أقتحم هذا الضباب الكثيف و هذا المطر الغزير الهاطل على غير عادته في هذا اليوم الأخير من شهر سبتمبر.. أضواء الشارع تعكس فراغه و وجه بلخير مدمن خمر ملقا على كرتونه بجانب مدخل الحانة الوحيدة في هذا الجانب من المدينة.. سواد بشرته وطوله الفارع يعطيه هيبة حارس ليلي لولا ثيابه الرثة.
أمر بجانبه مسرعا بعد أن ركنت سيارتي غير بعيد.. يستوقفني ماسكا سروالي ..
" نسيت البركة يا صديق.. خوك راه والوا.."
أضع في يده الممدودة خمسين دينارا و أحرر ساقي و سمعي..
أقتحم صخب القاعة،أنغام الراي و المتعة الحالمة لعلها تنسيني ما أنا فيه من غم، لعلها تعيد لي ملهمتي الغاضبة منذ أكثر من سنة فتُوحي لي ببقية روايتي الأخيرة..
أعاين الطاولات باحثا عن قدور التويست.. أجده وحيدا في زاوية غير معتادة.. بنرفزة يعاتبني عن تأخري..
" هذه ساعة و أنا هنا وحيدا أنتظرك.. لماذا تأخرت.."
أرد، آخذا مكاني قدامه.." الله غالب.. الآن فقط سلمت السلعة لأصحابها.. السيارة فعلتها مرة أخرى.. كل الأمسية قضيتها في إصلاحها.."
يقدم لي قنينة هينكن.." اشرب و أبعد الهم عن رأسك.. الليل خمر و الصبح أمر يا سي أعمر..دعنا من المشاكل و خلينا في لِيبْرُوبْلاَم.."
يبتلع جرعة حارة.. يسحب رأسي و يقبله..
" هذه في خاطر الصحبة تاع الصح.."
و يضيف جرعة أخرى.." أتعلم يا صديقي العزيز أني .."
و يصمت و قد اختنق صوته و احمرت عيناه.." حسنا.. تعلم أني لا أبوح بأسراري إلى لك يا سي علي.. تعلم ذلك.."
فأشرت له موافقا.. يسحب رأسي مرة ثانية و يقبله.." أنت صاحبي ، خويا، و بُويَا.."
و يبتلع ما تبقى من القنينة..فقدمت له قنينتي و استدعيت النادلة طالبا قنينة أخرى لي..مسح شفتيه بكفه.. نظر إلي مليا ثم قال..
" هذا المساء أدخلت ميساء إلى المستشفى.. "
فقلت متأثرا.. "ياك لا َبَاسْ.."
"وجدتها في حوض الحمام فاقدة الوعي.. وهي الآن في الإنعاش..حاولت الانتحار.."
أنت تقرأ
الشرخ
Mystery / Thrillerكلما قابلته لمحت على وجهه الحيرة و الحسرة ، تساءلت دائما عن السبب ،عن الحكاية.لكنه كان دائما يصدمني بالصمت و الاكثار من الشرب حتى الثمالة.لكن هذه الليلة تحرر من كل قيوده و اعترف لي بالسر .