#قصة_سمكتين
توضّح هذه القصّة قضيّة الإيمان بالغيب ، وكيف يستدلّ العاقل بآثار الكون على وجود الخالق سبحانه وتعالى ، وبإخبار النبي – صلى الله عليه وسلم - على ما لا تدركه الحواسّ من عالم الملائكة والجن والشياطين ، وما يدور في عالم البرزخ ، وأحداث يوم القيامة ، وغيرها من الأمور .
المشهد الأول
تحت أمواج البحار .. وبين الشعاب المرجانية ..
عالم يموج بالحياة .. ألوانٌ شتّى من مخلوقات الله تسبح يمنةً ويسرة تبحث عن رزقها وقوت يومها ..
وبين تلك الشعاب سمكتان توثّقت بينهما رابطة الصداقة منذ الطفولة على الرغم من اختلافهما في كل شيء .. فالسمكة (غيداء) اشتهرت بين أقرانها بجمالها الباهر .. أما السمكة ( لبيبة ) فلم يكن لها ذلك الحظ الوافر من البهاء والروعة كما لدى صاحبتها .. إلا أن الله عوضها عن ذلك بذكاء وفطنة.
وفي صباح يوم هادئ ، خرجت السمكتان كعادتهما تتجولان بين الصخور والشعاب .. فإذا بهما تشعران بحركة واضطراب في مياه البحر .. ثم أعقبه هدوء نسبيّ يتخلّله صوت حلقات المياه المتراجعة التي سبّبها ذلك الاضطراب .. وكان سبب ذلك الصخب اقتراب أحد القوارب الكبيرة ..
توقّف القارب بعد دقائق بالقرب من الشعاب .. ومرت لحظات من الصمت الثقيل قطعها صوت ارتطام جسم غاص في الأعماق بسرعة .. كان ذلك الجسم قطعة من المعدن اتصل بها خيط رفيع يمتد إلى السطح .. وهناك فرعٌ آخر لذلك الخيط كان يحتوي على طُعم للأسماك ..
نظرت السمكة (غيداء) إلى الطعام أمامها فلم تتمالك نفسها من الاندفاع نحوه للفوز به .. لكن السمكة (لبيبة) أسرعت نحوها واستوقفتها قائلة :
- ما بك يا مجنونة ؟ إلى أين تريدين أن تذهبي ؟
- إلى الطعام بالطبع ، أتريدين أن تمنعيني من رزقٍ ساقه الله إلي ؟
- لا تنخدعي بالمظاهر ؛ إنه فخٌّ محكم لك ولأمثالك
- أي فخٍّ تتكلمين عنه ، ذاك طعامٌ شهيّ وفرصة لا تعوّض
- لا تتعجّلي في الحكم على الأمور ، إنك لا تدرين ما الذي سيصيبك لو حاولت الحصول على ذلك الطعام ، سيعلق الخيط بك ، وستحاولين التخلّص منه دون جدوى ، ثم ستودّعين مملكتنا إلى عالم قاسٍ ورهيب ، فهناك فوق السطح صيّادٌ من بني البشر ينتظر قدومك بشغف ، ليس حبّاً فيكِ ، ولكن رغبةً في أن تكوني طعاماً له ولأولاده ، مصيرك يا زميلتي شواءٌ على صفيحة ساخنةٍ تتقلّبين عليها.
نظرت السمكة (غيداء) إليها بسخرية وقالت : أي سخفٍ تقولين ؟ أنا لا أرى شيئاً مما تذكرينه ، ثم من قال لك أن وراء الأمواج التي تعلونا عالمٌ آخر ؟ إنها أفكارٌ ساذجة ابتدعها خيالك المريض.
وبصوتٍ يملأه الشفقة قالت السمكة (لبيبة) : مسكينة أنتِ إن كنت لا تدركين وجود عالم علوي لا علم لنا به على وجه التفصيل ، فيه سماءٌ وجبال ، وأشجار ونباتات ، وشكلٌ آخر يختلف تماماً عما ترينه حولك من مظاهر الحياة عندنا .
أنت تقرأ
قصص وعبر
General Fictionقصص وعبر راقت لي وأحببت أن انقلها لكم اتمنى منكم الدعم متابعيني وشكرا ^-^