1- الفصل الاول

16.7K 304 8
                                    



وقفت ايمي ليستر بشكلها البائس امام النافذه تنظر بمراره الى تاثير الطقس السئ على الناس في الخارج مثل تاثيره على ابن اخيها الصغير الذي يشكو من ضيق في صدره كانت مخلوقه صغيره الحجم انيقه ممشوقه القوام بعينان بنيتان وبشره بيضاء في انسجام مع شعر احمر لكن في تلك اللحظات جمال صفاء تعابير وجهها تكدره الافكار المزعجه جبينها الناعم الفتي كان متجعدا طيبه لرؤيتها بخار الضباب يتزايد خارج النافذه فهذه هي لندن حيث الضباب هو احدى عقوبات الحياه في العاصمه
لم تكن الحياه سهله عليها في السنوات الماضيه ,ولم تكن ايمي تنظر اليها سوى كتحضير لاوقات اقسى قادمه ربما يكون شعورها هذا سببه الطقس الردئ وجهدها لابقاء نفسها شجاعه ومرحه في مواجهه الصعاب ولكن مشكلتها ان الدموع كانت تنهمر بسهوله من عينيها هذه الايام وخاصه عندما تكون لوحدها عرضه للهواجس
وفجاه استدارت ونظرت الى الباب وبدت للرجل الذي دخل عليها مثل الغزال الجافل بساقيها الطويلتين النحيلتين المغطاتين بحذاء طويل ابيض وتقدم الطبيب نحوها واقفل الباب وراءه كانت تصرفاته توحي بالثقه وكالعاده كان كارها لكونه حامل الانباء السيئه وقالت له بصوت ارفع من الهمس
-كيف هو؟
انتظرت الرد بقلب مرتجف واجابها بهدوء
-من الطبيعي ام يكون الولد متاثرا بهذا الضباب الثقيل ولا عجب في ذلك لسوء الحظ الضباب ثقيل عليه فهو بحاجه الى هواء نقي خفيف ستكون سويسرا مناسبه له تماما هل فكرت في الذهاب الى هناك؟
-اتعني ان ابيع كل شئ هنا واذهب ااعيش هناك؟
-على الاقل لسنتين
-سنتين؟
ولاحظ ارتجاف شفتيها واسوداد عينيها من الاسى فابتسم وقال لها
-انها ليس نهايه الدنيا انسه ليستر
ومد يده لها وقال :
-تعالي اجلسي هنا لنناقش الموضوع
وتحركت ايمي وكانها تسير في حلم ويدها الصغيره في يده وقادها نحو كرسي ثم وقف بجانبها وقال :
-الصبي لديه ضعف منذ الولاده في رئتيه .ولن يشفى تماما ولكنه قد يتحسن كثيرا في سويسرا خلال السنتين
-هل قلت ضعف منذ الولاده .الا مجال لديه ليشفى عندما يكبر؟
فهز راسه بالنفي وسالها
-لقد قلتي انه ولد في افريقيا الغربيه
فهزت راسها بالايجاب
-اجل...شقيقي كان مهندسا وحصل على عقد عمل هناك وكانت الفرصه التي ينتظرها وتزوج صديقه يحبها وذهبا معا الى افريقيا وولد جو ابن اخي الصغير هناك ولم تتحمل امه الجو هناك فمرضت وعندما بلغ جو الثالثه ارسلهما معا الى هنا

وكان سيلحق بهما وكانوا في طريقهم الى المطار عنما قتلا في حادث سياره ونجا جو من الحادث وهكذا اتيت به الى هنا
-وبقي معك من يومها؟
-انه معي منذ ثلاث سنوات هو الان في السادسه
-انا اسف لانني مضطر لوصف طقس اخر .ولكنني اعرف انك تريدين مني ان اكون صادقا معك
-اوه..يالهي,بالطبع ,,,ولكن المشكله ان الحياه في الخارج وخاصه في سويسرا مكلفه هذه الايام
-هذا صحيح اليس لديك اقارب ليساعدوك؟
-لدي اخوين وشقيقه ووالداي بالكاد يستطيعان الباسهم واطعامهم وتعليمهم واهلي يعيشون في الشمال ولا نتصل ببعضنا
-انا معجب بروحك العاليه واكثر من اسف لانني لا استطيع شيئا للصبي ايمكن ان تجدي وظيفه هناك ؟اي فرصه؟
-ربما.فانا ادرس في مدرسه مشهوره قربيه من مدرسه جو .ولا اظن انني ساكون محظوظه هكذا في سويسرا ولكنني ساجرب الحصول على وظيفه تدريس اقرب ما يكون الجو
واعطاها دواء يساعده على التنفس وودعها وخرج وذهبت لترى جو غرفته.كانت لصبي صغير جذابه ودافئه وتحركت بصمت نحو السرير ونظرت اليه بحنان وقد اسند نفسه الى العديد من الوسائد لاراحه تنفسه .كان الصغير الحجم بالنسبه الى عمره رسغاه الصغيران كانا نحيلان جدا تسمع حشرجه انفاسه وكانه على وشك السعال كان يشبه والدته اكثر من ابيه وورث ضعفه منها كذلك جماله الاشقر
وتحرك بقلق وبدا يسعل ومسحت شعره الاشقر بحنان ثم نهضت وصبت كاس الماء ووضعت على شفتيه فشربه بعطش ونظر اليها بعينيه الزرقاوين الكبيرتين
-اتمنى لو اتخلص من السعال عندها لن اوقظك في الليل يا ايمي
-هذا لطف منك ياجو اتحب ان تذهب الى سويسرا وتتخلص من سعالك في جبال لا يجدنا بها احد؟
واتسعت عيناه بالامل
-هل هذا صحيح؟
وضربت ايمي ذقنه مداعبه وقالت
-الدكتور اوصى بهذا هلى توافق على السفر الى الخارج؟
-اجل اذا كنت معي
- اذا إتفقنا
بحلول كانون الثاني كانا في طريقهما الى سويسرا لقد تركا الان وراهما الشتاء الانكليزي وجو متشوق لبدء حياه جديده مع محبوبته ايمي لم يكن هناك مجال للتفكير اتمت كل شئ بشكل سريع وطارئ وها هما يتجهان الى هدفهما وتركا جنيف ,وهي تنظر من نافذه الباص مع جو وادهشهما صفاء الجو الخفيف والهواء النقي
كانت الطريق مزدانه باشجار الكرز والحدائق مليئه بالورود وتنشق جو هواء البلد الغريب الجديد ,وبدا باستيعاب المناظر ولم تبخل عليه ايمي باي جواب على اي سؤال
بعد مسافه قصيره عند ميليريز ابتهج بمنظر الميناء الجميل وفيه المراكب الشراعيه ثم انساب بهم الباص على حدود بحيره تعكس كمراه حقيقه مناظر قمم الجبال المغطاه بالثلج ثم استمرت الطريق عبر واد تعلوه الجبال والسحب البيضاء بلون القطن تتراقص في سماء لامعه زرقاء وكان الباص يخفف من سيره ليسمح لبعض الشاحنات المحمله بالاشجار بالعبور وكان جو ينظر الى الاطفال على الدرجات الهوائيه وهم في طريقهم الى المدرسه
لن تنسى ايمي اول نظره القتها على تريون القريه الصغيره حيث سيسكنان على كلا جانبي مدخلها توجد تله عليها قلعه وسار الباص بهما بين بيوت طويله لها شرفات جميله
توقف الباص امام فندق متوسط وامسكت ايمي بيد جو ونزلت لتشعر بالهواء البارد على وجهها وهما ينظران الى موظف فندق لاشاست وهو يقترب لتحيتهما
وحدق بهما السيد برولارد وقال:
-اهلا بكما في تريون لقد جلبتهما الطقس الجميل معكما هل هذه اول زياره لكما لتريون؟
-اجل ايها السيد انه مكان رائع
-هل تشعرين بنقاوه الهواء انسه ليستر ؟هل تشعرين بالبرد؟
وقال جو:
-انا اشعر بالبرد
فابتسم له السيد برولارد وهو يربت على راسه
-اذا لا تضيع الوقت لتدفئه نفسك ...الخادمه وضعت اكياس الماء الساخن في سريركما ,وستتناول حساء ساخنا كيف ترى هذا؟
والتفت الى ايمي
-هل تفضلين تناول الطعام في غرفتك انسه ليستر؟
-شكرا لك ياسيد ولكن سانزل الى غرفه الطعام عندما يجهز العشاء
-اذا هيلغا ستاخذكما الى غرفتيكما ,العشاء عند الثامنه
واحست ايمي بالارتياح عندما رات ان غرفتيهما كبيرتان يدخلهما الهواء وفيهما حمام
ودهشت لملائمه الغرف لان الايجار كان متوسطا واقل مما كانت تتصور وهناك مدافئ في وسطهما تؤمن الدفء والراحه واسرعت لفتح مياه المغطس لتجده ساخنا وخلعت ثياب جو عنه وانزلته الى المياه الدافئه وتركته هناك ليدفأ وعندما دخلت هيلغا ومعها الحساء الساخن كان يرقد في السرير محاولا جهده البقاء صاحيا
بعد وقت طويل وبعد ان اخرجت ثيابهما من الحقائب اخذت حماما ساخنا وتخلصت من الشعور بالبرد الذي كان يتملك اطرافها وعندما بلغت الثامنه كانت ترتدي ثوبا ازرق فاتح والقت اخر نظره على جو قبل ان تنزل لتناول العشاء واستقبلتها في الرده السيده برولارد التي سالتها اذا كانا مرتاحين في غرفتيهما واصرت على ايمي ان تطلب ما تريد ثم رافقتها الى غرفه الطعام
وبعد تناول العشاء فورا عادت ايمي الى غرفتها بسرعه ولم تندهش لان ترى اغطيه سريره في فوضى ويده ممتده الى الخارج واسرعت اليه تغطيه وتشد الاغطيه من حوله وهي تلاحظ عليه كل امارات البرد والسعال والتنفس الثقيل والحراره المرتفعه طوال تلك الليله مابين جرعات الدواء السعال والماء بدا ان جو لم يلاحظ وجودها الى جانبه وقرابه الفجر غطت بالنوم على الكرسي وافاقت لتجده ينظر اليها بضيق وقال لها وهو يشير الى صدره
-اشعر بالم هنا ايمي
-تنفسه كان ثقيلا وخفق قلب ايمي ولكنها ابتسمت له ومدت يدها لتدفع خصله الشعر الشقراء عن جبهته الساخنه وقالت له مداعبه
-اوه ياعزيزي!لن تتحمل هذا اغمض عينيك لبضع دقائق وساجلب لك الشرابا ساخنا لن اتاخر
وقبلته بسرعه ثم نزلت تفتش عن السيده برولارد التى حضرت بثياب النوم والقت النظر على جو واقترحت احضار الطبيب
عندما حضر الطبيب تفحص صدر جو وكتب له وصفه وعلق قائلا
-مسكين هذا الفتى الصغير سيحتاج الى تمريض دقيق وكثير من الاهتمام في الواقع من الافضل ان يذهب الى المستشفى
ونظر اولا الى السيد والسيده برولارد قبل ان تستقر عيناه على وجه ايمي الشاحب وتحدثت السيده قائله
-هذا هراء! يستطيع الصبي ان يبقى هنا فهناك الكثير منا للعنايه به في الوقت الحاضر ليس عندنا الكثير من الضيوف ونستطيع المساعده
وتطلعت بطرف عينها الى ايمي التى ملات عينيها الدموع وقالت ايمي بصوت متهدج
-كم هذا لطف منك افضل بقاء جو هنا في جو مألوف حيث استطيع البقاء معه
والتفتت الى الدكتور
-انا متعوده على تمريضه.

السعادة الكبرىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن