١_شَمْعَتِي الأُولَى احْتُرَقَتْ!

168 24 170
                                    


هبت في وجهي صَرْصَرٌ من رياح الحياة رغم ذلك ابتسمت و عندما رأتها(ابتسامتي) حسدتها فقررت أن تعصِف بها إلى بعيد البعيد .

____________

الطقس قارصٌ في الخارج ، بدا أنّ القطع الرمادية المتجمعة في السماء تأبى أنْ تكفكف دموعها المتجمدة،

بدأت نُتفها الثلجية بالتكوم فوق بعضها شيئاً فشيئاً ،
لدرجة أنك لن تستطيع تمييز موضع قدمك ؛ فها هي بالفعل غطّتْ حوالي سمك الثلاثين سنتيمتراً من الطريق.

التدفئة هنا قليلة جداً او شِبهُ معدومة ،
بضعُ قِطعٍ لا يتجاوز عددها الثمانية من الخشب موضوعةٌ في فوهة المدخنة ، ليست سميكةً كفاية ؛ كي تعمل على تدفئة المنزل أو بتعبير أدق الغرفة التي يتكون منها المنزل.

فمنزلنا قديمٌ خشبيٌ مهترئ ، لا تعدو مساحته حجرةً واحدة.

قِدْرٌ معلق فوقُ النار في المدخنة في اقصى يسار البيت ، تطهو لنا فيه أمي حساء الخضر نفسه كل يوم ، إنه المطبخ.

و على الأمام منها _المدخنة_ اي في الوسط توجد منضدةٌ صغيرة ذات محيطٍ مربع و ثلاثُ كراسٍ جميها خشبية ، إنها غرفة الطعام !

الباب يقع في منتصف الحائط الأمامي قُبالة المنضدة بالضبط ، خشبي أيضاً ، هو مكسور من الأسفل قليلاً ؛ غطاه ابي بقطعة من الكرتون و أخرى قماشية كي لا يسمح للريح بأن تعصف دفءَنا البارد !
لكني لن أنكر أن الريح كانت تعصف به و في أي دقيقة كانت لتقلعه.

لكن كل هذا لم يكن ليهمني ، يمهه و لا يهمها. كل ما كان يهمنا أنّا كنا معاً ، فقد كنا راضين بحياتنا البسيطة ، بعيشتنا القاسية و حتى بيومنا الشاق .

جلُّ ما أهمني أنها كانت معنا ،

حتى حساء الخضر الذي كانت تعده لنا كل يوم لم أكن أتذمر منه ، اقول عنه غير لذيذ او اني لا اريد تناوله بحجة أنه صارَ روتيناً ؛ فقد كانت كل مرةٍ تضيف له بكلماتها السحرية الدافئة ما جعلني أقتنع و اصدق بأنه مختلفٌ عن خاصة اليوم الذي سبقه.

ففي آخر مرةٍ اذكر انها قالت لي :

" أريس لقد أتى حساء هذا اليوم من باريس و هو يقول أن برجَ إيڤل يسلم عليكِ و يقول : ..

و بعد أن غيرت نبرةَ صوتها للخشنة :

.. فلتأكُلني الآنسة أريس فطعمي لذيذٌ لكن لتتمهل كي أُشبعها "

ثم قهقهتْ و هي تدخل ملعقة الحساء بجوف فمي ، لقد اقنعتني حينها ؛ فقد كنت مهووسةَ ايڤل الصغيرة ، و عاشقة أمي و كلماتها السحرية .

حيث كانت بتلك الأخيرة تنسيني رداءة التدفئة ، و صوتها الدافئ ينسينا برودة جو البيت القارصة .

شموع أضاءت طريقي و احترقت || قصة قصيرة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن