الفصل الثالث

5.8K 126 3
                                    


استغرق وصول اليسون الى مكاتب شركة كونراد وولده حوالي الخمس وثلاثين دقيقة .
كانت المكاتب والتي تحتل الطابق الرابع من البناء . تطل على منظر رائع على المحيط الباسيفيكي ولي معنى هذا ان والدها وقف مرة ينظر من النافذة حتى انها تشك في انه مايلز كونراد قد علم قط بان البحر موجود خلف نافذته . أركنت سيارتها في المكان المخصص لذلك تحت البناية كان زحام السير بالغا بالنسبة الى هذا الوقت من النهار ما جعل الرحلة أطول من المعتاد بربع ساعة ولكن هذا الوقت الزائد لم يكن كافيا لكي تجد الكلمات المناسبة التي تبلغ بها والدها عما حدث ليس عليها سوى ان تصارحه بالأمر مباشرة وبشكل فظ وتملكها الهلع وهي تفكر في ما عسى ان تكون ردة الفعل لديه . الامل المفقود
دخلت الى المكتب الخارجي ثم اومات تحيي السكرتيرتين أمام باب مكتب والدها .
سألتها ترايسي وهي صغراهما – ماذا كانت النتيجة يا سوني ؟
فأجابت اليسون – على ما يرام وعبست وهي تنظر الى باب مكتب والدها – هل هو في الداخل ؟
فاومات فيليس سكرتيرة والدها منذ حوالي العشرين عاما – انه في انتظارك .
كانت هي تعلم ذلك . ولكنها كانت تأخذ عدة ثوان تعد نفسها فيها للمحنة التي أمامها كانت تحب والدها للغاية ولكنها تكره التعامل معه وأخذت تفرك أبهامها بسبابتها ثم قبضت يديها الى جانبيها محدثة نفسها ان من السخافة ان تشعر بكل هذا الخوف من والدها حتى ولو كان رئيسها في العمل .
تنفست بعمق ثم استقامت في وقفتها تستجمع قواها كما اعتادت على الدوام كما كانت على وشك رؤية أبيها .ثم نقرت الباب بخفة ودخلت .
كان مايلز كونراد جالسا خلف مكتبه مركزا انتباهه على عمله لم يكن مايلز يحب استعمال الكومبيوتر كغيره من الرجال الذين يعملون تحت إمرته فهذا من عمل سكرتيرتيه أما ملاحظاته فقد كانت جميعا بخط يده على الأقل لم يسلبه حادث الاصطدام ذاك فائدة يديه .
وقفت اليسون عند العتبة تنتظر . ان أول ذكرياتها عن والدها صورته جالسا وراء هذا
المكتب كانت في حوالي الثالثة من عمرها حينذاك وكانت أمها قد أخذتها لتأكل في ذلك المطعم المرسوم على جدرانه مهرجون وبعد ذلك مرتا على المكتب هذا ورغم تأنيب أمها لها فقد ركضت اليسون الى الداخل تتملكها الإثارة لرؤية والدها لم يرفع بصره إليها حينذاك أيضا وعقدت ذراعيها فوق صدرها وهي تفكر في ان هناك أشياء لا تتغير أبدا والتوت شفتاها بابتسامة ساخرة . الامل المفقود
مرت دقائق كان يعلم أثناءها بوجودها ولكنه كان يتعمد هذا وتساءلت عما يسره في التصرف كطاغية .
إضافة رد
الامل المفقود 03:16 PM 18-02-14
وضع مايلز قلمه على المكتب ثم ثبت نظارتيه السمكتين على انفه الرائع الشكل فقد كان دوما رجلا وسيما ولعل هذا ما جذب أمها اليه في الدرجة الأولى . – لقد تأخرت .
فهمت ذلك بمثابة دعوة لها بالدخول والجلوس ولكن جلوسها كان اقرب الى الجثوم ولعلها أرادت ان تعبر بذلك عن نوع من الثقة بالنفس . فقد برعت في الظهور بذلك الدور بعد كل تلك السنوات ذلك انها منذ وفاة والدتها لم تشعر قط بالارتياح في وجود والدها ولكنها لم تجعله قط يشعر بعدم ارتياحها هذا فهذا سيجعله يشعر بالانتصار وأجابت – كان ازدحام الشوارع بالغا .
فقال بصوت جامد منخفض – كان عليك ان تحسبي حساب ذلك .
رأت على مكتبه رسالة من شركة شيريل وببطء أمسكت بطرفها تديرها باتجاهها تساءلت عما اذا كانت سلسلة الفنادق عادت للامتداد ذلك ان شركة كونراد ووالده كانت تعاملت معهم.
أجابته – لقد فعلت .
رفع عينيه الى وجهها ببطء أشبه بقاضي يستمع الى المتهم قبل إصدار الحكم ثم أعاد الرسالة نحوه وهو يقول – ماذا حدث ؟
- لقد فشلنا في الفوز بالمناقصة .
رأت من التعبير الذي بدا على وجهه انه كان يتوقع ذلك منها فهذه نظرته إليها على الدوام لم تزدها مرور السنين سوى قوة وثباتا ... كما لم يكف عن بعث المرارة والألم الى نفسها طالما عنفت نفسها على سطحيتها هذه وعدم نضجها . ولكنها ما زالت تخفي مشاعرها هذه نحو أبيها تصون بذلك كرامتها . هذا بينما في داخلها كان الألم لا يبارحها فهو هناك على الدوام .
ما كان ينبغي لامرأة ناضجة في التاسعة والعشرين ان يحبطها التماس رضا والدها لقد عنفت نفسها لوضعها هذا مرارا وتكرارا ولكن ها هي ذي ما زالت نفس
المشاعر تطاردها ربما ما كان رضاه ليعني كثيرا لو انها سبق وحصلت عليه مرة واحدة على الأقل .
ولكن مايلز كونراد لم يكن بالرجل الذي يطري أيا كان خصوصا هي فهو يتطلب الكمال على الدوام من نفسه كما من أولئك الذين يعملون معه فإذا كان ذلك فهو الراضي والذي يعتبره حقه ومنذ أصبح قعيد كرسي بعجلات أصبح أسوا من ذي قبل .
اخذ مايلز يتفرس في وجه ابنته الوحيدة بإمعان وقد بدا انعدام الصبر في عينيه الزرقاوين الفولاذيتين – هل ستخبرينني كيف حدث ذلك أم ان على ان استفهم عن ذلك كتابة ؟ الامل المفقود
ساورتها رغبة في النظر بعيدا ولكن هذا سيعد جبنا وهي لم تكن جبانة قط رغم تكهنها بان والدها ربما يريدها كذلك – سنحفر الأساس لتحقيق المشروع يوم الاثنين القادم . ضاقت عيناه – كانت نتيجة المناقصة حسنة أذن ؟
فنهضت واقفة تطرد بذلك ما يهددها من توتر – هذا ما يبدو فهي حسنة الى حد تغيرت معه مرتين .
كان بجانبه فنجان شاي كانت فيليس أحضرته لتوها فرفعه الى شفتيه واخذ منه رشفة وبصره لا يبارح وجهها ثم وضعه بشيء من العنف – ما هذا الذي تهذين به ؟
إضافة رد
الامل المفقود 03:17 PM 18-02-14
نهضت باستقامة وسرعان ما تملكها شعور بالذنب وهي ترى النظرة التي بدت في عيني والدها ذلك ان لديها ساقين يمكنها ان تقف عليهما . بعكسه هو وكان ذلك ذنبها فعادت تجلس وهي تقول – أنني لا اهدي يا أبي وإنما أحاول ان أجد الكلمات المناسبة لكي أخبرك بان المناقصة لم ترس علينا وحدنا - آه .
كانت كلمته هذه مغلفة بالثلج تبا لذلك فهي لم تعد في الخامسة من عمرها انها في التاسعة والعشرين وعندما تخرجت من كلية الهندسة كانت من الأوائل ... وذلك لكي تريه فقط لأنه كان قال ان ليس لديها الكفاءة كذلك كان بإمكانها ان تبني الأشياء وتجتاز العقبات التي تقف في طريقها وذلك منذ تعلمت المشي فلماذا تشعر دوما بعدم الكفاءة عندما تكون قريبة منه ؟
لأنه كان يريدها ان تشعر بذلك فهذا يجعله مسيطرا عليها ولأنها كانت تشعر بمسؤوليتها عن ملازمته الكرسي ذي العجلات هذا فقد تركته يفعل ذلك .
قالت – يبدو ان مار ينو و ماكليلان قد قدما نفس العرض . لقد كانت هي التي جهزت العرض وهو سيلومها لذلك تماما كما اعتاد ان يفعل إزاء كل خطا تقع فيه .
فردد يقول – مار ينو و ماكليلان ؟ يبدو ذلك وكأنه رسم فرقة هزلية من الدرجة الثانية .
شعرت بالغيظ لاستخفافه هذا انه لا يعلم شيئا عنهما فكيف بإمكانه ان يقلل من شان الآخرين بهذا الشكل وذلك بإشارة من يده ؟ ملقيا ملاحظات لا مبرر لها ؟ كانت تعرف جواب ذلك فقد رأته يفعل هذا طوال حياتها .
- أنهما ليسا من الدرجة الثانية إذ يبدو أنهما من المقاولين الأكفاء تماما . لم يكن لديها فكرة عما دفعها الى هذا القول . وربما هو الغضب من غطرسة أبيها هذه . رفع حاجبه متسائلا فقد ساءه استنكارها الى حد بالغ ولكنه كان راغبا في الاستماع اذا كان في قولها ذاك صحة فسألها – هل رأيت عملهما ؟
كان بإمكان والدها ان يعرف الكذب وهكذا جربت حظها فاجتابت دون ان يطرف جفناها – نعم . الامل المفقود
- هكذا أذن . ودفع كرسيه ذا العجلات الى الخلف قليلا مبتعدا عن المكتب كان طراز الكرسي أخر ما وصلت اليه الحضارة في التقنية فقد كانت بشكل كرسي مكتب سوداء اللون تتحرك بلمس اليد وتتجاوب مع كل رغبة تخطر له ولكنه كان يكرهها وكانت اليسون تدرك ذلك .
- اعدي قائمة لأجلي فانا أريد ان أرى بنفسي من مار ينو . وهذا يعني الاتصال به وأخذت تفرك أبهامها بسبابتها . كان استياء مايلز واضحا من هذا الترتيب فقال
- لا أحب ان اقرن اسمي باسم شخص أخر .
بعد ان أمضت سبع سنوات في هذه الشركة مازال يقول – شركتي . وليس شركتنا . لقد كانت تضرب رأسها بجدار من الصوان وقالت – اعلم ذلك ولكن لم يكن ثمة مناص من هذا ما دمنا نريد ان ندخل في هذا المشروع .
لقد كانت تعلم ان كرامته مازالت مهمة بالنسبة اليه . كشأنه على الدوام .
- ما هو الترتيب الذي تقرر إذن ؟
كانت ماهرة في سرد التفاصيل – سنعمل معا في المشروع مناصفة ولن يصدر اي قرار بشان اي شيء دون موافقة جميع الإطراف .
فقال بغيظ – لا أريد ان ينظر احد من فوق كتفي .
إضافة رد
الامل المفقود 03:19 PM 18-02-14
- عمليا .سيكون ذلك من فوق كتفي أنا .قالت ذلك وفكرة كون انجلو هناك يوما بعد يوم لم ترق لها لم تكن تظن بعد اجتماعها الاول ذاك في مكتب وولترز لم تكن تظن ان انجلو سيكون موجودا في ناحيته الا اذا كان هناك اجتماع فهو سيكون ثانويا في الأهمية وكانت هي تعلم ذلك .
أجابها والدها يذكرها – الشيء هو نفسه وماذا عن المال ؟
- الشركتان تحصل كل منهما على خمسة أثمان العطاء . قالت ذلك وهي تنظر اليه فقد كان المال يستهويه على الدوام . فبدت عليه الدهشة – أكثر من نصف المبلغ لنصف العمل ؟ - هل هي فكرتك ؟
كانت تتمنى لو بإمكانها ان تنسب ذلك لنفسها لترى فقط ما سيقوله . ولكنها قالت – انها فكرة انجلو .
استغربت سهولة لفظها لاسم ذلك الرجل فقد كان يبعث على الغيظ ولا بد سيسبب لها صداعا أثناء عملهما معا بسلوكه الذي يحسبه ظريفا ولكنها عندما انتقده والدها شعرت بما يدفعها الى الدفاع ولكنها عللت ذلك بشعور الثورة على أبيها دون ان يكون لذلك الرجل نفسه علاقة به فجذب والدها نظارتيه ليحدق أليها قائلا – انجلو ؟ ومن هو انجلو هذا ؟
- انجلو مار ينو . واسم شريكه شاد ماكليلان .
فقال بارتياب – يبدو عليك وكأنك تعرفينه شخصيا .
رأت النظرة في عيني والدها . وربما ظن نفسه يشم رائحة مؤامرة . وأثار غضبها البالغ ان يظن بها شيئا كهذا فقالت – كلا . ولكنني انوي ذلك فالمرء يجب ان يعرف دوما بشخصية منافسه . ونهضت واقفة . ثم التقطت حقيبة أوراقها ان لديها عملا يجب ان تقوم به وهي تتابع قائلة – لقد كنت علمتني انت ذلك .
- يدهشني تذكرك لذلك .
- أنني أتذكر كل شيء . وألقت عليه نظرة ذات معنى ولكن كان واضحا انه لم يشأ ان يرى المعنى الخفي في كلماتها تلك وهو يقول – اهتمي بذلك . هل قلت خمسة أثمان ؟. – نعم . الامل المفقود
- وما هي العقوبة اذا لم ننه كل مرحلة في وقتها .
ما زالت هي نفسها . كانت تعلم ما يفكر فيه فقد كانت العقوبة غير معقولة إذ كانت تمس الكرامة أما ألان فقد تغيرت فقد كثر المشتركون .
فهز رأسه – من حسن الحظ ان إنشات شركة ذات كفاءة مالية عالية ولو كنت تركتها بين يديك لأفلسنا في خلال شهور .
- ان خمسة أثمان العطاء لن يجعلنا فقراء .يا أبي .
لقد كان جدها هو الذي أنشا الشركة ثم ادخل فيها والدها وعمها بعد ذلك وبالتعاون معا جعلا منها هذه الشركة الضخمة الناجحة التي هي ألان لقد كان جدها توفي على مكتبه أثناء العمل وذلك بنوبة قلبية بعد ان بقى زمنا يتجاهل أعراض المرض الى ان فات الأوان عند ذلك تقاعد عمها . تحدوه الرغبة في الاستمتاع بحياته قبل ان يفوت الأوان وكان والدها قد اخذ عطلة ثلاثة ساعات ليحضر به الجنازة ثم
يعود الى العمل .
كان مايلز يكره الوقاحة فقال لها – ان لك على الدوام ألفاظا بديعة .
لم تحمل نفسها عناء التظاهر بالابتسام وهي تقول – هذا يتناسب مع الذكاء يا أبي وقد ورثت هذين عنك . وفكرت بصمت في ان القلب قد ورثته عن أمها .
