1: الحلم

5.6K 307 137
                                    


لماذا لا تبكي؟
سؤال يداعب جفونها ليلا دائماً، و ينقض مضجعها، محلقا في سماء فكرها دون أن تجد إجابة لتلجمه، فقط علامات إستفهام مزعجة و أحلام مريبة عن كونها اسيرة في دَيجُور.

هي الطفلة التي لم تبكي حتى في يوم مولدها، لدرجة أن الجميع إعتقد بإنها بكماء لتدهشهم فجأة بالتحدث و هي أبنة الستة أشهر.

"كيريت" كانت تلك الكملة الهندية كلمتها الأولى و التي لم يفهمها سوى خادم هندي كبير في السن كان يعمل في قصر والدها

"كيريت تعني العظيمة" أخبر والديها و على وجهه ارتسمت تعابير الدهشة التي كاد أن ينساها، لقد ظن بإنه و في عمره هذا قد شاهد من الدنيا ما يكفي و أرتوى، العجوز المسكين، لم يعرف بعد بأن تلك الدنيا كمثل موجة غادرة، تنجح دائماً في إدهاشك.

"نصيحتي لكم أن أسموها بذلك الإسم المبارك" أخبرهم و هو ينظر بعينيه التي سكنت جفونها التجاعيد الغائرة لتلك السمراء التي تنام بين يدي والدتها بِدَعَة.

هندية الملامح و الجذور زرقاء العينين كيمامة العرب، غجرية الشعر طويلة الأهداب، و كأنها قد خرجت من قصة قديمة.

كتب لها أن تكون إبنة عائلة ذات نفوذ و سلطة، أم أسترالية من أصول هندية و أب كندي الأصل، و أحد أغنى رجال الأعمال في أمريكا و رغم ذلك كانت شابة بسيطة، نباتية قليلة الكلام، تحب الغناء و الطبيعة، حادة الملاحظة و إنطوائية، لكن كل تلك المعلومات عنها لا تجيبنا على السؤال المهم صحيح ؟

إذا أخبروني هل لديكم فكرة لماذا لا تبكي؟

لماذا لا تبكي حتى و إن شعرت بالألم؟
من يدري؟ و من يهتم؟ أساساً متى كان البكاء ضرورة ؟

رغم ذلك هي تشعر أحياناً بحاجة إلى أن تفرغ مشاعرها المكبوتة على شكل دموع، لكن لمَ لا تستطيع؟

ألا يعني عدم بكائها كونها قوية؟ 

أو ربما هذا عيب خلقي؟ او مرض في عينيها؟ 
أليست فائدة الدموع هي ترطيب العنين و تنظيفهما؟ 

إذا لمَ عينيها رطبة و نظيفة بلا دموع ؟

زفرت بضيق و هي تنهض من على فراشها الوثير بعدما تكاثرت أسئلتها و فاضت، بخطوات حافية توجهت صوب مكتبها الخشبي الأبيض عند زاوية الحجرة هناك حيث يتربع ذلك الحاسوب.

دخلت الى موقعها المفضل حيث وجدت المكان منقلبا بسبب موضوع جديد قام شخص مجهول بنشره..

كولداهارا ✔️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن