ارض الموصل بالعراق, كانت هناك بلدة تسمى " نينوى", أنحرف اهلها عن منهج الله, وعن طريقه المستقسم, وصاروا يعبدون الأصنام,ويجعلونها ندّاً لله وشريكاً له,
فأراد الله ان يهديهم إلى عبادته فأرسل إليهم نبيه يونس- عليه السلام-, ليدعوهم إلى الإيمان وترك عبادة الأصنام التي لاتضر ولا تنفع, لكنهم رفضوا الإيمان بالله, وتمسكوا بعبادة الأصنام, وأستمروا على كفرهم وضلالهم دون ان يؤمن منهم احد, بل أنهم كذبوا يونس وتمردوا عليه, وأستهزءوا به, وسخروا منه.
فغضب يونس من قومه, ويئس من استجابتهم له, فأوحى الله إليه أن يخبر قومه بأن الله سوف يعذبهم بسبب كفرهم.
فامتثل يونس لأمر ربه, وبلغ قومه, ووعدهم بنزول العذاب والعقاب من الله, ثم خرج من بينهم, غاضباً بدون إذن ربه((وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ))ذهب إلى شاطئ البحر, وركب السفينة, وفي وسط البحر هاجت المواج, واشتدت الرياح فمالت السفينه وكادت تغرق.
وكانت السفينه محمله بالبضائع الثقيله, فألقى الناس بعضاً منها في البحر, لتخفيف الحموله,ورغم ذلك لم تهدأ, بل ظلت مضطربة تتمايل فيهم يمينا ويسارا فتشاور فيما بينهم على تخفيف الحموله البشريه فاتفقوا على عمل قرعه والذي تقع عليه, يرمي نفسه في البحر.فوقعت القرعه على نبي الله يونس, لكن القوم رفضوا ان يرمي يونس نفسه في البحر واعيدت القرعه مرة اخرى, فوقعت على يونس, واعادوها مرة ثالثة ووقعت عليه, فقام يونس وألقى نفسه في البحر وكان في انتظاره حوت كبير أرسله الله له, واوحى إليه ان يبتلع يونس- عليه السلام – دون ان يخدش له لحماً, او يكسر له عظماً, ففعل فقال تعالى((وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ))
لقد اصبح في موقف يأس, وفي وقت رعب, وفي وحشة لايعلمها إلا الله, من يتذكر في هذا المكان؟ اباه, أو امه, او زوجته, او اخاه , أو ولده.
بل ظل يسبح الله عزوجل ويدعوه ان ينجيه من هذا الكرب, قال تعالى
((وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ))
وامر الله الحوت ان يقذفه على الساحل , ثم انبت عليه شجرة ذات اوراق عريضة تضله وتستره وتقيه من حرارة الشمس, قال تعالى((فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ * وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ))
وامر الله يونس ان يذهب إلى قومه ليخبرهم بأن الله تاب عليهم ورضي عنهم فامتثل لأمر ربه وذهب إلى قومه, واخبرهم بما اوحي اليه,فآمنوا به فبارك الله لهم في اموالهم واولادهم قال تعالى((وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ * فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ))
وقد أثنى الله على يونس في القرآن الكريم قال تعالى((وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاً فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ الأنعام))
وقد اخبر النبي صلى الله عليه وسلمان الذي تصيبه مصية او شر ثم يدعو بدعاء يونس يفرج الله عنه قال صلى الله عليه وسلم((" دعوة ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له "))
رواه الترمذي