الفصل الأول

190K 2.3K 78
                                    

مواجهة الأسد

الفصل الاول :

ليلاً في احدى المناطق، تحت ضوء القمـر الذى ينير الجو، كانت خصلات شعرها الذهبي، الذى يشبه ضوء الشمس الساطعة يتطاير مع الهواء الذى يعم المكان وعينيها البنية اصبحت حمراء من كثرة البكاء، ورموشها الكثيفة تغطيها بشكل جذاب، تجلس علي الارض في منتصف الطريق تضم ركبتيها الي صدرها وهي تبكي بخوف ونحيب، يلفحها الهـواء البارد، يجعل جسدها يرتعش مع الخوف، تبكي بكاء يقطع نياط القلب، وتدعو الله في سرها ..
اقترب منها شـاب، ذو عضلات بارزة، اسمر الوجه، ذو قوام ممشوق وعينين سوداوتين كظلام الليل الغامض، نظر لها نظرات زائغة ، لم تنظر له هي قط وابتلعت ريقها والخوف يتملكها اكثر ، شعرت بنظراته تخترقها لتمزقها اربًا دون رحمة، ابتسم ذلك الشاب ابتسامة شيطانية وتنحنح قائلاً :
_ مالك يا انسة ؟ قاعدة كدة لية
كانت نبضات قلبها تزداد بخوف اكثر وشعرت كأنه يستمع الي نبضاتها ، نظرت للأرضية وهي تبتلع ريقها بإزدراء واجابته بنبرات متقطعة:
_ آآ انا بس آآ انا هأمشي
نهضت من الأرض مسرعة وهي تحاول ان تركض من امام ذلك الكائن الغريب لتجده يمسك معصم يدها وهو يجز علي اسنانه ويقول ببعض من الحدة :
_ اكتر حاجة بأكرها اني اكون بكلم حد ويسيبني ويمشي
رمقته بنظرات متعجبة مذهولة، وسارت القشعريرة كالكهرباء في جسدها وكأنها طفل صغير اراد شخصًا ما خطفه، فمن هو ليتحكم بها هكذا ولم تمر دقائق علي حديثهم، ام هو شخص مجنون ثائر، ابعدت يدها علي الفور ونظرت له بتوتر ثم قالت متلعثمة :
_ لو سمحت عايزة أمشي ، انت اية !!
ابتسم هو بسخرية علي كلمتها وشعر كأنها قطة خائفة من حيوان مفترس امامها، فتابع بنبرات ساخرة :
_ هأ ، انا انسان، ماتخافيش مش هاكلك
وصمت برهه من الزمن يتفحصها من اعلي الي اسفل، نظرات رأت فيها ما كرهته لطوال حياتـها، نظرات جعلتها تشعر انها معراه امامه، ثم اكمل وهو يغمز بطرف عينيه قائلاً :
_ انا بس مستغرب ازاى بنت حلوة كدة زيك تقعد الساعة 2 ف نص الليل وفـ نص الطريق العام وبتعيط
توترت هي اكثر عندما تذكرت وانخرطت في البكاء مرة اخرى وعلت شهقاتها، فنظر لها بتعجب، امن دون قصد اعطاها المفتاح لتفتح موجه البكـاء، ثم اردف بجدية : 
_  ماكنتش اقصد اخليكي تعيطي تاني
مسحت هي دموعها السائدة غلي خديها برفق بالتيشرت الخاص بها، ثم مصمصت شفتيها بتوتر  نظرت له بحزن وقالت :
_ انا عايزة اعرف احنا فين ؟
عقد حاجبيه بتعجب ونظر لها نظرات شك من قدراتها العقلية ثم بحركة تلقائية مد يده ليجس جبينها وهو يقول بتهكم : 
_ انتِ سخنة يا انسة ولا مجنونة، يعني جاية حته ماتعرفيهاش وقاعدة بتعيطي زى العيلة الصغيرة ولا انتي بتستعبطيني ولا اية نظامك انتِ على المساا ؟
اتسعت حدقتا عينيها بذهول من جرأته الزائدة بالنسبة لها، فهي بعمرها لم يجئ شخص عليها هكذا ودائما تضع حدود لتعاملها مع الاخرين، حواجز لم يستطع اى شخص تعديها، حدقت به بعصبية قائلة :
_ انت الي مجنون واياك تمد ايدك تاني، هتقولي احنا فين ولا اروح اسأل حد تاني ؟!
حرك هو رأسه يميناً ويساراً بأستغراب اكثر من خوفها اللانهائى في نظره ثم اجابها  بصوت قاتم :
_ احنا في الهرم ، شارع ابراهيم سلطان
استدارت ونظرت امامها لتجد الشارع مظلم جداً ولا يُسمع به صوت اى شخص سوى نحيب الكلاب، شعرت بالخوف مرة اخرى، وارتعش جسدها، فـماذا ستفعل اذا قابلت شيئ، التفت مرة اخرى ووجهت انظارها عليه لتجده استدار ويغادر، فنادته مسرعة :
_ يا كابتن
التف لها ببرود، وكأنه شعر بنسمة هواء ازعجته وقال :
_ نعم
ارجعت خلصة شعرها المتطايرة للخلف بحرج ثم تابعت بنبرات مختنقة :
_ انا عايزة اعرف اى اوتيل قريب من هنا بس آآ احم ، كمان ممعايش فلوس
تنهد هو بضيق وزفر بقوة ثم مسح علي خصلات شعره ببطئ، وهو ينظر لها قائلاً : _تعالي معايا
عقدت حاجبيها بعدم فهم وهي تقول :
_ اجي معاك فين ؟
رفع كتفيه ثم قال ببلاهة :
_ البيت ، او خليكي قاعدة فـ الشارع بقاا
نظرت له وهي فاغرةً شفتيها بصدمة قائلة : نعمممم
ادرك مقصدها علي الفور ثم هتف بتوضيح :
_ ماتقلقيش ، اختي عايشة معايا
شعرت ببعض الراحة ولكن مازالت ينتابها بعض القلق، لاول مرة تشعر انها مجبرة مثل الان، تشعر انها ستدلف لقفص ما بكامل ارادتها، صمتت ثوانٍ معدودة ثم اكملت بتوتر :
_ آآ طب ماشي هأجي معاك

مواجهة الأسد .. بقلم / رحمة سيد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن