الأماني ، رؤوس مال المفلسين !!

663 61 56
                                    

تستيقظ صبيحةَ اليوم التالي لتستمع إلى خبر وفاة صديقك.. تضحك بسخرية على حالك ، بينما لا تستطيع تمالك دموعك فلا تكفّ عن الانهمار.. و لكنك ببراءة ظننت أن الحياة قد أرتك جانبها المشرق

توالت الأيام و كَبُر الحنين بداخلك.. لا شيء أسوأ من الحنين ، حينما يتوسط قلبك و يوقعه في شِراكه ..تشتاق لأشخاص من المحال رؤيتهم ، فتتمسك جيداً بخيط الذكريات الرفيع و الذي قد ينقطع في أيّ لحظة ..


كبِرت قليلاً يا ولد .. إنه عامك العاشر الآن و للمصادفة العجيبة فقد ولدت في تمام العاشرة مساءً ... عامان انقضيا منذ أن رحل ذاك الصديق ، لتكبلك الوحدة مجدداً .. تسير في أسواق المدينة تتبضع كما أمرك والدك ..فتسترق السمع إلى همساتهم و التي كانت تتحدث عن " بئر الأمنيات " و يا ليتك علمت أن الأماني رؤوس مال المفلسين !!

و لكنك كنت أكبر مفلسٍ عرفته في حياتك لذا ، فقد كانت أمانيك هي الأسخف من بين الجميع .. رحت تسابق الريح في سرعتك حتى وصلت إلى أطراف القرية .. مكان واسع لا شيء فيه عدا التراب و قليل من الحصى ، يتوسطه بئر قديم .. باتت الأماني تتعارك داخل عقلك ، أيها تتمنى و أيّها تترك ؟ .. يبدو أنك اخترت التخلص من الحنين على كل حال.

تمنيتَ ما تمنيته ثم هممت بالرحيل ، رغم أنك تتمنى أيضاً امتلاك أموال كثيرة لتلقي بها في ذاك البئر و تبوح بأمنياتك .. عدت إلى منزلك و لم تلحظ تأخر الوقت ، لم يعد إلقاء اللوم على ذاتك كافياً ؛ فقد بدى والدك و كأنه لم يغضب من قبل !.. و كأنه يقول في داخله :

' أي ذنبٍ ارتكبته حتى تعاقبني بمثل هذا الطفل يا الله ؟ '

إلا أنه لم ينبس بحرف واحد .. ظننت أن الأمور على ما يرام و نسيت فعلتك التي فعلت ! قدمت إليه النقود المتبقية ليتضح أن العدد ناقص !! ...

" ويحك أما علمت أن السرقة آفة من آفات المجتمع ؟ كيف سوّلت لك نفسك أن تسرق ؟ "

هكذا صرخ فيك والدك ، ظنناً منه أنك سرقت النقود ، و لأنكم فقراء لا تمتلكون الكثير ، فقد كانت هذه القطعة النقدية بمثابة قوتٍ لكم!! لم تستطع التبرير.. لم ينطق لسانك بحرف واحد.. فانفجر غاضباً .. لم يُصدق ما اقترفت من خطأ.. فلطم وجهك بباطن كفه دون وعيٍ منه

راحت عمتك تضمك إليها بحنانها المعتاد ، بينما والدك يلقي عليك بسيلٍ من الشتائم ، أدركت حجم الجرم الذي ارتكبت ، أدركت كم أن العالم قاسٍ معك ..

لم تعبر دموعك حاجز جفنيك فقط تلألأت في عينيك.. همست عمتك في أذنك ' ألّلا تحزن يا صغيري ، لقد انتظرك كثيراً و خشي أن مكروهاً أصابك.. ثم إن السرقة سلوك غير مرغوب ، لا تكررها ثانيةً '

رغم كل الحنان الذي يفيض من عمتك ، إلا أنها ظنتك سرقت كوالدك.. لا تلقي باللوم عليها ، فأنّى لها أن تعلم دون أن تخبرها ؟

أويت إلى فراشك مساءً و أنت تتذكر كلمات جدتك لك.. فقد أخبرتك ذات حين أن الموتى يأتون إلى أحبائهم في المنام ليطمئنوا إليهم... و قد انتظرت ليالٍ طوالاً ، لعلك تلقى والدتك أو حتى صديقك! حتى أنك ألقيت بالقطعة النقدية و قلت أمنيتك!!! و لكن الأمر لا يُفلح.. بدأت تعتقد أنها لم تكن سوى كذبة أطلقتها تلك العجوز.


يتبع ~

هل الأماني حقاً رؤوس مال المفلسين ؟
و ماذا عن حلمه او لنقل أمنيته ؟
هل ستتحقق ؟
هل كان ردّ فعل والده قاسياً عليه ؟
و مالذي تخبّئه الحياة في جعبتها ؟
كونوا في الانتظار

أنتَ لستَ وحيداً حيث تعيش القصص. اكتشف الآن