√|مقدمة

810 92 68
                                    


الفصل الاول|| رسالة من غَريب

اخبرني، كم مرةً نزفَ قلبك شوقاً؟ و كم مرةً ضاقَت بكَ الدنيا، فقط لانَّ من احببتَ قد رحلَ دونَ وداع. عُد النجومَ و احصيها..حتى هذا الرقمِ لا يكفي .
***

بدايةَ عامٍ جديد لست انتَ فيه، اخبرني كيف يمكنُ ان يزدادُ الامر سوءً؟ .

ايقنتُ معكَ ان للبداياتِ سحرٌ خاص، ذكرياتها تحتضنها شرايين الافئدةِ، و تترسَخ في الاذهانِ للابَد.
و ان سألوني عنَّكَ، فـ سأخبرهم انَّكَ كُنتَ بدايتي الساحرة، التي اختتمتُ بها حياتي. و انا راضية تماماً عن النهاية التي قد يعلنها القدر.

***
مساء ال31 من ديسمبر 2016
نيويورك- قبل بداية عامٍ جديد
****

تساقَط الثلجُ مُعلناً عن تمرُّدِ بردِ هذا الشتاء، الشوارِعُ مُزدانةً بـ انوار الاحتفالات، اشجار العيد ملأت المكان.. و اصوات المارة على الطريق اضافَت لحناً اكمَلت معزوفة ليلةِ العيد الناقِصة.

شدَّت على مِعطفها الفرو الاسود، تلتحفُ بهِ علَّهُ يحميها من كَلَبِ هذا الشتاء، تتسارَع خطواتها المُختلة..بشعرِها الاسودِ المموج الذي ينافسُ الظلام في عتمته و عينيها الزرقوتانِ الباهتتانِ اثرَ البُكاء، ببنيتها الهزيلة و قلبها المفتور مُعلنةً استسلامها تماماً لاغلال الحُزن.

بينما الجميعُ يحتفل، دقائق و ستُعلنُ دقاتِ الساعة عن بدايةِ يومٍ جديد في عامٍ جديد، كـانت هي تقفُ وسطَ الحشودِ كالطفل الذي اضاعَ امهُ، لا يُبالي في اي يومٍ هو و اي يوم غداً سيكون.

امتدَّت يدها الرقيقة الى جيوب معطفها و انتشلَت منهُ دفتر اسود مُنقط صغير، تحسستهُ بـ اناملها، و ارتسمَت ابتسامَة جزِعة على ثغرِها.

قلَّبَت في الدفتر حتى وصلَت لصفحتها المنشودة، بينما تدورُ عقارِبُ الساعةِ في لهفة للعامِ الجديد، كان ذهنها و قلبها قد شردا بمكانٍ لا يُسمَعُ فيه الا صوتُ انفاسها المضطربة المُتسارِعة.

" بينما تقرأين هذهِ الصفحاتُ الاخيرة، اعلمِ انِّي يسكنُني الماً قد جعلَ من قلبي طريحاً. سطرتُ لكِ حكايةً ليسَت بغريبةٍ عنكِ، و اعلمِ انَّكِ تسكُنيني جسداً و روحاً، و انِّي كُلما ظننتُ اني شُفيتُ منكِ، و جدتني اهوى بكِ سبعون قاعاً، فـ انتِ لي جُرعاتٌ من السعادة لا اُجيد الاكتفاءَ منها"
خانتها قدماها فـ سقطَت على ركبتيها تلهثُ للهواء، ما بالُ الارض بها تدور؟!.. أهكذا هي نهايتها؟.. سقطَت دمعاتها الحارقة لوجنتيها.

فـ تمنَّت في داخلها لَو تبقى البداياتُ للابد.

************************************

سأغيب و يبقي الاثر || H.Sحيث تعيش القصص. اكتشف الآن