مضت ١٠ سنوات و بلغت من العمر ١٧ عاماً و والدي بلغ ٤٠ عاماً .. مضت هذه العشر سنوات كَلمح البصر كَغيمة عابرة لم تضر و كرهي لأبي يزداد شيئاً فشيئاً ، مرت أيام و أعوام و انا ارى الابتسامة لا تفارقه و كأن احداً ما القى عليه تعويذة تبقيه سعيداً طيلة هذه العشر سنوات ، كنت كما الشبح .. أستيقظ ليلاً و أنام نهاراً و اتسلل للمطبخ و لكن رغم ذلك أبقى مراقباً لأخوتي الذين علموا حقيقة موت امي فيما بعد و لكنهم لم يظهروا اهتماماً فَحبهم لوالدي أنساهم تلاشيّ طيف امي لذا بدأوا يتعايشون مع الأيام.
في هذه المرحلة من حياتي كَمراهق لم اشعر ابداً بأنني اقضي حياتي كما البقية .. كنت مختلفاً ، يائس .. إبتسامتي لم تُرى منذ وفاة امي و كأنني نسيت كيف أبتسم ، أذهب لإستنشاق الهواء ليلاً و انظر للنجوم و كيف ان لمعانها كان شبيهاً بِلمعان عينيّ أمي عندما كانت تبكي فِ غرفتها و تأخذني في حضنها و كانت تقول لي دوماً : " لا تكسر قلب انثى ، لان الانثى اذا انكسر قلبها ما ترجع مثل ما كانت. "
ارى والدي يجلس ف الصالة ليلاً و يتأمل جدران المنزل و بعد دقائق يصعد لغرفته متخبطاً تاخذه فكرة و تأتي به فكرة.
كان يضع اوراقاً على الطاولة و اتجاهلها دوماً حتى اتى اليوم .. و ألقيت نظرةً عليها و كانت تخص عروضه التجارية و كان مسجلٌ عليها جميع المعلومات من مواقع و ارقام و جهات .. من هنا ، تبدأ اول خطوة نحو الإنتقام.
اخذت الأوراق و قمت بِطباعتها ليتسنى لي قراءتها ف اوقات الفراغ و عندها أبدأ بتحريك اول قطعة شطرنج ، كان محتوى الاوراق كلامٌ غير مفهوم ف قررت ان اوسع خبراتي و بدأت اشتري كتباً تخص الاقتصاد لأكون عَ مقربة من فكر أبي .. اشتريت ما يقارب العشرة كتب و بدأت بأخذها معي للمدرسة الثانوية بشكل يومي و اتصفحها كل ما اتيحت لي الفرصة .. توسعت مداركي خلال أربعة اشهر.
عندما نام والدي تلك الليلة ، اخذت هاتفه لأقوم بإرسال رسالة نصية تلغي جميع الاتفاقات التي نصت عليها تلك الاوراق و لكن هاتفه كان مؤمناً برمز سري لذا اخذت الشريحة و وضعتها في هاتفي و بدأت ارسل الرسائل لجميع من وُقعت الاتفاقات معه و حذفت الرسائل التي ارسلتها كي لا تكون دليلاً و لكن رغم ذلك علمت ان الرسائل المُرسلة من قبلي لم تحذف لديهم لذا أخبرت كلاً منهم أن يقوموا بحذف كل ما حصل خوفاً لأن يتم نشر المعلومات التي ذُكرت و التي اساساً كانت ضرباً من الخيال و التأويل و هكذا اكون ضمنت نجاح اول خطوة ، اعدت الشريحة و وضعت راسي عَ الوسادة.
استيقظت فجراً لتأدية الصلاة .. انتظرت بعدها حتى تطلع الشمس و بعد ٤ ساعات تبدأ عاصفة من الصياح و الصراخ بعدما رفع والدي هاتفه و وجد ان جميع من تعاقد معهم الغوا الصفقات و بدأ يمشي كَ المتخبط و هو متلعبك و ظهرت انا ك الملاك الطيب و بدأت أشار عن الأمر و كانني مهتم: وش فيك تصارخ ابوي؟ عسى م شر.
نظر لي و هرع متمسكاً ب كتفي قائلا: احتاجك تركب السيارة الحين و توصلني للشركة ركبي م تشيلني! -لا تخافون مب مسلسل كويتي والله-
ذهبت هرِعاً و احضرت المفاتيح و توجهت للسيارة راكضاً و ركبنا سوياً و بدأ يدلني عَ شركته التي لم اراها منذ كنت صبياً ذو خمس سنوات.أظن الحظ بدأ يعلن اتفاقية هدنةٍ معي.