" هذا المساء أدخلت ميساء إلى المستشفى.. "
فقلت متأثرا.. "ياك لا َبَاسْ.."
"وجدتها في حوض الحمام فاقدة الوعي.. وهي الآن في الإنعاش..حاولت الانتحار.."
تنهدت وقلت بكدر.." جئت أحكي لك همي وجدتك يا صاحبي أكثر هما مني، وكيف هي الآن؟"
"حالتها مستقرة ..لو تأخرت دقيقة واحدة لكانت الآن في الثلاجة، هذا ما قاله لي الطبيب.. أتعلم.. ابتلعت كل الحبوب المنومة و المضادة للاكتئاب.. أجروا لها غسيل معدة..نجت من الموت بشعرة.."
فقلت له مؤنبا:" لقد أثقلت عليها حتى أوصلتها لما هي عليه .. "
فحدق بي مقطبا حاجبيه.. " لمَ تقول ذلك؟ منذ أن وُلدت لم تعرف أحن مني عليها.. لقد أحببتها بصدق يا بخس.."
حول نظره إلى المرقص ،تأمله مليا ثم قال:" أبوها ولد لحرام هو السبب.."
و صمت لبرهة ثم أفرغ ما تبقى في القنينة في جوفه.. مسح شدقيه بأكمام سترته و استرسل قائلا:
"حين عرفتها.. في ملهى النخيل ..كانت فتاة جميلة تصاحب شيخا من أعيان المدينة..الكل كان يعلم أنه عنين.. لكنه يتظاهر بالعكس بمرافقتها له كل ليلة مقابل السكن و المال..كانت رقيقة المنظر ،جميلة القد.. ترتدي دائما لباس سهرة أحمر طويل لامع يظهر مفاتنها.. ترسل شعرها الأسود المسرح الطويل خلف ظهرها حتى يلامس خصرها،كأنها خارجة من موضة إشهارية لبنانية يا مْحَايْنَك .. الكل كان يشتهيها ..لكن لا أحد ..لا أحد تطاول و أشار إليها.. فمن يستطيع تحدي الدينصور..من .."
يبتسم..
" أنا فقط..كالشيطان الأزرق تسللت إليه حتى أصبحت قرينه .."
و يضحك ..
"أتذكر رد فعلك يوم دعوتك للسهر معنا في فيلته بشاطئ العيون ..ليلتها .. اه ..استفردت بها في الممر الخالي المؤدي إلى الحمام وقد استحضرت كل مكري وكلامي المعسول ،راودتها لمدة شهر كامل حتى انتزعت منها رقم هاتفها السري..ياه.. كم أشتاق لتلك الأيام ..كانت روعة..لمجرد الحديث معها كنت أنسى كل همومي.. عشقتها بجنون حتى أني فكرت بقتل الدينصور لتكون لي أخيرا.. غير أن الأجل كفاني المشقة و عواقب شيطاني..مات..و أخيرا مات.. سكتة قلبية من النوع الرفيع كانت كافية لترسلها إلى أحضاني..
استقبلتها في شقتي..كانت تائهة ،خائفة..كل الحصون انهارت من حولها و أصبحت في العراء..قدمت لها العشاء و أي عشاء صدر خروف مشوي، سلاطة آخر طراز،ويسكي و كل الفواكه الصيفية..لم أبخل عليها بشئ علمت أمها تشتهيه..آه يا لعزيز.."
و يشد على يدي اليمنى بقوة..
"فقط لو تخرج منها سالمة..السهر لمدة أسبوع خالص من عندي."
أنت تقرأ
الشرخ
Tajemnica / Thrillerكلما قابلته لمحت على وجهه الحيرة و الحسرة ، تساءلت دائما عن السبب ،عن الحكاية.لكنه كان دائما يصدمني بالصمت و الاكثار من الشرب حتى الثمالة.لكن هذه الليلة تحرر من كل قيوده و اعترف لي بالسر .