انها مازالت تفتقد أمها بعد كل السنوات التي مرت فقد كانت في الخامسة حين توفيت مرغريت كونراد فقد كانت أمها تمثل لها كل ما هو دافئ ونفيس لقد كان الشك يراود اليسون بقوة أحيانا في ان أمها ذوت من نقص الحب والرعاية ذلك انه يكاد يوجد في الحقيقة ما هو بقسوة قلب أبيها .
كان هذا هو السبب في انها في نهاية كل يوم كانت تتساءل عما يدعوها الى الاجتهاد في محاولة الوصول الى قلبه ذاك ثم تفترض ان جزءا من ذلك السبب هو توق كل طفل عادة الى الحصول على حب والديه الى حد ما .
أما بقية السبب فهو الشعور بالذنب وكان هو حريصا على ان يذكرها دوما بذلك ان لم يكن بالإشارة السافرة الى أصابته بالعجز بسبب ذلك الحادث فهناك دوما الكرسي ذات العجلات يذكرها به يذكرها بتلك الليلة منذ خمس سنوات تقريبا عندما قررت ان تخبره بأنها أخيرا كفت عن محاولاتها إرضاءه وان الثقافة والنضال في سبيل دخول شركته الدفاع عن نفسها إزاء الملاحظات والمعاناة الخفية الدائمة قد أرهقها .
كانت حقيبة ملابسها في سيارتها جاهزة بعد ان فرغت من توجيه حياتها الى ناحية أخرى فقد كانت تلقت رسالة بالقبول من شركة تايلور وويلز وهكذا ستلتحق بشركة بناء في نبفادا حيث ابتدأت حركة بناء المساكن بالازدهار هناك وبالتالي الحاجة الى مهندسي بناء موهوبين .
كان هدفها بداية جديدة بعيدا عن أبيها . كانت تريد حياة خاصة بها بعيدة عن ظله ... عن عبوسه الدائم الذي لا ينفك يرى فيها نقصا . الامل المفقود
كانت قد قطعت تذكرة سفر وحجزت في الطائرة ولم يبق سوى أخباره بنيتها فقد تركت ذلك الى النهاية متجنبة بذلك مشهد الوداع الحزين لم تكن تريد ان تمنحه فرصة يستمر فيها أياما يعيرها بنكران جميله وكل ما فعله لأجلها او الاستماع الى اتهامه بسرقة عملائه فهذا أيضا مما سيقوله فقد كانت تطوعت لتوصيله بسيارتها الى اجتماعه في فندق شار يدان كان المطر قد بدا ينهمر بغزارة اثر عاصفة ربيعية غير معتادة وكانت هي تبحث بعناية عن كلمات مناسبة تعلن بها استقلالها وعندما وجدتها لم تجد الفرصة قط لإعلانها .
ذلك ان سيارة نقل من الناحية الأخرى للشارع قفزت نحوهما ورغم محاولتها هي تفاديها الا ان تلك السيارة اصطدمت بهما بقوة وكان أخر ما تذكرته هو صرختها باسم والدها .
بقى والدها في حالة غيبوبة ما يقرب من الأسبوعين أمضت كل دقيقة منها بجانبه رافضة تركه كانت تمسك بيده تحدثه عن العمل والمشاريع وكأنه مستيقظ مستميتة في محاولة إبقائه مرتبطا بالحياة وبعد أسبوعين استيقظ وكأنما من كابوس وإذا بالرعب يتملكه ان وجد نفسه وهو الرجل الجم الحركة والنشاط والمزهو دوما بلياقته الجسدية وجد نفسه مشلول القسم الأسفل من جسمه .
هذا بينما نجت اليسون من الحادث بجروح سطحية وكدمات لأغير . . هذا جسديا أما عقليا فكانت قصة أخرى لقد أصبحت مقيدة فهي اذا لم تكن قد لامت نفسها لهذا الحادث فهناك والدها يقوم به لأجلها فهو الذي كان يعاملها من قبل بعدم مبالاة . قد اصبح الان مليئا
بالمرارة والنقد اللاذع لكل ما تقوم به وكل قرار تتخذه سواء كان شخصيا أم مهنيا . وتعلمت هي العيش بهذا الشكل نابذة الأمر من ذهنها اذا استفحل او احتماله وإمعان النظر فيه .
كان عليه ان تكون بمثابة الساقين له كما قال لها عندما كان ما يزال في المستشفى أخذا طاعتها أمرا مسلما . فليس هناك من عارضه قط ولهذا لم يتوقع ان تختلف الأمور ألان خصوصا ألان .
لم تكن هي مؤهلة بشكل جيد لمثل هذا الوضع بطبيعة الحال كما اخذ يقول على الدوام وهو يحدق إليها من فراش المرض في المستشفى ولكن رباط الدم لابد انه يفيد نوعا ما وعليها ان تقوم بذلك ما دام ليس له ابن .
وهكذا بقيت لان هذا كان واجبها وهي قد نشأت على تقدير الواجب .
وها هو ذا ألان يقول لها – من الأفضل ان تستخدمي عقلك هذا الذي تفتخرين به في العمل .
فكبتت ردا جافا على قوله هذا إذ لم تجد فائدة من أخباره بأنها كانت حشرت في ساعة واحدة بين أمرين فأما ان تكون في المكتب الساعة السادسة وأما الذهاب الى الاجتماع في مكتب وولترز بشان ملحق السوق هذا . فهي تضع في خدمة الشركة ساعات أكثر مما يضعه اي شخص أخر . هذا باستثناء ما تنفقه عليه هو من وقت ولكن لم يكن يكفيه شيء مهما كثر . ولن يكفيه .
استدارت اليسون للخروج دون ان تتفوه بكلمة دفاعا عن نفسها لم تكن تريده ان يشعر بالشماتة فيها . ولكن صوته تبعها الى الباب .
- سأراك عند العشاء . الامل المفقود
- فوقفت ويدها على أكرة الباب لتقول دون ان تلتفت – طبعا .
لقد كانت عادت بعد حادث الاصطدام الى البيت لتساعد أدنا مديرة منزلهما وتعتني بابيها أثناء طور النقاهة وعندما تحسن اخبرها بان ليس ثمة سبب يدفعها الى ترك
البيت مرة أخرى .
لقد بدا لها ذلك منطقيا حينذاك خصوصا بعد ان كانت تركت شقتها عندما قررت السفر الى نيفادا . لم يكن لديها سبب يجعلها تبحث عن شقة أخرى . فالبيت كان أفضل مكان للعيش . بعد ان أصبحت حياتها ألان مرتبطة بابيها . فالمسالة هي مسالة تخفيف عن ذنبها .
تنفست بعمق وهي تشعر بالارتياح لخروجها من مكتبه ثم أسرعت الى مكتبها فهو سيطلب منها تلك القائمة قبل انتهاء النهار او حتى الساعة فهو ليس بالرجل الذي لا يأبه لما يجري ووقفت اليسون عند مكتب سكرتيرتها – رواندا أريد رقم هاتف مار ينو و ماكليلان انها شركة بناء . ونظرت الى ساعتها ثم اتجهت نحو مكتبها لم يبق وقت للخروج لتناول الغداء وستطلب إرسال شطيرة لحم أليها . فقالت السكرتيرة – ربما هو موجود على البطاقة .
فوقفت اليسون – اي بطاقة ؟
قالت رواندا الشاعرية الحمراء الشعر بابتسامة واسعة – البطاقة التي بصحبة الأزهار .
فحدقت اليسون إليها – اي ازهار .
وبدلا من الجواب نهضت رواندا وفتحت باب مكتب اليسون كان المكتب رغم صغره نسخة أخرى من مكتب أبيها ما عدا ان لديها جهاز كمبيوتر كما كانت الستائر مفتوحة على منظر البحر وهذا شيء كانت تصر عليه او لعله الشيء الوحيد الذي أصرت عليه .

أطفال في خياله-مارى فيراريلاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن