4.

51 11 0
                                    

بضعة بنايات في أماكن محدودة أوسط المدينة غرقت في ظلام دامس، ولا زال العمل يجري لفصل بقية الأبنية عن الكهرباء لتلافي انتشار الطاعون فيها. لازال الطاعون ينتشر في الأماكن الأخرى. عمت ضجة عارمة في بعض الأماكن بسبب الأشخاص الذين يصابون بالكاعون طوال الوقت، وفي ذات الوقت قوبلت هذه الضجة بصمت مؤلم. الجميع علم أنه لا علاج بعد. كان عليهم أن يدعوا من أحبوهم ملقين على الأرض يتخبطون بلا حول ولا قوة، غير قادرين على ترك كلمة وداع صغيرة حتى.

في المركز كانت الفوضى كبيرة بسبب حالة قلق الجميع هناك. الجميع كان يحاول - عادة بيأس - إيجاد حل للطاعون. أو معنى على الأقل. وكذلك كان سيث يفعل، بعيداً عن تلك الضجة. كان واعياً لأن الطاعون انتقل بسبب النظام الجديد، ففي سنة وقت قريب تخلت المدينة عن أبراج الكهرباء وأبراج بث الإنترنت وشبكة الهاتف، واستبدلتها بكابلات سميكة محكمة تحت الأرض تتصل في تفرعات مختلفة لتصل إلى كل منطقة. وتعود كل هذه الكابلات إلى مركز الطاقة في منتصف المدينة، والذي يتم منه بث خدمات الكهرباء والإنترنت والهاتف إلى كل ركن في المدينة وضواحيها وحدودها.

صدر أمر بعد معرفة سبب الانتشار الأول بقطع الكابلات عن كل المدينة لتتوقف الخدمات ويتوقف معها انتشار الطاعون، لكن العمل بهذا الأمر كان صعباً ويسير بطريقة بطيئة. لا حل آخر في الأفق. ستغرق المدينة بعد أسابيع في ظلام أبدي أو بالكثير من الجثث السوداء. لا أكثر ولا أقل.

جالساً على الأرض مقابلا للمرآة الكبيرة المعلقة على الجدار، ظل سيث يفكر. اكتشف أن مشاهدة ومضة الطاعون بشكل غير مباشر لا تؤذي، وذلك بعد أن شاهدته أحد المواطنين. راقب المرآة بصمت بعد أن شغل حاسوبه المحمول. بضعة دقائق ثم ظهرت النافذة السوداء.

راقب بتركيز الأحرف والأرقام العشوائية، ثم الومضة. ومضت الشاشة بلون أحمر قاني كالدم في ثوان ثم انطفأ الجهاز. كانت تلك الومضة كفيلة بقتل سيث في الحالة العادية.

فتح الحاسوب المكتبي المتصل بكهرباء المركز، والتي قاموا بتوليدها عن طريق ألواح شمسية تقوم بامتصاص أشعة الشمس وتحويلها إلى كهرباء. وقضى الليل بطوله في البحث والتفكير لكنه لم يتوصل إلى أي نتيجة. قرر مشاهدة الومضة ثانية.

شغل حاسبه المحمول، وانتظر بهدوء موليا ظهره للشاشة. ظهرت النافذة السوداء، ومعها فتح باب المختبر.
"أخبرتك أن تتوقف عن هذا! أنت ستؤذي نفسك ولن تجد حلا. الإله وحده يعلم متى سينتهي هذا الدمار! " انتحبت هنرييتا وهي تجري لتقابل خليلها سيث.
"لا تقتربي!" صرخ بها لكن بعد أن فات الأوان. نظرت هنرييتا إلى الشاشة في لحظة الومضة. سقطت هنرييتا على الأرض متشنجة والخطوط تمتد على جسدها.

انتحب سيث وصرخ، لا أحد يستطيع معرفة شعوره في تلك اللحظات. كان يراها تتخبط في الأرض ويعلم أنها انتهت، يعلم أن كل شيء في حياته سينتهي أيضاً بنهايتها. كيف لا وهي كانت الجمال الوحيد في حياته؟

اقتحم المكان من قبل عدة أشخاص لم يرهم سيث، لأن نظره كان معلقاً بهنرييتا الممدة على الأرض. لابد من وجود علاج. لابد من أنني أستطيع إنقاذها!
سحب الذين دخلوا سيث بعيداً عنها وهو يصرخ ويحاول المقاومة، ودموعه تنزلق على خديه. أخرجوه من الغرفة بالقوة. بعد وهلة شعر بوخزة صغيرة في كتفه الأيمن ثم غاص في الظلام.
***

Hero - بطلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن