أمضَيْتُ دفتر الإستلام و أغلقتُ الباب خلف صاحب البريدفتحتُ البطاقة لأقرأ ما كُتِبَ فيها ، تجهَّم وجهي و ألقَيْتُها على الطاولة بتذمُّر ..
أكْرَهُ المناسبات ، لن أرتاح يوماً دون حضورها ، كم أبغضها
أتمنى لو كُنْتُ أتلبَّسُ غطاء الفقر ، سأكون سعيدة بالتأكيد بعيداً عن هذه التُّرَهات.
:" ما هذه ؟ "أجبتها بصوتٍ ضئيل و أنا مُكَتِّفة لِيَدَيْ
:" دعوة ":" رائع ، ستكون ليلة مميزة ، إنها دعوة من السيد راف "
إن أمي متحمِّسة كعادتها لحضور الحَفَلات ، و من هو السيد راف !؟هذا ليس مُهِماًّ ، عددُ الذين تعرَّفْتُ أسماءهم يتجاوز الخمسين ، و جميعهم نحضر مناسباتهم باستمرار
كلَّ شهرٍ نحضر أكثر من ستَّةِ حَفَلات ، مع ذلك
لا يتعبون ، و أقعُ أنا الضحية ، لكنَّ ذهابي و عدمهُ
لا يُشَكِّلُ فَرْقاً ، و هذا ما أحاول دائماً إيصاله لهم
ولا يفهمون ، أو يتعمَّدون الجهل.
:" لن أذهب ".. صرَّحْتُ ببرود.:" بلى ستذهبين ".. وها هِيَ تردُّ عليَّ ببرودٍ مُمَاثِل مع ابتسامتها اللا مُبَالية
:" قُلتُ لن أذهب ، كفى أمي لم أَعُد أحتمل هذه
الإحتفالات ، أريدُ حياةً طبيعية لا قناع نُبْلٍ و كَرَم ،
لا أودُّ التصرُّف بـ زِيف ":" عليكِ أن تتصرَّفي كالسيداتِ الراقيات ، ولا يُهِم إن كان زيفاً أم لا "
:" ما فائدةُ ذهابي معكم كلَّ مرة !؟ .. لقد تعبت
لا أريد ، أكرهُ هذه المناسبات "
تجاهَلتْني !! .. حسناً ، لا أنتظر ردَّها ، أمي طيِّبةٌ جداً
و تحبُّني ، و لكن فيما يتعلَّقُ باسم العائلة و المجتمع الراقي و المُنْفَتِح ، فإنها تقف ضِدِّيتعرفُ بمدى كُرْهِي لهذه الأشياء و رفضي لها ، لكنَّ مجتمعنا المُتَحيِّز للعائلاتِ الغنيَّة فقط .. هو أهمُّ من رأيي.
¡¡¡¡¡¡¡
:" سيَصِلُ ثوبكِ الليلة ، غداٌ يومٌ مهم و يجب أن تكوني في أبْهَى أناقَتِك ":" لن أذهب ! ".. صرختُ بأعلى صوتي و الغضب يعتريني
:" أنتِ مُرْغَمة على الذهاب ".. والدي من ردَّ هذه المرة
:" مستحيل .. لن تُرْغِمُوني على شيءٍ كهذ..."
قاطعني بحزم :" لا تُنَاقِشي "
هكذا انتهى الأمر ، إضطُرِرْتُ للصمت ، إلى الآن
لم أفهم لِمَ عليَّ الخُضُوعُ لأوامرهم و حضور
الإحتفالات ، أنا لا أريد ، لا حاجةَ لي هناك.تواجدي بين أولئك الناس غير مهم و ليس ذو فائدة ،
هما يُقَرِّران بشأني ولا يُعْطِياني الفرصة لأُبدِي رأيي ،أودُّ الشعور بقيمةِ قراراتي ، تصرُّفاتهم هذه تُزَعْزِعُ ثقتي و تُشْعِرُني بأنني أداةٌ تُنَفِّذُ ما يُمْلَى عليها فقط.
¡¡¡¡¡¡¡
:" أودُّ أن أكون طبيعية ".. همستُ لذاتي و أناملي
تُحِيطُ بهاتفي ، كُنْتُ أعبث به و الغيضُ يملأ قلبيالحَفَلاتُ كلها متشابهة ، أصحابها أغنياء ، قصورٌ
فخمة ، ثيابٌ مُبَهْرجة ، مشروباتٌ فاخرة ، معاملة
راقية ، وابتساماتٌ مُزَيَّفة.أجزِمُ بأن كلَّ شخصٍ مدعو للحفلة يُخْفِي تحت قناعه وجهاً حاقداً طمَّاعاً ، سيِّء الطِّبَاع ، و أقصدُ بالقناع .. هو وجههُ الباسم.
لقد ترَعْرَعْتُ في منزلٍ كبيرٍ كالقصور ، و درستُ في مدارس للأثرياء ، و كلَّ ما أحببتهُ أجدهُ لدَيْأنا وحيدةُ عائلتي لذا يعتبرني الجميع مُدَلَّلة ، بينما في الواقع لستُ كذلك ، إنما أنا عادية كبقيةِ الفتيات ، بسيطة العيش و متواضعة جداً ، أحب الهدوء والجلوس بمفردي.
لم أرْتَح يوماً في وضعنا المادي لأنه يُشْعِرُني بأنني
مختلفة و أُجْبَرُ على العيش في حياةِ الرفاهية
و الترف
أنا من الأشخاص القلَّة الذين يفهمون معنى أن البشر سواسية ، مهما كانت حالتهم المادية ، أحاول إظهار ذلك في معاملتي للجميع ،رغم أنَّ من هُمْ مستواهم المادي أقل مني ، يتجنَّبوني بمجرد اكتشافهم أنني ثريَّة ، أعتقد أنهم يظنُّونني مغرورة أو أنني أستغلُّهم ، لهذا السبب كرهتُ كَوْني هكذا.
لم أجد من مجتمعي شخصاً واحداً يعترف بأفكاري
هذه و يثني على تصرُّفاتي ، فـ كلُّ من يعلم برأيي يدَّعي أنني ساذجة ولا أعي النعمةَ التي أنها فيها الآن ، في الحقيقة أنا أرى أنها نُقْمَة لأنها تُقَيِّدني.
¡¡¡¡¡¡¡
خرجتُ من غرفتي حالَمَا نادتني والدتي ، وجدتُ صندوقاً من الكرتون بلونٍ أبيض ، كان متوسط الحجم ، وهي تقف مُتَكتِّفة بابتسامة:" تعالي وافتحيه "
:" أعلم أنه ثوباً جديداً ، لقد امتلأت خزانتي ،
و مللتُ من الثياب اللافتة للنظر "
تذمَّرتُ و أنا أقترب من الصندوق ..:" مرةً واحدة فقط أَحْضِروا لي شيئاً يعجبني ، أليسَ لديَّ رأيٌ في اقتناء أشيائي !؟ "فتحتهُ بملل ليظهر على مرأى عينيَّ شيءٌ غريب !
لمستهُ بأطراف أناملي لِتُفَاجِئني نعومته ..
:" قماشٌ خفيف ! ما هذا !؟ "
" إنــتـهـــى "
أنت تقرأ
لستُ سندريلا
Romanceبين الثَّراءِ و الفَقْر ، أُمْنِياتٌ رسَمْتُ وَهْمَها على الخطَّيْن .. وفي أحلامي اللا مُتَناهِية ، باتت مُجرَّد أُمْنِياتٍ لم تَحْظى بِوَاقِعي القصير .. ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ أنا أكْرَهُ تلك المناسبات ، لا أُجِيدُ التَّعامُل مع ذوي الطَّبقاتِ الرَّا...