¶٣¶

19 2 0
                                    

ارتعش امام عيني ضوء الشموع المصنوعة من شمع النحل و المناصبة فوق المنضدة الخشبية المتشققة. و غمرتني هذا المساء رؤية شديدة الاشراق.

رايت بيتا كبيرا ذا حديقة تكسوها الورود الصفر و الحمر المتبرعمة. كانت ليلة صافية في اواخر الخريف، و قد تكبد البدر صفحة السماء الصافية. تناهت الي من بعيد اصوات ضحك عالية و عواء حيوانات ليلية. و بعد قليل، خرج من البيت 4 فتيان. كانت قسمات وجههم سعيدة و اعينهم تشي بفرح شديد.
كان صاحب الوجه اللطيف يقفز على ذي العينين العميقتين العسليتا اللون بينما يقول"احبك يا ابن هاديس". فتحت فمي لاناديهم، لكن لم ينبعث من بين شفتي اي صوت.

لقد كنت اموت حرفيا بينما يخترق الخنجر الفضي قفص صدري الايسر.. الرحمة!!

"هيه، انت! كف عن الصراخ كالمجنون"
".."
"كف عن هذا الصراخ و الاطردتك خارجا"
".."
"قلت اخرس!هل تسمعني؟اسكت"

كان صوت هذا الرجل الذي صدرت عنه هذه الكلمات، يزداد قربا مني على نحو مخيف. تظاهرت اني لم اسمعه، مفضلا البقاء داخل رؤياي لاطول فترة من الزمن. كنت اريد ان اعرف المزيد عن موتي، كما كنت اريد ان ارى الفتيان الاربع. من هم؟ ماعلاقتهم بي؟ من الذي طعنني و القى بي للتهلكة؟
لكن قبل ان اتمكن من اختلاس نظرة اخرى، امسكني احدهم من ذراعي من عالم اخر و راح يهزني بقوة حتى احسست باسناني تصطك في فمي، و جرتني قبضته الى هذا العالم .
ببطء، و بتردد فتحت عيني و رايت الرجل يقف بجانبي. كان رجلا مربوع القامة، له لحية خطها الشيب، و له شاربان كثان معقوفان و مفتولان عند الطرفين. ادركت انه صاحب المطعم. و على الفور لاحظت امرين اثنين فيه و هما: انه الرجل الذي يزرع الخوف في نفوس الناس بكلامه الفظ و سلوكه العنيف، و انه الان في حالة غضب شديد.

سالته"ماذا تريد سيد توماس؟ لماذا تشد ذراعي؟"
"ماذا اريد؟" قال هادرا متجهما، "اريد ان تكف عن الصراخ، هذا ما اريد. انك تبث ابخوف في زبنائي"
"حقا؟ هل كنت اصرخ؟" دمدمت بعد ان حررت يدي من قبضته.
"اراهن على انك كنت تصرخ ! كنت تصرخ مثل دب انغرزت في كفه شوكة. ماذا دهاك ليام؟ هل غفوت اثناء العمل مجددا؟ لا بد انك رايت كابوسا او شيئا من هذا القبيل"

اعرف ان هذا هو التفسير المعقول الوحيد، و انني لو قبلته، لقبل صاحب المطعم و تركني اعمل بسلام. لكني لم ارد ان اكذب. فقلت "لا ياسيدي. انا لم انم و لم ارى كابوسا. بل انني لا ارى احلاما قط"
"اذا كيف تفسر صراخك هذا؟" اراد ان يعرف.
فقلت"لقد جاءتني رؤيا. و هذا امر مختلف"
رمقني بنظرة ملؤها الحيرة و لعق طرفي شاربيه، ثم قال: "انت مجنون. لا شك في ان هناك لوثة في عقلك و لا عجب في انك بدات تهلوس"
ابتسمت. قد يكون محقا في القول. ان هناك خيطا رفيعا بين الواقع و الخيال. و في تلك اللحظة، ازلت مئزري و رميت به فوق الطاولة" انا استقيل" صرخت بحرية بينما انسحب خارج ذلك المكان الرخيص. اشتريت باقة ورد ببضع دولارات و توجهت نحو الشقة. ماان فتحت الباب، حتى طافت في الارجاء روائح البصل و الثوم و التوابل. "عزيزتي، ها قد عدت" صرخت بينما اتكأ على طرف المائدة.
احاطت يداها الصغيرتين كتفي العريضين لاحملها بخفة و اقبلها مرتين و ثلات. بدت جميلة بذلك الفستان الترابي بينما  خصلات شعرها البنية الرفيعة تتسدل بخفة على وجهها. دفعت بشفتي نحو وجنتها لاركض مباشرة نحو صالة الاكل. فتحت فاهي بشهية بينما اقول"عزيزتي دانييلا اصبحت ماهرة، مارايك ان تطبخي لي كل يوم اذن؟" تمتمت بينما اخذ زبدية من الحساء و قطعة من الخبز الاسمر الغامق .اومات بخجل و بابتسامة مفعمة باللطف و الرصانة كانما تقول"اذا كان هذا يسعدك، فهو كذلك". شردت فيها للحظة. انها افضل شيء بحياتي. لا يهمني ان كانت خرساء او ان كان لديها ندوب على صفحات وجهها القمري. فما دام قلبي بينبض كل يوم باسمها فاني مستعد لطرد كل البشرية منه مقابل ان يظل فيه متسع لمزيد منها هي.
القيت بنفسي على السرير بينما احتضن جسدها النحيل.  "لقد ارتكبت اخطاء كبيرة و سارتكب اخطاء اخرى، لكني  لن اكف عن حبك ايلا، و لن احب احدا غيرك" قلت لها بصوت واهن. اشتد ذراعاها حول صدري بينما دفنت راسها اعمق و اعمق كانها تؤكد كل حرف مما قلته سابقا.

انها فقط، نعيمي انا!

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Sep 08, 2019 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

War Of Gods I حيث تعيش القصص. اكتشف الآن