في ظلمة الليل ، بين أزقة الحي القديم ، أسير بكل ثقة ، فالأرض التي رعتك ، لا يمكن أن ترعبك ، ولو كانت مكانا للموبقات ، أود الخروج إلى تلك الغابة ، لأدرك بزوغ الفجر ، لا لشيء إلا أني أدمنت النظر لسرب الطيور ، فموسمه قد حل وبداية رحيله اقتربت ، فأردت أن أكون شاهدا على الحدث .
فالغابة هي : متنفس العاشق ، عندما يضيق ذرعا من الفقد ...الوهم ...تلاشي الوجود ...
تحمل بين جنباتها زفراته ، وبين أركانها همساته ، وفي طرقاتها وقائعه .
تجعلني ارسم صورة في سمائها ، فاحتضن الصورة رغم علوها ، أبقى شارد الذهن متأملا .مررت بين أغصان الأشجار ، منها ماهو موغل في القدم ، فعمرها بعمر أول شجرة في هذه الغابة الفسيحة ، وبعضها ما زال يشق طريق الحياة بعامل المطر .
أشعر بحيوية الفجر ، وسعادة بزوغه ، بعد ظلام الليل وكآبته .
قطعت جانبا من هذه الغابة لاستقر في ذلك المكان الذي تملأ الخضرة أرضه ، والأشجار تحيط به من جميع جوانبه ، جنة خلقها البارئ في أرض كاد أن يطمسها البؤس .ها أنا وصلت لمنطقتي ، استلقيت على ظهري ، وحلقت بنظري إلى السماء ، أرقب ساعة البزوغ ...
تخرج من بين الظلام !... انظر إليها... تخاطبني ، وتحرك يديها لتصل لي ، أمد يدي دون شعور مني ، أقول متلهفا : أين كنتِ ؟ أين وعد البقاء ؟... صحوت فجرا فلم أجد لمكانك أثرا .
أجيبيني يا وردة فؤادي ، وجنة عيني ، لا تتركيني مشتتا بين أسئلتي ، حائرا في إجابتها ، سأكتفي منك بهمسة ، ولا أريد منك حرفا ، فقد طمئني الفؤاد الذي يتذكر ساعة الوصال في قطع يومه ، لا يفارقه وهم الماضي وكأنها الحقيقة في حاضره ، أرجوك ... مللت الانتظار ؟نظرت وكل نظراتِها تسبح في كوني ، مملؤة بالدموع التي تنتظر رعدها لتمطر ، ووجنتاها أصبحتا كالورد من شدة مافي داخلها .
قال
فجأة تصفو السماء بعد أن كانت تحجبها الحواجب ، اختفى ما ارتسم فيها بعد أن كان واضحا لقلبي ، ها قد ابتعد عن سمائي ، وهاجر بعيدا ، فأدركت اللحظة ... من بعد غفوة شعرت باليقظة ، طارت مشاهدة الحدث ، وضعت يدي على جبيني مانعا الشمس عن عيني ، أمعنتُ النظر في الأفق ، سرب الطيور قد ابتعد .#حبَر_أسُود
#ظلمة الليُل
#إبراهيم_حمزه
#لآ استبيح إزالة الحقوق .