فى الإسكندرية،،،
ما إن إقتربت "علا" على مشارف المنطقة التى تقطن بها بمدينة "عروس البحر المتوسط" و القريبة من البحر ، حتى أخذت تبطئ من سرعة سيارتها تدريجياً ، و صوت الأمواج الساحلية المختلطة برائحة اليود المنعشة تمتزج بالأفكار المتلاطمة برأسها ؛ و كأنها فى تصارع مستمر غير معلوم نهايته..!!
أيمكن أن تكون أخطأت ، و تصرفت بأنانية رعناء فى قرارها؟!
و لكن مهلاً..فهى إن تهاونت و تعاملت بإستخفاف أهوج مع قضيتها ، لربما أضاعت الحق و خذلت ضميرها الحر!! ، و ألمّ تقسم ذات يوم بأن تبذل قصارى جهدها لتبرز الحق بروز الشمس فى كبد السماء؟!
لا يهمّ إن فقدت حياتها!! ، فالأهم إن كانت ستفقدها...فلتفقدها شهيدة الحق الضائع ، تفقدها بروح معافرة...و ليس بروح متثاقلة من الضمير المعذب.....!!!
و عند هذا الحد أوقفت سيل أفكارها بطريقة إجبارية ، لتخرج من السيارة حاملة الحقيبة الخاصة بالحاسب المحمول و حقيبتها الشخصية ثم تدور حولها فتُخرج حقيبتها المليئة بالملابس ، و تلقى نظرة أخيرة حتى تتأكد من وجود كافة إحتياجاتها قبل أن تطلق تنهيدة خافتة حاسمة و تتطلع إلى البناية الواقفة أسفلها ، ثم تأخذ نفساً عميقاً و تتوجه إلى داخلها و تدلف بالمصعد متوجهةً لشقتها!!
___________________________________
فى المساء،،،
إستيقظت "علا" من النوم مساءاً ، و أخذت بعض الوقت لتستوعب بأنها تركت القاهرة هروباً من قيود عمها لحمايتها!
ثم أخذت تستقيم على فراشها و تجمع شعرها فى ربطة واحدة بطريقة عشوائية و هى تتمطع فى دعوة منها لإكتساب بعضاً من النشاط ، ثم بعد لحظات قليلة دلفت إلى المرحاض لتستحم و تتوضئ ، و بعد إن إنتهت من صلاتها ، إرتدت فستان من اللون النبيتى المنقوش برسومات بسيطة و يعلوه حجاب من اللون ذاته و حملت حقيبتها و تأكدت من وجود هاتفها و مفاتيحها ، ثم إنطلقت خارجةً...!
___________________________________
فى المول،،،
أخذت "علا" تتجول من مكان لأخر و هى تتبضع لتوفر ما ينقص من شقتها ، لتنتهى جولتها بالعديد من الأكياس ، و بينما هى تسير يصدر هاتفها الرنين إعلاناً عن إتصال من عمها ، لتتوقف مكانها و تخرج هاتفها من حقيبتها الصغيرة.
علا بإبتسامة صادقة:
_السلام عليكم يا عمو
ليهتف "أحمد" بجدية بالغة:
_و عليكم السلام ، إيه الدوشة اللى جمبك دى؟؟
لتجيبه "علا" ببراءة:
_أنا فى المول...لقيت فى حاجات ناقصة فى الشقة فقولت أنزل أشتريها!!
ليهتف "أحمد" بعصبية:
_و مش عارفة تستنى لبكره لما تنزلي مع بنت عمك و مراته بدل ما تنزلي لوحدك و بليل كمان..!!
لتهتف "علا" بضيق:
_يا عمو أنا فى مكان عام...و بعدين لسه الساعة ٨....!
فيجيبها بضيق أهوج:
_و لو كانت الساعة ٥ ، برضو تعرفيني يا بنتي...أنتِ لوحدك دلوقتي..و أنا مرعوب عليكِ مش بس قلقان!
فترد "علا" بإبتسامة:
خلاص يا عمو مش تزعل بقى...أنا مروحه أهو!!
ليهتف "أحمد" بجدية:
_أول ما توصلي كلميني..فاهمة؟؟!
فتبتسم "علا" إبتسامة رائعة هاتفةً:
_حاضر يا عمو...لا إله إلا الله!
ليجيبها بدوره بهدوء:
_محمد رسول الله!
ثم تغلق الخط و تضع هاتفها فى حقيبتها و تستأنف سيرها خارجةً من المول بإتجاه سيارتها لتركبها و تغادر.
___________________________________
تسير "علا" بسيارتها و لا تدرى بأنها مُراقبة من قبلْ سيارة أخرى للرائد"سليم" ، و الذى إستلم مراقبتها منذ أمس ، بعد إطلاعه على ملفها و التوصية الشديدة عليها من جهة مديره مباشرةً ، و علم بالطبع كم هى متصلبة الرأى و تتمسك بما تراه الصواب و الحق ، و لهذا فإن تلك المهمة مختلفة عما سبق أن تولى...فيكفى بأن تلك الفتاة لا تعلم بأنها مُراقبة لأجل حمايتها و إنقاذها من أى مخاطر من المحتمل أن تتعرض لها!!
و حين إقتربوا من مدخل الشارع الواسع الذي تقطن به تلك العِنيدة ، إذ به يُسرع من قيادته متجاوزاً إياها بسرعة حتى يوقف سيارته فى المكان المخصص لسيارتها!!
و ما إن رآها تقترب بسيارتها خلفه حتى نزل من سيارته ببطئ شديد و أغلقها إلكترونياً ، ثم أكمل سيره بخطوات أسرع قليلاً ، و تعمد ألا يلقى بالاً بصوت مكابح سيارتها و التى كادت أن تصطدم بمؤخرة سيارته...!
لتهبط "علا" من سيارتها بسرعة تجاه ذاك الشخص "سليم"
علا منادية من خلفه بعصبية:
_أنت يا حضرة...أنت يا أستاذ...يا أفندى!!
ليستدير إليها ذاك الشخص مصطنعاً الدهشة و مشيراً بإصبعه لذاته:
_حضرتك بتناديني أنا؟؟!
علا فى نفسها بغيظ:
_"مال بنادى لخيالك يعنى؟!"
و لكنها تتماسك و تصطنع الهدوء هاتفةً:
_أيوه بنادي حضرتك..!
ليجيبها سليم بإستفزاز بارد:
_طيب خير؟؟!
لتعدّ "علا" فى سرها من الرقم(١ و حتى٥) محاولة السيطرة على عصبيتها من لامبالاته المستفزة و بروده الغبي!!
فتجز على أسنانها و تشير لسيارته هاتفةً:
_حضرتك ده المكان اللى بركن فيه عربيتي علطول!!
فيجيبها "سليم" ببرود:
_أنا جاى من قبلك و المكان كان فاضى!!!
لترد بغيظ أهوج:
_حضرتك إتصرف...عاوزه أركن عربيتي و دلوقتي كمان..!!!!
سليم بهدوء يثير الأعصاب:
_طيب حاضر...بس بعد كده إبقي حطي لوحة بأن المكان ده بتاعك..!!
علا فى نفسها بعصبية حمقاء:
_"هو بيتريق عليا؟؟! ، شايف نفسه على إيه البارد ده...يا بروده!!"
و لكنها تهتف بغيظ:
_إتفضل...إتفضل يلا حضرتك إنقل عربيتك...و المرة الجاية هبقى أخد بالنصيحة و أحط عشر لوحات مش لوحة واحدة بس!!!!!
ليجيبها بإبتسامة ساخرة:
_إن شاء الله...عن إذنك أنقل عربيتي!!
لتجيبه بدورها بغيظ:
_و هو أنا ماسكة حضرتك يعني...ما تروح تنقلها!!
سليم ناظراً بسخرية إليها:
_حضرتك واقفة جمب الباب...لو أنتي عاوزه تسوقيها معنديش مانع!!
لتنظر "علا" إلى نفسها بإحراج شديد ، ثم تبتعد بتلقائية عن الباب لتفسح له المجال!!
علا بغيظ:
_إتفضل سوقها براحتك...و تاني مرة ما تركنش هنا خالص!!!
سليم ببرود:
_إن شاء الله..بس ماكنتش أعرف إن الركن بالحجز!!
علا بغيظ أشد:
_و أديك عرفت أهو...عن إذنك!!
ثم تستدير مغادرةً إلى سيارتها ، ليوقفها بكلامه الغليظ! ، فتضطر للإستدارة صوبه من جديد ، بينما يهتف سليم بإستفزاز:
_طب مش نتعرف على الأقل ؟!! ، حتى أبقى عارف أنا كنت هركن مكان مين..!
لتطالعه "علا" ناظرة إليه بتكبر:
_لأ مش هنتعرف...و لا هنتجادل فى النقطة دي كمان!!
سليم رافعاً كتفيه علامة الإستسلام:
_لأ عادي..براحتك جداً ، بالمناسبة دي أنا البشمهندس سليم راغب!!!
لتجيبه بتكبر شديد:
_متشرفناش...عن إذنك!!!
ثم تتركه و تجلس فى سيارتها منتظرة أن يحرك سيارته لتنقل سيارتها مكانها!!
بينما "سليم" متسمراً مكانه ، و النيران الهوجاء تشتعل بداخله من غيظه من تلك الفتاة ، و لكنه يتدارك نفسه و يرسم قناع البرود مجدداً على وجهه ، و يذهب إلى سيارته لينقلها من مكانها ، حتى تركن تلك المغرورة سيارتها مكانها!!!!
___________________________________
فى الصباح،،،
يرن جرس الباب بشكل مزعج للغاية ، ليجعلها تستيقظ من النوم بتأفف شديد و تسير كالمغيبة و بالكاد وضعت حجاب رأسها ؛ إلا أن هناك بعض الخصلات التى تمردت بالظهور!!
لتتأفف ثانياً من ذاك البغيض الذى يرن بإستمرار ؛ و كأنها تقف خلف الباب مباشرة ، فيتملكها الغضب الشديد و لكنها تبدأ بالعدّ عسى أن يحدْ ذلك من نوبة غضبها المستعر...!!
علا من خلف الباب:
_حاااااضر...دقيقة!!
ثم تعدل من وضعية حجابها ، و ما إن تفتح الباب حتى تطالعها إبتسامة ساخرة حفرت فى ذاكرتها منذ الأمس!
علا بغيظ و عصبية شديدة:
_ده أسلوب ناس متحضرة؟؟ ، بتخبط على الباب كده ليه؟!! ، ترضى حد يعمل فيك كده؟! ، ثم أنت أصلاً عرفت إن دي شقتى منين؟! ، أنت جاى دلوقتي عاوز إييييييه؟؟!....إنطق متعصبنيش..!!!!
ليجيبها "سليم" بإستفزاز متعمد:
_طيب قولب صباح الخير فى الأول!!
علا و تجز على أسنانها:
_صباح النور يا أستاذ...خير؟؟ ، عندي فضول قاتل أعرف سر الطلّة البهية بتاعة حضرتك دي!!!
ليبرز أمامها علبة بلاستيكية فارغة ، لترمقها بأعين متسائلة ثم تطالعه مجدداً هاتفةً بتساؤل أرعن:
_و إيه المطلوب؟!
ليجيبها بإبتسامة باردة:
_كنت عاوز ملح من عندك...الجار للجار برضو ، و الصبح ملاقتش ملح أعمل بيه الفطار!!!
لتنقل نظراتها ما بين العلبة البلاستيكية و إليه بتأفف شديد ، ثم تخطفها من يده أمرّة إياه بأن يظل مكانه ريثما تعود!
علا فى نفسها:
_"و ذنب إيه ده بس يا ربى اللى بكفر عنه بوجود الكائن اللزج ده؟! ، الرحمة و المغفرة من عندك يا رب!!"
ثم تغادر إلى المطبخ حتى تملأ تلك العلبة بقليل من الملح ، بينما سليم يجول بنظره فى أنحاء الشقة فى محاولة سريعة منه لإكتشاف أى ثغرة قد تهدد حياة تلك المتهور!
و لم يكدّ يطيل النظر حتى وجدها أمامه تطالعه بنظرات غاضبة!!
سليم بإبتسامة هادئة:
_شكراً لحضرتك..و متأسف على الإزعاج!
لتجيبه "علا" بإحراج نوعاً ما:
_حصل خير ، عن إذنك!!
ثم تغلق الباب سريعاً ، و تعود إلى غرفتها لتجلب حاسوبها ، فقد طار النوم من عينيها و الفضل لذاك اللزج بكل جدارة و إستحقاق..!!!!
___________________________________
فى المساء،،،
حضرت زوجة العم و ابنتها إلى البيت ليقطنوا معها مؤقتاً ريثما يأتى عمها!
لتهتف "هاجر" برجاء:
_مامى أنا عاوزه أخرج , please !!!
لتجيبها مايسة بجدية:
_مفيش خروج خالص و بالذات بليل!
لترد "هاجر" بتأفف:
_أوف بقى...لا يا مامى...خلينا نخرج ، مش هنقعد فى Alex من غير ما نخرج!!
لتجيبها "مايسة"بحزم و نظرة صارمة:
_أنا قولت كلمة و تتنفذ ، بكره الصبح ممكن تخرجوا لمدة ساعتين و بس!
لتضرب "هاجر" بأقدامها الأرض تعبيراً عن إمتعاضها:
_ساعتين بس يا مامي؟!
لتجيبها "مايسة" بصرامة:
_خلاص بلاش خروج أصلاً..!!
لترد "هاجر" مسرعةً برجاء:
_لألألأ ، ساعتين كويسين جداً!!
لتهتف "مايسة" بتساؤل:
_مالك ساكتة ليه يا علا؟!
لتجيبها "علا" بإحراج:
_أنا أسفة يا خالتو ، أنا بوظت ليكم كل خططكم علشان تسافروا بره!!!
فتجيبها "مايسة" بجدية:
_متتأسفيش ولا حاجة...إسكندرية متفرقش حاجة عن بلاد بره ، عمك بس عنده شغل هيخلصه و يرجع بسرعة!
علا بإبتسامة:
_إن شاء الله!
لتتسائل "هاجر" بمرح:
_حد هيشرب معايا شاى؟؟!
لتجيبها "مايسة" بهدوء:
_إعملي ليا معاكي!
بينما ترد "علا" بكسل:
_طب أنا هدخل أنام بقى علشان هنزل بكره الصبح بدري في جولة بدل القعدة كده!!
لتردف "مايسة" بتحذير:
_هتعرفيني كل الأماكن اللى هتروحيها و الوقت اللى هتقضيه بالضبط!!!
لتجيبها "علا" متنهدة:
_حاضر يا خالتو...تصبحي على خير
فتجيبها "مايسة" بدورها باسمة:
_و أنتِ من أهله يا حبيبتي.
___________________________________
فى اليوم التالى،،،
إستيقظت "علا" على صوت المنبه فى تمام السابعة صباحاً ، لتتمطع بذراعيها فى الهواء كمحاولة لبث النشاط بها و نبذ الخمول ، و ما إن إستعادت جزء من نشاطها حتى دلفت إلى المرحاض لتستحم و تتوضئ !
و ما إن إنتهت حتى إرتدت كامل ملابسها و المكونة من جيب أسود اللون و يعلوها قميص جينز من اللون الأزرق الفاتح و طرحه من اللون الأزرق ، و قامت بأداء فرضها و عقلها ما زال مشغولاً بأفكاره التسونامية!!!
لتخرج من غرفتها ، فتذكي أنفها برائحة الفطور الشهي الذى أعددته "مايسة"
فتهتف "علا" بإبتسامة:
_صباح الخير يا خالتو
فتجيبها "مايسة" مبتسمة:
_صباح النور يا حبيبتي...يلا صحي الكسولة علشان نفطر كلنا!
فتجيبها "علا" مبتسمة:
_حاضر.
ثم تغادر إلى غرفة "هاجر" كى توقظها من النوم ، و ما إن أتمت مهمتها حتى سبقتها "علا" إلى مائدة الفطور!!
لتهتف "هاجر" متثاوبة:
_صباح الخير عليكم
فتجيبها "مايسة" بإبتسامة صافية:
_صباح النور يا جوجو
بينما ترد "علا" مبتسمة:
_أخيراً صحيتي...يلا تعالي نفطر
لتنظر "هاجر" إلى الطعام بشهية هاتفةً:
_الله...يلا بسم الله الرحمن الرحيم
ليبدأ الجميع فى تناول الفطور!!
و بعد أن أنهوا فطورهم و أثناء جمعهم للأطباق ، أخبرتهم "علا" بنيتها للخروج
"علا" بإبتسامة:
_أنا هخرج بقى شوية!
لتجيبها "مايسة" متسائلة بإمتعاض:
_هتروحي فين و هتقعدي قد إيه؟؟!
فترد "علا" بضيق:
_يا خالتو أنا مش صغيرة!! ، و بعدين إحنا الصبح أهو و مفيش خوف ، و مليش مكان محدد هتقيد بيه!!!
لتجيبها "مايسة" بإصرار:
_كلمي عمك الأول...و لو وافق هخليكي تنزلي ، أنتي مسئولية..!!!
فترد "علا" بهدوء:
_تمام يا خالتو
ثم تخرج هاتفها من حقيبتها و تتصل بعمها دون مراعاة فرق التوقيت!
و ما إن أجاب بعد فترة حتى سمح لها على مضض بأن تخرج و لكن برفقة "هاجر" ، فلم تجد بداً من الموافقة حتى تخرج..!!!
___________________________________
فى سيارة علا،،،
كانت علا تسير بسرعة متوسطة و هى ترتب بذهنها الأماكن التى تود زيارتها إلى أن قاطع تفكيرها صوت "هاجر" الهاتفة بتساؤل:
_ها يا لولا...هنروح فين بقى؟!
فتجيبها "علا" بإبتسامة خفيفة:
_أنتي عاوزه تروحي فين؟؟
فتجيبها "هاجر" بتفكير:
_إممممم أكيد قلعة قايتباى و البحر و أي أماكن تانية بقى على ذوقك!
فتجيبها "علا" مبتسمة و هى تزيد من سرعة السيارة:
_إتفقنا...!!!!
