أول لقاء بقدري

121 3 2
                                    



احيانا تمر الذكريات علينا وتجعلنا نشتاق لماض رحل ونسينا ماضي مزقنا صفحاته بايدينا ودّعناه وعاهدنا انفسنا بالبدء من جديد، والسير قدما نحو مستقبل لن يكون فيه للماضي مكان.
      تجلس وحيدة بانتظار رحلتها المغادرة الى كوريا ،فتاة عربية جميلة ،شعرها الطويل حالك السواد ،عينان واسعتان بلون العسل الجبلي ،بالرغم من انها بنت عادية الا ان جمالها يلفت الانتباه فكل من يمر بجانبها يلتفت اليها ولكنها تبادر الشباب بنظرات حادة ترغمهم على الابتعاد عنها .نظرت الى ساعة يدها نهضت من كرسيها وتدلت بعض من خصلات شعرها الى الامام لتخفي القليل من ملامح وجهها تركت شعرها على حاله واتجهت الى المقهى الذي بجانبها أخذت منه بعض القهوة مع قليل من السكر وسارت باتجاه صالة المغادرين وهناك كانت مجموعة طلبة بعمرها ينتظرونها وإذا بإحداهن تصيح بها "ييت على الوقت بالضبط يا ريما خفت عليج" ازالت شعرها المنسدل على وجهها وقالت :فطامي يا حبي ليش كل هذا تصدق أني ما عرفتج وع فكره ترى فهد وصلني وروح من زمان
احمرت فطامي على الفور وقالت بهمس : عيب ريمة هذاالكلام تأدبي، أصلا أنا ما كنت ابا أجوفه ولا فكرة فيه ما طرى على بالي حتى
ريم:صح صح اصدقج والله اصدقج ، فطيم ما تعرف إش كثر استانست لما حصلت المنحة ،واقتربت منها وقامت بضمها
امتلأت عيني ريم بالدموع وهمست في أذنها أنا أيضا لا اعلم كيف حصلت عليها ردت عليها وهي تبعدها عنها قليلا فطام يالهبلة ساح الميكاب كله الحين شو بتسافرين وانت قبيحة،أسرعت فطام الى حقيبتها وأخرجت منها المرآة وريم تراقبها وهي تضحك
     في الطائرة صارت كل فتاة تبحث عن مقعدها بمساعدة المضيفات،كانت جميع الفتيات بجوار بعضهن البعض الا ريم ظلت بمفردها وكانت تقول لرفيقاتها كم أنا محظوظة فأنا بجوار النافذة وبمفردي أيضا كم هذا خيالي ،حدثت حينها ضوضاء بين الفتيات وكن يغبطنها على حظها ولكنها تجاهلت كل تلك المحادثات وأخذت نفسا عميقا وجلست في مقعدها بصمت كانت سماعاتها تتدلى من اذنيها أغمضت عينيها وإذا لذكرياتها تعود بها الى سماء صافية ونسيم بحرعليل،شمس تختفي خلف الأفق ،صوت خطوات يقترب منها من بعيد يضع عليها ستره من صوف يجلس بجانبها ويقول بصوت امتزج بضحك عفوي الجو بدا يصير باردا اخشى ان تضربك الرياح الباردة أدارت وجهها ببطء لتنظر اليه لتتفحص ملامح وجهه ولكن لا جدوى من ذلك كل ما تراه هو ابتسامه رسمت على وجهه بثت في نفسها القليلة من الطمأنينة والحنان .استيقظت على صوت احدهم كان يضع اغراضه في العلية ويحاول الجلوس بجانبها أدارت وجهها باتجاه النافذة وأخذت تمسح دموعها وأحكمت بقبضت يدها  على صدرها لعلها تخفف من الالم الذي كاد يمزق قلبها .

       احست برجل يرمي بنفسه على الكرسي الذي بجانبها وهو يتنهد بعمق تصنعت عدم ملاحظته ولَم تكترث لوجوده ،اخرجت من حقيبتها كتاب عن كوريا وصارت تقرأه ولكن قاطعتها المضيفة وهي تطلب منها وضع حزام الأمان وإغلاق الأجهزة الإلكترونية أو تحويلها الى وضع الطيران وأكملت بعدها قول تدابير السلامة وأكملت ريم قراءة كتابها ،وعندما أُطفِئت المصابيح لتبدأ الطائرة في التحليق إذا بها تسمع الذي بجانبها يحدث نفسه :عبود بليز استوا آدمي ،لاتتهور انت في الطيارة مب في المدرسة تحمل اكثر اصبر ياخي خلك شديد ،هانت انت صبرت ثلاث ساعات يعني يات ع كمن دقيقة عيب والله عيب،أدارت ريم وجهها باتجاه النافذة وهي تقول بصوت يكاد يكون مسموعاََ :شو هذ قلت الأدب حتى اخوي الصغير ما سواها ، صمتَ الشاب الذي بجانبها واللتزم الهدوء ،وبعد 15 دقيقة أنيرت الاضواء في المكان وإذا بالشاب ينهض على عجل وكأنه صاروخ متجها الى الحمام ،وجميع الركاب مندهشون منه لم تبالي ريم به ،وبعد النصف ساعة عاد الشاب الي مقعده وقال وهو يحدث نفسه اوك هين دواكم عندي بس نوصل بسلام واراويكم شغل الله عدل ،انت ومقالبكم الي ما تسوا والتفت باتجاه ريم وقال (وهو يشد سماعاتها من اذنيها): هيي انت يا بنت الناس ترى محد ياهل غيرج والقى السماعات عليها ،شعرت ريم ببعض الغضب وحاولت ان تتمالك نفسها وأخذت السماعات وأخرجت منديل من حقيبتها وصارت تُمسح بها وهي تناظر الشاب بنظرات احتقار وقرف وعادت الي قرائة كتابها بعد ان وضعت السماعات في اذنيها ،كاد الشاب ان ينفجر من برودها  وردت فعلها الجافة .
حينها مرت المضيفة بجانبها وسألتها : سيداي عمتما مساءً هل تريدان شيئا معين
عبد الله :نعم من فضلك بعض القهوة مع3ملاعق سكر
المضيفة : تفضل
عبد الله : شكرًا
المضيفة : عفوا ،ماذا عن الانسة ماذا تشرب ؟ 
ريم (وبعد ان انتبهت الي المضيفة ):عصير برتقال بعد إذنك مع مكعبات الثلج
المضيفة(وهي تعطي كاس العصير لريم):هل أنتما في رحلة شهر العسل تبدوان ثنائي رائع وظريف للغاية
ريم (من الصدمة) تترك الكأس من يدها ويقع عَلى قميص عبد الله
شهق عبد الله شهقة وقام واقفا من مكانه وصاح بالمضيفة : وجع انت ما تجوفي
المضيفة امتلأت عينيها بالدموع :sorry sir
تضايقت ريم من اُسلوبه وصاحت به : هيي انت بس عاد عيب عليك مصختها ما يسوا عليها( وأخرجت مناديل من حقيبتها ووضعتهم بيده) إمسك هذ وفكنا روح امسح قميصك بدال كل هذ الدراما الي ما منها فايده ،اوووف شو هذ الأشكال وجلست في مقعدها ،كان عبد الله في قمة غضبه ولكنه تمالك نفسه بعد ان رأى أنظار الجميع ملتفته اليه وغادر الي الحمام حيث لحق به مجموعه من أصدقائه اللذين شد صراخه انتباههم ،بعدها اعتذرت ريم الى المضيفة عما حدث  .
في الحمام"عزكم الله"
حميد : عبود بلاك يا ريال قلبت الدنيا عليها
راشد :تعوذ من الشيطان الا هو عصير برتقال ،احمد ربك انه ما شي حار ،كنت رحت فيها
حميد: اوووه صح من العسل الي حذالك (وهوقاعد يغمز) يحظك رقمتها ولا بعدك
عبد الله : اسكت لا تيييب طاريها مالت عليها ما ادري شو تحسب نفسها ،بس هين أنا اسنعها وما أكون عبود اذا ما يبت رأسها
عاد عبدالله الى مقعده وهو ناقم على ريم وهي لم تعهره اَي اهتمام مطلقا ،كان خيالها سارحا بعيداً جداً ولكنه سرعان ما عاد بها الى ارض الواقع عندما وقع هاتفها على الارض ،مالت بجسدها لإلتقاطه ولكنه استغل ذلك الموقف لصالح ووضع قدمه على هاتفها
قالت له :ولو سمحت ابعد رجلك فوني تحتها
عبدالله(بابتسامه خبيثة وحاقدة):بأحلامج لين ما تعتذري عن صراخج فيِّ قبل شوي
ريم:مستحييييييييييييييل وانت الي بتندم ،بعد للثلاثة ولاتلومني ع الي بيصير عقب ،1..2..3.....
وقرصت ريم ساقه قرصةً جعلته يرفع كلتا قدميه اعلى المقعد وهو يتنفس بسرعة لتخفيف ألمه وكتم صرخاته المتوجعه،أخذت ريم هاتفها وعادت الي وضعيتها بعدما مسحت هاتفها بمنديل دون ان تنطق كلمة واحده ،والذي بجانبها يشتعل شرارا وقهرا فقد اهانته وتجاهلت وجوده تماماً،قال وهو يصك اسنانه ببعضها من الغيظ : انت غريبة وقحة الله يعين أهلج عليج ،شكلج مخليه حياتهم جحيم بنت مثلج وجودها بالحياة غلط ،التفتت الي ناحيته ببطء شديد من الصدمة وقد ارتسمت في عينيها نظرة تحمل الكثير والكثير،وكأنه فتح بها جراحا ونهش فيها بلا رحمه ، عادت الي وضعها السابق بدون اَي رد أو تعليق لكلامه وهو بقية صورة شكلها المصدوم معلقةً في ذهنه وكان سكوتها كالرماح قد غرزت في فؤاده .

منزلي الجديدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن