3.

60 11 7
                                    

مشتت الذهن، قاد سيث بسرعة إلى المدينة متجهاً إلى المركز. توقف للحظة وهو يبحث عن هاتفه المحمول الصغير ليتأكد من أنه ليس صامتاً، كان آخر ما يريده هذه الليلة هو تفويت مكالمة من أخيه ـ أو فعلياً من أي شخص ـ يشرح له فيها مالذي يحدث. لم يلحظ أن أضواء المدينة منطفئة وأن كل ما حوله غارق في الظلام تقريباً.

أمسك بالمقود مستعداً لمواصلة المسير وهو يشاهد المراهق الوحيد الذي يسير في الرصيف قرباً منه قد سقط على الأرض وبدأت أطرافه تتقلص وتفتح مجدداً وجسمه يغرق في نوبة تشنج عنيفة. بعينيه المتسعتين رأى خطوطاً سوداء تمتد على طول عنق الفتى وذراعيه المكشوفتين، بدا أن تلك الخطوط تغزو جسده. أراد سيث الخروج من السيارة ومساعدته لكن كلمات أخيه رنت في عقله مخلفة صدى مزعجاً. لا تفتح النوافذ. هل يكون ما يراه الآن هو ما تحدث عنه أخوه؟ لم يحزر الجواب. ضغط على دواسة البنزين وقاد مسرعاً وصورة المراهق تتكرر مراراً في عقله.

***

دخل سيث إلى المركز بعجلة بعد أن اتصل بتوأمه سيدريك ليدع الحراس يدخلونه. وبعد أن تفحصه بعض الأشخاص الذين يرتدون أزياء واقية بأجهزتهم الغريبة دخل إلى المكان الذي تواجد فيه سيدريك وبقية العلماء. ما إن رأى سيدريك سيث حتى احتضنه بسرعة.

"حمداً لله أنك بخير". قال سيدريك متنهداً بارتياح. لم يمنحه سيث الفرصة ليتحدث فباشر بطرح تساؤلاته التي كبتها لوقت طويل.

"نحن لم نعرف ما هو بعد، لكنه ينتشر بسرعة رهيبة كالنيران في الغابات. الشيء الوحيد الذي نعلمه هو أنه ينتقل عبر التكنولوجيا". حاول سيدريك التفسير ونبرته تشي بالارتباك الذي هو غارق فيه. عقد سيث حاجبيه.

"عبر التكنولوجيا، هل تتخيلُ هذا؟ إنه يستطيع الدخول إلى كل مكان. عبر الإنترنت، عبر الهواتف، حتى أنه ينتقل عبر التلفاز!" واصل سيدريك بينما عادت صورة المراهق إلى مخيلته.

"ليس هذا فقط، إنه ينتقل عبر الهواء والملامسة المباشرة أيضاً. أنت تصاب به حين تتنفس الهواء الذي تنفسه المصاب وحين تلمس مصاباً. لم نستطع التوصل إلى أي مضاد للوقاية منه والحماية حتى الآن تقتصر على لبس بزات واقية صعبة الارتداء. مجموعة منا يحاولون تطوير هذه البزات لتكون أقوى وأسهل في الاستخدام.

"سيدريك، عم نتحدث الان بالضبط؟" قال سيث محاولاً الحفاظ على نبرته.

"لم نحدد طبيعة هذا الشيء بعد، لكننا نطلق عليه الطاعون. إنه فعلاً طاعون القرن الواحد والعشرين".

صمتا للحظات غارقين في تفكير عميق. فجأة نطق سيث.

"النظام الجديد". بدت أمارات الاستغراب على وجه سيدريك. صمت سيث مرة أخرى محللاً النتائج التي توصل إليها في عقله.

"الطاعون الحديث مخترع من قبل شخص ما، ولم يختر الشخص مدينتنا عبثاً. مدينتنا هي الأولى التي تقوم بتطبيق النظام الجديد في العالم مما جعلها ملاذاً آمناً يترعرع فيه طاعونه وينتشر قبل أن ينتشر للعالم أجمع". قال مستنتجاً. اتسعت عيناه حين أدرك مدى رعب تلك الفكرة بينما وقف سيدريك حائراً.

أدرك في لحظة أن كل شيء سيموت. سينتهي كل أولئك الناس وستنتهي معهم أحلامهم الصغيرة وتفاصيل حيواتهم.

كل شيء سينتهي إن لم يكن هو البطل.

***

Hero - بطلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن