كنتُ طفلة من بين الأطفال، وكالأطفالِ كنتُ أشاهدُ ما يُعرضُ على التلفازِ من رسومٍ مُتحركةٍ، فيأتي منها ما يُحكي عن المدرسةِ والصداقةِ؛ فتشوقتُ للذهاب إِليها وتكوين الصداقات.
مضى ذَلِك الوقت جيدًا، أمي قد سجلتني في تِلك المرحلة التي سُميت بِالتمهيدي والتي كانت بِالقربِ من منزلنا.
درستُ هُناك وكونتُ صداقات مع طلابِ صفي رغم أنها ليست حقيقة.
انتهت تِلك المرحلة الجميلة على خيرٍ، وانتقلتُ إلى مدرسةٍ أخرى لأدرسَ الابتدائية، وفي ذَلك الوقت كنتُ ذات شعبية في فصلي، فكل يوم تدعوني فتاة لأذهبَ معهن، كنتُ صديقة لكل.
كنتُ أحلمُ بِدراسة الصف الثاني بِتِلك المدرسة إلا أنهُ حدثَ ما حدثَ وانتقلتُ لِمدرسةٍ أخرى وكانت مدرسة خاصة.
و صادفتُ هُناك فتاة مُرعبة؛ كان واجب علينا إِمساك أيدي بعضهن البعض عند الاصطفاف في الصباحِ، فكانت يدها أكبر من يدي وجسدها أضخم من جسدي، كنتُ خائِفةً في ذَلك الوقت.
من كان يعلمُ أن بضعةَ من الأسابيعِ وتصبحُ تِلك الفتاة من أفضلِ صديقاتي.
سنةٌ وافترقنا؛ فلقد كانت في صفٍ وأنا في صف أخر.
في تِلك الفترة كنتُ وحيدة، لمْ أكن أرغبُ في البقاءِ دائِمًا في تِلك الحال، ولذَلك تقدمتُ لِمجموعةٍ من الفتياتِ وقلتُ لهن: هل نصبحُ أصدقاء؟
وبدورهن قد وافقن، استمرت صداقتي معهن حتى الصفِ السابع، كنتُ أظنُ أنهن صديقات بِحق، حتى عرفتُ أن مشاعري معهن لم تكن متبادلة.
كنتُ أعتبرهن جزء آخر مني، مؤسفٌ لطالما كانوا يتحدثون بما لا أفهمهُ، كنتُ أبدو كتفاحةٍ بين قطع من البرتقالِ.
وَلَمْ أكن أعلمُ هَذِهِ الحقيقة إلا عندما دخلت الصف السابع؛ فلقد كنا مجموعة كبيرة ومن أحبهن بِصدقٍ قد ذهبوا بعيدًا عنا وتركونا في مكاننا المعتاد.
حزنتُ بِذَلِك الوقت بدوتُ كتمثالٍ، فكيف لهم أن ينسوا أنّي صديقة لهن من الصفِ الثالثِ؟ مؤسفٌ.
الأمر لم يكن هذَا فقط فحتى أن مرتَ الإِجازة الصيفة لَمْ يسألوا عني، أو حتى عندما غبتُ في أحدِ الأيام مع العلمِ أن غيابي كان نادرًا، وأحيانًا يخرجون في الإجازاتِ ولا يخبروني، أو حتى عندما أخبرتُ أحدهن أن انتقالي عن هذِهِ المدرسة في الصفِ الثامنِ.
سألتني عن اسم مدرستي الجديدة فقط، كان هَذا مُؤلمًا.
حقيقة انتقالي لِمدرسةٍ جديدة كانت مُحزنة وسعيدة لي، فأنا أريدُ بداية جديدة لي في صنع الصدقات.
كنتُ أفكرُ ذَلِك الوقت ما معنى الصداقة؟ هل جلوسك مع أحدهم لأيام؟ أم شيء أخر لم أجربهُ؟ تساءلت.
وككل بداية لدخول مدرسة جديدة كنتُ متوترة، خفتُ من هذَا ومضى اليوم الأول وحيدة، أتى اليوم الذي يليه وفي وقتِ الاستراحةِ، أخذتُ طعامي وجلستُ في الساحةِ الداخليةِ وحيدةً، حتى سمعتُ فتاة تهمسُ لي: هل تأتين معنا؟
كانت خجولة هي وصديقاتها وافقت طلبها فهَذا أفضل من الجلوسِ وحدي، تعرفت عليهن ومضت عدة أيام معهن بِرغم ذهاب أحدهن إلى مجموعةٍ أخرى.
في نفسِ الأسبوع الأول ويوم الخميس ذهبنا لِمعملِ، وكانت بجواري فتاة عادية، تكتبُ لي عدة من الأسئلةِ في حين شرح المعلمة، كانت في نظري فتاة مزعجة وتتدخل فيما لا يعنيها.
ومن كان يعلم أن أحدَ تِلك طالبات الفصل الذي تجاوز ثلاثين طالبة، طلبت اسمي في أحدى برامج التواصل الإجتماعي.
ومن كان يعلمُ أن تِلك المزعجة ستتحدثُ معي في نفس اليوم عن طريقِ البرامج، ويحهها إِلا تعلمُ كم هي مزعجة في نظري؟
مضت خمسةُ أيامٍ تقريبًا فوجدتُ نوعًا من أنواعِ الطعامِ الذي اشتُهِرَ في ذَلك الوقت في حقيبتي.
أيعقلُ أن من كان أمامي في الفصلِ قد أوقعها؟ زادَ هَذا همًا في قلبي لا أريدُ لأحدهن أن يُضيعَ شيئًا معي.
عدتُ للبيت وأنا خائِفة فلم يحصل لي الوقت لسؤالهن، وما أن عدتَ حتى أرسلت لي تِلك المزعجة رسالة كُتِبَ بها أن ما في حقيبتي لها وأنهُ كان زائِدةٌ؛ وبِما أن صديقاته اللاتي هن أمامي قد قمنا بِأحضار الطعام لمدرسة.
بئسًا أتوجد فتاة في العالمِ تُعطي أحدهن طعام في ثاني لقاء لهن؟ كنتُ أفكر في احتمالية وضع السم بها.
مضى يومان حتى أكلته ولم يكن هُناك سم فيه، أكنتُ بِكاملِ قواي العقلية عندما فكرتُ في مثل هَذِهِ الاحتمالية؟
مع مرورِ الزمن بدأتُ أثقُ بِها تحدثتُ معها فبدأتُ تملأ فجوة في قلبي.
كانت تتحدثُ معي في الإجازاتِ وفي كل الأوقات وبِالطبع لا أنسى مزاحها الدائِم معي، كانت ذات دمٍ خفيفٍ، وذات سحرٍ يجذبها.
من كان يعلمُ أني بِمقابلة تِلك الفتاة فهمتُ سبب قول الناس: «الأشياءُ الجميلةُ دائِمًا تتأخر».
ولذَلك سأصبرُ فربما يحصل لي ما هو أجمل.
تِلك الصديقة كانت النور الذي أنارَ على قلبي بعدما أظلم، فأشارت إِليّ لأكونُ أفضل.
أنت تقرأ
وحيد.
Short Storyكُنتُ وحيدة حتى سطعَ ذلِك النور عليّ؛ فأنارَ لي قلبي. -بِفضل من اللهِ فازَ الونشوت :- • بِمسابقة kING OF ONE SHOTS بِالدورةِ الأولى. • بِمسابقة للقصصِ القصيرةِ.