ثم مــات قلبه

104 9 8
                                    




استيقظ أمير على صوت منبهه المزعج كان بجوار سريريه فدقه كمن يدق عنق شخص يمقته بشدة، كان يعلن هذا الأخير عن موعد رحلته إلى منزل جده و جدته بالعاصمة. كان يحدق في سقف غرفته أو بالأحرى عالمه الخاص، كان يمضي جل وقته فيها يقرأ كتبه أو أمام شاشة حاسوبه يتصفح مواقع التواصل الاجتماعي لكن بدون أي تواصل، لم يكن اجتماعيا قط  و تلك الغرفة تعتبر مفره الوحيد. أخيرا اتخذ قراره بالوقوف ثابتا على الأرض استعدادا للرحلة، ارتشف قهوته المُرة التي تمنعه من أن يشرد في أحلام اليقظة

    حدثه والده بصوت يغلب عليه النعاس : " عندك دراهم باش تسافر ؟ "   رد أمير بابتسامة هادئة : " إيه عندي كثر خيرك بابا " ودع والدته و ألقى نضرة على إخوته النيام كالملائكة . . .  يراقب عبر زجاج الحافلة  سحر شروق الشمس وراء الجبال الأوراس الشامخة  كان متيما بالطبيعة و يهوى التصوير الفوتوغرافي. أخرج أمير كتابه وبدأ يقرأ الصفحة تلوى الأخرى حتى غط في النوم . . . استيقظ على صوت مساعد السائق الذي كان يعلن الوصول إلى المحطة الأخيرة، نزل بلهفة من الحافلة كسجين قد أطلق سراحه بعد عمر في السجن، تناول حقيبته و لوح لأول سائق أجرة لمحته عيناه. بعد عدة دقائق لمح منزل جده في أحياء باب الواد العتيقة، لم يتغير بتاتا عن السنة الماضية حتى شجيرات جدته الصغيرة التي كانت تطل من على الشرفة بقيت كما كانت و رفضت أن تنمو و تزهر و سيارة جده القديمة لا تزال مركونة في مكانها قرب شجرة الياسمين وكأنها لم تُلمس قط

ثم مات قلبهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن