حملت سيرافينا صورة إبنها للمرة العاشرة تقريبا وتأملتها مليا , قبل أن تقول بصوت حزين .
" كان وسيما جدا عندما أخذت له هذه الصورة قبل عام , غيّر الجرح في شفته الكثير من ملامح وجهه الجميل , يا دونا , إنه يبدو الآن..... عنيفا وقاسيا".
كانت دونا تجلس في كرسي قرب الكنبة التي تستلقي عليها سيرافينا بعباءتها الجميلة الملونة , والدفتر والقلم بين يدي دونا , ولكنها لم تدوّن الكثير من الملاحظات بسبب حديث الممثلة المستمر عن أبنها , كانت سيرافينا تنتظر جوابا , فقالت لها:
" ليس الى هذا الحد , يا سيرافينا".
" ماذا تقولين ؟ ألا يمكنك أن تقارني بين هذه الصورة وما هو عليه وجهه الآن ؟ أنا أعرفه أكثر منك , فلا تجادليني".
" أنا لا أجادلك , الفارق الوحيد بين العام الفائت والآن هو التغييّر الطفيف الذي طرأ على شفته , بأستثناء ذلك , فهو لا يزال رجلا وسيما للغاية ".
" رجل ... نعم , هذا هو الأمر , هذا ما حدث بالضبط , أدركت فجأة أن أدوني أصبح رجلا , ولم يعد ذلك الشاب الجميل المدلل , هل تألم كثيرا يا دونا ؟ هل تحمّل الألم بشجاعة؟".
أكّدت لها دونا للمرة العاشرة أيضا أنه كان شجاعا للغاية , وأنه تحمّل الألم برجولة وعنفوان , ثم أضافت قائلة :
" أنه لم يفقد أي شيء من جاذبيته , سيرافينا , لا بل أنه ........ ".
توقفت عن أتمام جملتها , لأنها تعتبر أن العملية الجراحية التي أجريت لشفته السفلى حوّلتها من شفة ممتلئة مثيرة للفتيات الى شفة قوية تعجب بها النساء , وأكثر من ذلك ..... أنه أكثر شبها....... بأبيه!
تأمّلتها سيرافينا طويلا ثم سألتها بصوت ناعم:
" أنك تعتبرين أبني جذابا , أليس كذلك؟".
أبتسمت دونا وقالت:
" أي فتاة تتمتع بنظر عادي ولديها مشاعر طبيعية لا بد أن تجد أدوني جذابا".لم يحاول أدوني أبدا أخفاء أعجابه بها , وسيرافينا تعرف ذلك , أنها تعرف أيضا أنهما يسبحان معا في البركة الخضراء الكبيرة ويتمشّيان لفترات طويلة على حافتها , لم يعد أدوني راغبا كثيرا في قيادة سيارته بسرعة....... أو المقامرة , أعتاد على تسلية نفسه بالأشياء المتعددة المتاحة له في البيت ....... في بركة السباحة , الى غرفة الألعاب المنوعة , الى قاعة السينما الصغيرة التي تعرض فيها أفلام سيرافينا وغيرها من نجوم هوليوود في عصرها الذهبي , أعترفت دونا لنفسها وهي تتذكر هذه الأمور بأن سجنها الكبير مزوّد بكافة وسائل الراحة والتسلية والترفيه عن النفس , إلا أن عذابها القوي الناجم عن وجودها قريبة من ريك وبعيدة عنه في آن واحد , آخذ في الأزدياد بحيث أصبح توتر أعصابها يحرمها من النوم معظم ساعات الليل , تتألم كثيرا عندما تتخيّله في غرفة سيرافينا , وعندما لا تجد في الصباح شريطا تسجيليا لتدوين محتوياته على الورق , تتلوّى من آلام الحسد والغيرة , كيف يمكنها أن تحب رجلا مستسلما الى هذه الدرجة , جسما وروحا , لمطالب أمرأة أخرى ورغبتها؟
" أعتقد أن أدوني بدوره يجدك جذابة جدا , أليس كذلك؟".
" السبب الوحيد لذلك هو أننا موجودان معا في مكان واحد , لا ..... لا أريدك أن تتخيّلي أنني أحاول بأية أعمال سخيفة لحمله على التعلق بي , أنا سكرتيرتك وممتنة جدا لك لأنك تسمحين لي بالتمتع بوسائل الترفيه المتاحة في بيتك".
أطلقت سيرافينا ضحكة غنج خفيفة , وقالت:
" لا مبرر لمثل هذه الحساسية يا دونا , أنا أعرف أبني , ولا أريد أن يلحق بك أي أذى بسببه , عذّب كثيرات غيرك بتصرفاته الطائشة اللامبالية , ولكن معظمهن كن نساء يعرفن أن عليهم عدم التورط معه , أنني أوافق ريك في رأيه بأنك شابة من طينة تختلف عن بقية النساء , لم يكن لديك قبلا أي مغامرات هوجاء مع الرجال , أليس كذلك؟".
" لم أشعر أبدا بأي رغبة في ذلك".
أحمرّت وجنتاها رغما عنها عندما ذكرت سيرافينا أسم ريك , من المؤكد أنهما بحثا معا في أمرها , وأن ريك أوحى اليها صراحة أن أهتمام أدوني بها آخذ في الأزدياد , شعرت بأن التناقض في مشاعرها يمزق قلبها ...... فمعرفتها بأنه يهتم بها وبأمورها تسرّها كثيرا , ولكن تدخله في حياتها الخاصة يثير في نفسها شيئا من الأشمئزاز.
راقبت سيرافينا أحمرار وجه دونا ونظراتها الزائغة , ثم سألتها بهدوء:
" أوه ! هل من الممكن أن تكوني عاشقة يا دونا ؟ يدل أحمرار وجهك على أنك فتاة يخفق قلبها بسرعة أكثر من المعتاد , طبعا.... الأمر ممكن جدا ! أدوني ساحر في وسامته وجاذبيته , وأنت صغيرة لا خبرة لديك أطلاقا في هذا المجال ! آمل , يا صغيرتي , في ألا يكون حاول أغراءك!".
" طبعا لا.....".
" أنت فتاة بريطانية ومحافظة ويجد فيك التحدّي المطلوب , بعد السهولة الكبيرة التي سجّل فيها أنتصاراته عل نساء كنّ أكثر من مستعدات لتلبية رغباته , أنت تجذبينه كثيرا لأنك مختلفة عن الأخريات...... شعرك أشقر.... وبشرتك البيضاء الرقيقة حوّلتها الشمس الى هذا اللون العسلي المثير , هل اخبرك يا عزيزتي , أن لديه خطيبة أيطالية تكمل دراستها الجامعية في فلورنسا؟".
أستغربت دونا أنها لم تفاجأ بنبأ خطوبه , ولم تهتم لأنه لم يبلغها ذلك بنفسه , كيف يمكنه ذلك وهو يحاول مغازلتها منذ اليوم الأول لوصولها الى الفيللا ؟ تظاهرت بالأهتمام الجدي , ولكن سيرافينا بدت منزعجة لأنها كانت تتوقع رد فعل عاطفيا أقوى , قالت لها بلهجة قاسية الى حد ما:
" أتصور أنك تعتقدين بأن جاذبيتك ستكون أقوى من من أحساس أبني بالمسؤولية أتجاه الفتاة الأخرى ! يبدو لي من عدم أستغرابك الخبر أنك كنت تعرفين مسبقا خططه للزواج في المستقبل القريب".
" لم تكن لدي أي فكرة على الأطلاق أنه مقبل على الزواج , ولكنني لم أستغرب سماع ذلك منك , أعرف أن العائلات في بعض مناطق العالم توافق على خطوبة بناتها بمجرد خروجهن من قاعة المدرسة".
أنت تقرأ
خاتم الإنتقام
Romantikالأخلاص يجعل الأنسان يسير بحياته ومواقفه أحيانا الى درجة التضحية بالذات دونا الوردة البيضاء , الآتية من بلاد الضباب الى ايطاليا , للعمل كسكرتيرة للمثلة المشهورة سيرافينا نيري , تلتقي في روما رجلا غامضا , يعلق في أذنه ( خاتم الأنتقام ) , لفّها بسحرة...