و لم تلاحظ السيارة المتتبعة لها منذ هبوطها من شقتها!
___________________________________
فى مقهى صغير مطل على البحر،،،
تجلس "علا" و بجوارها "هاجر" ، بعد أن أنهكوا أنفسهم بالتجول كثيراً فى الأنحاء!
هتفت "هاجر" بتعب جلّي:
_يااااااه رجلي وجعتني ، بس كانت فسحة حلوة بجد!
علا مبتسمة:
_و لسه بكره كمان يا ستى!
لترفع "هاجر" كتفيها بإستسلام هاتفة:
_لأ كفاية عليا كده أوي ، لما نروح هقنع ماما نخرج بليل أجمل بكتير من الصبح و الشمس!!
فترفع "علا" أحد حاجبيها هاتفة بإستنكار:
_براحتك يا جوجو ، يلا بقى هتشربي إييييه؟!
فتجيبها "هاجر" مبتسمة:
_هوت شوكليت!
لترد عليها مبتسمة هى الأخرى هاتفة:
_و أنا زيك يا ستي!!
ثم يقضون وقتاً لذيذاً لطيفاً و هم يرتشفون تلك المشروبات الساخنة ، إلى أن يغادرا بعد مرور بعض الوقت!
___________________________________
فى اليوم التالى،،،
ذهبت "علا" بمفردها إلى ذاك المقهى المطلّ على البحر ، بعد إن أعلنت "هاجر" رغبتها فى الخروج مساءاً فوافقت والدتها على مضض!!
و قد إتفقت "علا" مع عمها بخروجها صباحاً و برغم إستغرابها من موافقته بدون جدال طويل كالمعتاد..إلا أنها لم تلق بالاً ، و إكتفت بإستمتاعها بالوقت و بتصوير الأماكن التى تجذبها كنوع من الذكرى الجميلة بإستخدام الكاميرا الحديثة التى إبتاعتها مؤخراً!!
و إستمر الحال هكذا لعدة أيام ، بحيث تستيقظ "علا" مبكراً و بعد تناولها الفطور تخرج لتتمشى بجوار البحر ، ثم تأخذ إستراحتها فى ذاك المقهى بحيث إختارت لنفسها مقعد فى ركن منعزل إلى حد ما ، و حيناً تعمل على حاسوبها و حيناً أخرى تقرأ فى كتاب ما ، و التفكير لا يبارح عقلها فيما وصلت إليه من إنجازات و ما ترتب عليها من مخاطر!!!
___________________________________
بعد مرور يومين،،،
و بينما هى جالسة فى ذاك المقهى فى ركنها شبه المنعزل المفضل ، إذ فجأة يخيم عليها ظلّ و ما إن ترفع عينيها لترى ذاك المتطفل ، حتى تحملق بشدة ؛ لأنه لم يكنّ سوى ذاك الجار المزعج للغاية و الكائن اللزج "سليم" ، فتظهر إمتعاضها بوضوح ، و هى تبادله نظرات الإستفهام دون النطق بها ، و ما إن يقرأ تلك الأسئلة حتى يتجاهل الرد عليها ببرود!!!
فيهتف "سليم" بإبتسامة باردة:
_صباح الخير
لتكتف "علا" ذراعيها أمام صدرها و تبدأ فى الرد ببرود أشدّ:
_صباح النور
لتلاحظ بأنه بدأ يسحب كرسياً ليجلس ، فتباغته بالهجوم بعد أن تلاشى قناع البرود من على ملامحها هاتفةً:
_أنا ماسمحتش لحضرتك علشان تقعد معايا ، و كمان المفروض من أصول الذوقيات إنك تستأذن...بس ما علينا من ده كله ، و إتفضل حضرتك من هنا لو سمحت...!
ليجيبها سليم بإبتسامة هادئة و كأنها لم تقلّ شيئاً:
_تسمحيلي أقعد معاكي؟!!
لتهتف "علا" بغيظ حاولت إخفائه و لكنها فشلّت فشل ذريع:
_ليه هسمح لحضرتك تقعد أصلاً؟!!!
ليجيبها "سليم" بدوره بهدوء:
_حابب نتعرف بصراحة!!
فتجيبه "علا" بعصبية و تهكم:
_ليه هو أنا مكتوب على وشي جروب أبو نواف للتعارف الجاد؟!!!...إتفضل حضرتك بهدوء من قدامي!
فيرد عليها "سليم" بهدوء:
_أنا عرفتك بنفسي قبل كده...بس إظاهر إن ده مش كفاية!!!
فترفع "علا" أحد حاجبيها دلالة التعجب من أمره:
_تقصد إيه؟؟!
فيخرج "سليم" الهوية الشخصية الخاصة به و يضع إياها على المنضدة أمامها هاتفاً:
_أعتقد ده إثبات رسمي بإني البشمهندس "سليم راغب"!!!
لتجيبه "علا" و ما زالت فى طور رغبتها بالإنقضاض عليه:
_أظن إن المكان فاضي و تقدر تقعد فى أي ركن تاني!!
فيجيبها "سليم" بإبتسامة جذابة هاتفاً:
_أصل حابب أناقشك فى الكتاب اللى كنتي بتقرأيه إمبارح ، واضح جداً إنك شخصية مثقفة!
فتجيبه "علا" بهدوء مصطنع:
_طيب إتفضل إقعد!!
فيجيبها "سليم" بإبتسامة إنتصار هاتفاً:
_مش كان من الأول!
فترد عليه "علا" بإبتسامة صفراء هاتفةً:
_حصل خير...حضرتك تشرب إيه؟!
ليرسم "سليم" قناع الهدوء على ملامحه ، و لكن فى داخله عدة تساؤلات:
_قهوة مضبوطة!!
لتشير "علا" على الفور إلى أحد الندلاء ، و الذى أتى على الفور!
فتهتف "علا" بإبتسامة مُتقنة الهدوء:
_فنجان قهوة مضبوطة لو سمحت!
ليجيبها النادل منسحباً بهدوء:
_تحت أمرك يا فندم!
فتستدير "علا" بإتجاه ذاك الكائن اللزج "سليم" و تحاول أن تستشف ما يريده من تفسير تعابير وجهه ، و لكن تبأ...فهو يبدو ذو قناع حصين ، و لكن حسناً!!
فتتسائل "علا" بهدوء:
_حضرتك كنت بتقول عاوز تناقشني في كتاب...مضبوط؟!
ليجبها "سليم" بإبتسامة رزينة:
_مضبوط!
فترد "علا" بدورها عليه بهدوء متمرس هاتفةً:
_إممممم....بس ده معناه إني متراقبة بقى!!
ليقهقه "سليم" عالياً ، و كأنها ألقت عليه دعابة شديدة الفكاهة ، مما يثير حنقها أكثر و أكثر!!!
لتهتف "علا" بضيق مكبوت:
_ما قولتش حاجة تضحك يا بشمهندس...!!
ليحاول التوقف عن القهقهة قائلاً:
_كلامك شبه مضبوط....و أحييكي على ذكائك!
لتهتف "علا" بتساؤل محنك:
_إممممم مش مهم نتائج تفاصيل مراقبتي إيه! ، بس المهم دلوقتي إني أفهم حضرتك بتححج بمناقشة كتاب ليه؟! ، أظن ليك غرض تاني!!!
ليبتسم "سليم" إبتسامة هادئة نوعاً ما و يهتف:
_مش موضوع غرض تاني زي ما أنتي متصورة....كل ما فى الأمر ، كنت حابب أشكرك على الملح!!!
"علا" رافعة أحد حاجببها بتهكم قائلةً:
_إمممممم...طب العفو!
ليميل "سليم" للامام قليلاً بإتجاهها ، و يهتف بنبرة ذات مغزى:
_تعرفي إني حاسس بهالة من الفضول حواليكي!!
لتهتف "علا" بدورها متسائلة:
_هالة من الفضول؟!!!
ثم أردفت بهدوء متمرس:
_و لو فرضاً إني كده..فده مش موضوعنا دلوقتي..أفضل إن حضرتك تناقشني في الكتاب و ننتهى!
ليجيبها "سليم" ببرود:
_مفيش مانع! ، بس لازم أرضي فضولي تجاه الغموض اللى بحسه حواليكي..ده حتى إسمك مش عارفه!
ثم أردف بتحدي:
_و كأنك بتتهربي من حاجة و خايفة لحد يعرفك!!
لتجيبه "علا" بهدوء مصطنع و تحدي:
_أحب أوضح لحضرتك إن مفيش غموض ولا حاجة...كل ما فى الأمر إني في إجازة من شغلي ، و بقضي الوقت ده مع عيلتي...و بالنسبة لإسمي فهو علا عبد الله! و.......
ليقاطع إسترسالها فى الحديث هو قدوم القهوة ، و ما إن يغادر النادل بعد وضعه للقهوة ؛ حتى تأخذ نفساً عميقاً و تستأنف كلامها بهدوء أشد!!
لتضيف بهدوء أشد:
_و لا يمكن أخاف من حاجة لدرجة إني أهرب...أظن كده أبقى راضيت فضول حضرتك بدرجة ممتازة ، و إتفضل إشرب قهوتك قبل ما تبرد!
ثم أردفت ببرود شديد و هى تنهض:
_عن إذنك!
ثم دون أى كلمة أخرى جمعت محتوياتها ، و إنتهى الموقف بأن إرتدت نظارتها الشمسية و إنطلقت مغادرة بشموخ ممزوج بالتحدي ، تاركةً إياه و نظرات الإستمتاع تشتعل بعينيه..!!
___________________________________
فى المساء،،،
خرجت "علا" إلى التنزه قليلاً و أيضاً للتسوق محاولة إيجاد ما يلهي تفكيرها عن مصير القضية الآن ، حيث أخبرتها زميلتها "نغم" بتحديد موعد الجلسة الأولى ، كما أنها كانت تتابع الأخبار من خلال حاسوبها بإستمرار...كمْ تود الآن التواجد فى القاهرة حتى تشهد على ذلٌ أولئك الحيتان ، إنه الشعور بنشوة الإنتصار حين يتثنى للمرء بأن يكون سبباً فى إضمحلال الشر و لو كان جزءً يسيراً..فمن هنا تبدأ الثورة ضد الفساد شيئاً فشيئاً..!!!
لتهتف "علا" بتفكير في ذاتها:
"ياااه..نفسي دلوقتي أكون فى القاهرة...حاسة بنشوة و أنا شايفة إني سبب من ضمن الأسباب بعد إرادة ربنا طبعاً بأني أشوف الكلاب دول بيتمرمطوا ما بين التحقيقات و النوم على البورش...و لو إني ما أعتقدش إنهم نايمن على البورش و البركة فى المحسوبية برضو ، بس قريب بإذن الله هيعرفوا البورش و كل الحشرات اللي في السجن بإذن الله لما أبعت نسخ الجزء التاني من صفقة الأدوية المشبوهة الأخيرة!!!!"
و لم تنتبه أثناء شرودها بأنها إصطدمت بشخص ما و كادت أن تقع لولا أن إستندت فى اللحظة الأخيرة على الحائط خلفها ، و ما إن رفعت وجهها لترى ذاك الذي كانت أن تصطدم به حتى تمتعض تلقائياً..فهى بالطبع أمام ذاك الكائن اللزج "سليم" ، و الذى و لأول مرة يطالعها بإمتعاض مماثل هاتفاً:
_الناس و هى ماشية بتاخد بالها من اللى قدامهم...مش بيمشوا زى القطر كده!
لتجيبه "علا" ببرود محنك:
_حصل خير..أسفة ، عن إذنك!
سليم مانعاً إياها من التحرك:
_و بالسهولة دى هسيبك تمشي؟!!
لتجيبه "علا" بهدوء مصطنع:
_أظن مفيش داعي إننا نعليّ صوتنا فى مكان عام و نتعامل بطريقة همجية..!!
سليم مصطنعاً التفكير:
_إمممم طريقة همجية!!
لترد عليه ببرود:
_آه طريقة همجية...و لو سمحت وسع من طريقي علشان أمشي!
ثم أردفت بتهديد مبطن:
_و إياك...ألمح خيال سيادتك فى أي مكان أكون فيه..و أظن كفاية بقى لحد كده!
ليطالعها "سليم" بإبتسامة هادئة و كأنه لم يسمع شيئاً:
_إتفضلي إمشي!
ثم دون أدنى كلمة أخرى ، غادر "سليم" مبتعداً و هو يطلق صفيراً خافتاً ، لتطلق "علا" شتيمة فى سرها و قد بدأ ذاك الكائن يزعجها حتى كادت تشك فى أمره و بأنه يعلم هويتها الحقيقية...و لكن حسناً فإن كان يعلمها فهى لا تهاب شيئاً سوى ربها!
___________________________________
فى سيارة "علا"،،،
ما إن إستقلت سيارتها ، و حاولت تدوير المحرك حتى باءت كل محاولاتها بالفشل الذريع...!!
لتهتف "علا" بتأفف و إمتعاض شديدين:
_أووووف بقى...دوري يلا دوري بقى...مش بتدوري لييييه؟! ، يا دي الحظ اللى مش لطيف خالص..أووف!!
ثم تبحث داخل حقيبتها عن هاتفها ، لتجده لسوء حظها فاصل شحن ، و بالتالي لا توجد أي طريقة لتطلب بها المساعدة!
لتنظر إلى هاتفها بغيظ شديد و كأنه أحد الأشرار و هى على وشك لكمه و بقوة ساحقة و كأنه ألد أعدائها هاتفةً بغيظ:
_كنت ناقصة إنك تفصل شحن دلوقتي...قولي أتصرف إزاى دلوقتي يا أستاذ فون...ما هو الوقت إتأخر ، و لو عمو إتصل و لقى سعادتك مقفول هيطربق الدنيا فوق رأسي و بالذات لإنى صممت ما أخدش هاجر معايا و أنا نازلة!
ثم رفعت بصرها إلى السماء من خلال الزجاج الأمامى لسيارتها و هتفت بنبرة أشبه للبكاء و ممزوجة بالتمنى و الدعاء:
_يا رب أعمل إيه دلوقتي؟ ، أنا محتاجة أي مساعدة ضروري..!!
و لم تكد تنتهى من كلامها حتى سمعت صوت مزمار سيارة سوداء خلفها و كأنها تلبي إستغاثتها الصامتة!
فتهتف "علا" فى نفسها بسعادة:
_فى حد هيساعدني...شكراً جداً يا ربي!
و بعد أن أنهت كلماتها البسيطة حتى إستمعت لطرقات رزينة على زجاج سيارتها ، و ما إن إلتفتت بوجهها حتى طالعها وجه "سليم" ، لتمد يدها بهدوء مصطنع لتفتح ذاك الزجاج و تهاتفه حين سألها بهدوء قاتل!
_واقفة ليه؟؟ ، في مشكلة؟!
لتهتف "علا" في نفسها:
_"المشكلة فى إن وجودك بيعصبني...بس مضطرة أستغلك و أمرى لله!!"
ثم تداركت نفسها سريعاً لتجاوب على سؤاله هاتفةً بضيق:
_العربية مش راضية تدور خالص!!
فيهتف "سليم" بجدية:
_طب إفتحي الكابوت كده!
فترد بهدوء و إستسلام رقيق:
_ماشي!
و ما إن قامت بفتحه حتى تابعت بنظرها تحركه صوب مقدمة السيارة و فحصه إياها و كأنه جراح متخصص و يدرس حالة ما ، لتهبط من سيارتها و تتوجه إليه هاتفة بتساؤل:
_عرفت فيها إيه؟؟
ليظل "سليم" متحفصاً السيارة بدقة ولا يلتفت إليها ، ثم يتنهد بضيق هاتفاً:
_إظاهر البطارية خلصت!
لتمتعض على الفور هاتفةً:
_مش وقتها خالص!...طب و العمل إيه؟؟!
سليم بجدية:
_مفيش قدامك دلوقتي غير حليين إتنين لا غير!!
لتسأله بلهفة:
_إيه هما؟؟؟!
ليجيبها بهدوء و متابعاً لتعابير وجهها:
_الأول إنك تسيبي العربية بتاعتك هنا و الصبح تكلمي أي ورشة تبعت حد يضبط بطارتيها و تيجي معايا!
ليلمح نظرات التمرد على ملامحها ، و هو ما قد إستنتجه قبل أن تتحدث من الأساس ، فيردف بجدية:
_و ده أنا ما أفضلوش طبعاً!
لتندهش من رده ، فهى تظن بأنه يتصيد الفرص حتى يحادثها و يفرض نفسه عليها ، ليظهر العبوس على محياها متسائلة بضيق أشد:
_طب و الحل التاني إيه؟
ليتنهد بعمق مجيباً إياها:
_أنا معايا حبل و هربطه فى عربيتك و أنتي إفضلي فى عربيتك لحد ما نوصل للبيت!
لتجيبه باسمة بهدوء:
_تمام..الحل ده مضبوط جداً و عجبني!
ليبتسم بدوره إبتسامة ساخرة:
_طب الحمد لله إنه عجبك حاجة!!
لتندهش من رده الغليظ ، و تحادث نفسها قائلةً:
_كائن لزج و وقح كمان!!
بينما يذهب "سليم" لمؤخرة سيارته دون إنتظار لردها ، ليجلب الحبل و يتم مهمته فى سبع دقائق ، و بعد أن إنتهي أخبرها بمنتهى البرود و كأنه يعلمها بأنه الأفضل منها بتصرفه الأخلاقي هذا:
_هنمشي دلوقتي و فى خلال نص ساعة هنكون وصلنا ، و بالنسبة للعربية هكلم ورشة تبعت حد بكره يصلحها من تحت بيتك!
ثم إنصرف مجدداً دون أن يدع لها الفرصة لمناقشته ، و كأنه يلقي عليها أوامره و ما عليها سوى الإنصياع..!!!
أنت تقرأ
المُنقِذ و الشُجاعَة
Romanceظنت أن تعارفهم صُدف لُفظت من رحم القدر..!! لتكتشف بعدها أن مهمته حمايتها! ، و أنه يخدعها لأجل ألا تُزهق روحها!!! و لكنه أنقذها من الموت...فهل من المحتمل أن تعشق منُقذ كاذب؟!!