..الا يكفي اني لم اتزوج مرة اخرى  بسببك ..

قالت زينب :امي… ان لم تتزوجي فهذا شأنك ..انا لم اقل لك ان تبقي الى جانبي ..لو انك قتلتني لكان اهون عليّ ..هل تظنين اني لا اشعر بالاهانة امام صديقاتي ..كلهن جميلات الا انا ..كلهن يحظين باعجاب الشباب الا انا ..ولكن الحمدلله لا اسمع كلمات الثناء الا من اساتذتي لاني المتفوقة دائما ..ولكن اتعلمين انهم يعطوني المسابقات وهم ينظرون الى الارض ..انا شؤم اعلم هذا ..انا كل شيئ سيئ في هذا العالم اعلم هذا ..ولكن ما ذنبي…??? اخبريني… هل انا من تسببت بذاك الحادث اللعين ..هل انا من قتلت والدي ???لماذا تلقين باللوم دائما علي ّ… ??!!

قالت امها بسخرية :ستجعليني اشفق عليك بكلماتك هذه ..هيا قومي بتنظيف المنزل فانا انتظر ضيوفا ..وحضورك لا يشرفني… الكل يظن انك ابنة انسانة اخرى ولكن مع الأسف انت ابنتي ..انت لعنتي…

فتأففت زينب من حالها ..ثم حملت المكنسة وباشرت باعمالها المتوجبة عليها… وبعد ان انتهت من ذلك حملت كتابها بين يديها ثم قالت ;انت انيسي ..انت من لا تخشى النظر الى وجهي ..انت تخاطب عقلي ووجداني ..بك سارتقي ..ولن افقد الأمل ..

ومرت عدة اعوام ..ونجحت زينب بتفوق.  في الثانوية ..ثم انتقلت الى الجامعة ..وكانت منكبة دائما على دراستها فهي املها الوحيد في ان تجد عملا هنا او هناك ..مع ان اصحاب الشركات والمحلات لا يرضون بها ابدا فهم يريدون فتيات جميلات يشكلن عامل جذب لا عامل نفور ..

اكملت دراستها الجامعية ..وكانت وحيدة لا احد يرضى ان تكون صديقة له ..وكان اساتذة الجامعة عندما يقرأون ابحاثها يعجبون بها ..وعندما يرون صاحبتها فتارة يشعرون بالشفقة ..واخرى بالصدمة ..وكان هذا يؤلم قلب تلك المسكينة ..فتعود الى منزلها لتجد غرفتها وكتبها الاجتماعية والدينية حضنها الدافئ الواعي ..والآن عليها ان. تبحث عن عمل ..ويبدو ان لعنة قبحها قد طالت رزقها ايضا ..فلم تجد اي شركة تقبل بها… وذات يوم كانت عائدة الى المنزل بعد عناء طويل في البحث عن رزقها.. فخطرت ببالها فكرة وهي الذهاب الى شاطئ البحر لتتمشى قليلا ..فقد اعتادت زيارة تلك المنطقة لانها شبه خالية من الناس ..ولا تخجل ان تظهر دموعها امام هذا الكائن العظيم لان دموعه فاقت اي تصور ...وفجأة سمعت انينا يصدر من وراء احدى الصخور ..ويبدو ان صاحبه ذكرا ..ترى ما الذي يجعل الرجال تبكي ??..بالتأكيد اتى هو ايضا ليخفي حزنه عن العالم ..اقتربت منه وقالت :عفوا يا اخي ..هل لي ان اعرف ما سبب حزنك?? آسفة على تدخلي ..ولكن حالي ليس افضل من حالك…

لم ينظر اليها الشاب بداية ..وقال :عجبا ..هذه المرة الاولى التي يسألني احدهم عن احوالي ..

قالت له: وهذه المرة الاولى التي اسال احدهم عن احواله…

فنظر اليها ليعرف من صاحبة هذا الكلام ..شرد بها بداية ..وبعدها بدأ يضحك بشكل هيستيري ..فتركته محاولة الحفاظ على ما تبقى من كرامتها ..قال لها ولا زال صوت ضحكه عاليا :هاااي انت يا آنسة توقفي…

فتسمرت مكانها ..ومسحت دموعها ..ولم تنظر اليه ..قال لها: انا آسف حقا…

قالت لنفسها :على الاقل لقد اعتذر مني…

اقترب منه وكانت لا تزال توليه ظهره ثم قال :انا حقا آسف لم اقصد الاهانة ..ولكني شعرت بطيبة قلبك ..وحنانك ..صدقيني الجمال ليس الاهم…

قالت له: لا تواسيني بهذه الكلمات ..اعلمها جيدا وقرأتها في كثير من الكتب ولكني لم اجد لها اثرا في هذه الحياة ..

قال لها :ولماذا تنظرين الى تلك الناحية??  ..انظري الي وانا اتحدث اليك…
يتبع…

اتمنى تعجبكم ممكن تفاعل
حتى اكمل

فوق ..الركامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن