#سارة
#الجزء_الاولكان شعاع الشمس يملأ المدينة ، عندما إستيقظت هذا الصباح .. تنهدت وإلتفيت إلى ساعتي ، كعادتي رشفت فنجان قهوتي وبعض البسكويت ، هممت بالرحيل مسرعة لمعهد الموسيقى اللذي كنت أرتاده لسنتين.
كنت أظهر إبتسامة كبيرة تكشف كل أسناني للجيران ، لم أكن الوحيدة التي في عجلة من أمرها ، فصاحبة السيارة الصغيرة الحمراء اللون المتجهة أمامي كسرعة البرق ، لم أعرف ٱنذاك من أي إتجاه ظهرت ، إرتطمت بي وأسقطتني أرضا بدون حراك بثواني إجتمع حشد من المارة حولي ، ترجلت السيدة من السيارة مسرعة نحوي و الخوف يكسو وجهها البشوش تضع يديها فوق رأسها ، لقد أدركت بالتأكيد المأساة التي وقعت ، كانت ترتدي جينز أسود وقميص أحمر رطب ، لها عينان سوداء كسواد الليل ، فمها صغير يزيد جماله أحمر الشفاه الفاتح ، عيني بعينها ، هزمتني أنوثتها..
إزداد حزنها ، ومع أول صرخة مرتعشة صدرت منها ، خاطبتني و وجهها يملأه شيء من الحزن و التعاطف :
ــ أنا آسفة لم أقصد ذالك ، خطأ خارج عن إرادتي ، هل أنت بخير ؟
لكنني لم أجب ، ثم تابعت : هل أصبت بمكان ما ؟
أخدت تتصفح أرجلي مستكشفة مكان الإصابة ، مرت بها عدة مرات لكني ظللت أنظر إلى ملامح وجهها التي تجمدت خوفا . في نفس اللحظة تحدث أحد المارة :
ــ ربما هي تحت تأثير الصدمة ، لنستدعي سيارة الإسعاف .
تناولت هاتفها .. لكن بالأخير قلت :
ــ ليس هناك ما يدعو للقلق ، أنا بخير.
قاومت بالنهوض عن الأرض ، أمسكت بذراعي قصد المساعدة ، أخد المارة بإكمال طريقهم ، إستحملت ألمي وإكتفيت بالصمت ، لحظتها طلبت أن توصلني إلى منزلي ، في طريقنا ظلت تسألني عن الإصابة وإذ كنت غيرت رأيي بالذهاب إلى المستشفى ، فإكتفيت بالنفي والشكر
بباب منزلي أوقفت محرك السيارة ، نظرت إلي مبتسمة وقالت :
ــ ربما يكون قد حان الوقت لكي أقدم لك نفسي ، أنا صوفيا مدرسة مادة الفلسفة.
لطالما أحببت مادة الفلسفة و الفلاسفة . ثم أجبت :
ــ تشرفت بمعرفتك أنسة صوفيا ، أدعى سارة .
بادرت بإعطائي رقم هاتفها إن إشتد ألمي أو إحتجت إلى شيئ ، وطلبت رقمي للإطمئنان علي من وقت لٱخر.
داخل غرفتي إستلقيت فوق سريري ، رغم شعوري بالتعب والتلاشي لم أمنع نفسي بالتفكير بالٱنسة صوفيا ملامح وجهها لا تفارق مخيلتي ، خرجت من عزلتي تناولت طبقي للعشاء أخدت كوب قهوتي المعتادة جلست على مكتبي أحمل قلمي و أوراقي ثم أرقيت أنهار من الحبر إلى أن غفوت.
أيقظني رنين الهاتف ، إحدى صديقاتي تسأل عن عدم حضوري للجامعة ، أخبرتها أنني أعاني من الزكام والأن أصبحت بخير بعدها أنهيت المكالمة. كنت قليلة الكلام ، أتفادى قدوم أصدقائي إلى منزلي ، كان الهاتف لايزال بين أصابعي أردت الإتصال بالٱنسة صوفيا ، لكنني شعرت بالتردد . نعم ، فهي من عليها الإتصال و الإطمئنان علي ، ما إن صحوت مش شرودي وجدت نفسي أطلب رقمها ، بثواني برقية ردت :
ــ آلو سارة ، كيف حالك اليوم ؟
لم أجب ، أدركت حينها أنني غاضبة لأنها لم تتصل من قبل للإطمئنان علي ، ثم تابعت حديثها :
ــ كنت أود الإتصال بك للإطمئنان عليك هذا المساء ، لكني خفت أن تكوني نائمة .
في الحقيقة لم أكن غاضبة على عدم إتصالها ، بل إكتشفت أنه عند كل مرة ينفتح فمها و تبوح بكلماتها يصيبني البكم ، فكرت فجأة أنها لاتزال على الخط. بالأخير أجبتها :
ــ أنا بخير ، إستيقظت قبل قليل..
طالت المكالمة لعشرون دقيقة نسأل عن أحوالنا وعن الدراسة مما ساعدني بالقول :
ــ ٱنسة صوفيا ، هل لي بطلب ؟
ــ تفضلي سارة
ــ أريد أن أقدم لك بعض من كتاباتي لقرائتها ، و إعطائي بعض النصائح.
ــ يسرني ذالك ، في أي وقت تشائين .
كان النهار قد بدأ يميل إلى المساء ، لكنه لم يظلم بعد. تذكرت علاقاتي السابقة كانت متعددة وقصيرة المدى ، بلا وعود أو أمل ، كنت أعاني من فراغ بعد كل إمتلاء ، لذا قررت أن أحيا مرة أخرى.
باليوم الموالي تلقيت إتصال من الأنسة صوفيا ، تسارعت دقات قلبي عند سماع صوتها حين قالت :
ــ كيف أصبحت حلوتي ؟
كلماتها تسربت كالرعد بداخلي ، بعدها أجبت :
ــ أنا بخير ، شكرا ٱنسة صوفيا . تابعت : اليوم هو يوم عطلة أريد أن أراك إذا أمكن لأسلمك بعض الأوراق.
صمتت لفترة وكأنها تراجع جدول أعمالها ، وجاءت إجابتها كالتالي :
ــ نعم بالطبع ، مارأيك الساعة الخامسة مساء.
ــ توقيت مناسب ، لك حرية إختيار المكان أنسة صوفيا.
دلتني من خلال رسالة نصية على مقهى وسط المدينة ، كانت الساعة تشير إلى الواحدة وقت كافي لأكتب لعيناها شعر وقصائد . بعدها أخدت حماما سريعا إرتديت ملابسي أخدت بعض من الأوراق هممت بالرحيل وأنا أردد أغنية من أغاني فيروز ، أخدت سيارة أجرة أطلعت صاحبها على العنوان وإنطلقنا...