ضحية مُذنبة وجاني بريء

136 8 7
                                    

عدت من المدرسة وارتميت على سريري لأتذكر المحاظرة المستفزة التي القتها استاذة درة في الطابور عن التغريب والغزو الفكري ومحاولة افساد المرأة واخراجها من عفتها وحياءها ثم بعدها تحدثّت عن اتباع الموضة وانها مؤامرات ضد المرأة المسلمة ليعم الفساد في الدول العربية والاسلامية واخذّت تتحدث عن مفاتن المرأة وان لباسها هو السبب للتحرش والاغتصاب ثم قالت الجملة الشهيرة
( اختاة لا تكوني حلوى مكشوفة يجتمع حولها الذباب ) وبعد انتهاء الاذاعة عم التصفيق في الساحة لكنني لم اصفق لا استطيع التصفيق لفكر كهذا فأنا لا ارى نفسي مجرد جسد فاتن للتغليف او للتعري ، نهضت من السرير ثم فتحت التلفاز لأشاهد بعدها دعاية للسيارات بها فتاة شبه عارية تغسل السيارة بشكل اغرائي ، ماهذا العالم الذي لا يرانا سوى ادوات جنسية هنا يغطوننا وهناك يعروهم ، غيرت القناة لأرى مسلسل به فتيات يتشاجرن شِجار عنيف اكملت المشاهدة ليتضح بعدها بأن سبب شجارهن هو ان احداهن فازت بلقب ملكة جمال المدرسة والأخرى لم تفز ، ثم لم احتمل هذا الضغط النفسي واغلقت التلفاز ، سأمت من مشاهدة دور الفتاة الجميلة ذات القوام الممشوق والعقل الفارغ والتصرفات الغبية ، شتمت المجتمع والرجال والعالم بأكمله ثم ذهبت للنوم ، بعد مرور ساعات استيقظت من النوم لأرى الساعة انها الثالثة فجرا ظننت بأنني سآخذ غفوة فقط والحمدلله انها اجازة نهاية الأسبوع لا دوامات اليوم ، قمت لأمارس روتيني المعتاد ، اتصلت على السائق الذي نتقاتل عليه انا واخواتي ليأخذني الى المكتبة ولحسن حظي لم تسبقني احداهن لتسرقه ،  جاءني على الفور واوصلني الى المكتبة وعند وصولي عرضّت نفسي لموقف محرج حيث انني دخلت من باب الخروج يالغبائي لست معتادة على الخروج من الزنزانة التي تسمى منزل وبالوقت ذاته عقلي كان تائهاً لأنني لم آتي الى المكتبة للحاجة بل لأرى احّدهم هو يأتي هنا كل جمعة وبعض المرات آتي ولا اراه فأحزن بشدة ، احياناً اختلق الأعذار للحديث معه ابحث عن اي ثغرة تافهة تجعلني اتحدث اليه لقد استوطن قلبي ذلك الوسيم اشعر بأنني محظوظة ربما قد اعيش قصة حب تُنسيني بؤس الواقع وتخفف عني سخطي ولكن لن اتفائل كثيرا لا اريد تعريض نفسي للخيبة لكن حصل وشعرت بالخيبة فهو لم يأتي اليوم وهذه ليست المرة الأولى فقد حصل هذا كثيرا سأمت من ضعفي وقلة حيلتي امام مشاعري الفياضة التي تثور بداخلي عندما افكر به ، عدت الى البيت منهارة واخذت عهداً قاطعاً على نفسي بأنني لن اذهب الى تلك المكتبة بعد الآن الا للحاجة فقط ، نجحت بإتخاذي قراري هذا وشعرت بالراحة لم اتوقع بأنني قوية هكذا ربما لأنني لم اعد احتمل الخيبات ، لم يمر الكثير من الوقت من انقطاعي عن تلك المكتبة لأتفاجئ بمتابعته لي في تويتر مع رسالة يقول بها اهلا ، صُدمت و توترت كثيرًا لكن فرحت بشدة وتظارهت باللامبالاة ، لم تكن تلك الرسالة الأولى والأخيرة فهو اصبح يراسلني بشكل شبه يومي ، شكرا للحياة التي اهدتني اياه ولأول مره اثني على الحياة ، اشعر بأنني في رواية حب اسطورية اشعر بأنني كل الأميرات ، من قال بأن الحب اوهام لا يحدث الا في الأفلام والروايات ها انا اعيش الحب ولو كان من خلف هاتف الحب يبقى حب ، توافه الأمور معه تصبح جميلة وكل الأحاديث التي كنت اتجنبها مع غيره اصبحت استمع لها بدقه عندما يتحدث هو عنها ، تجاهلت كل همومي وكل القضايا التي تهمني رميت العالم ومشاكله خلف ظهري واتجهت الى اغاني الحب واشعار الغزل وبالرغم من هذا كله ابدو اليه بارده وغير مهتمه لأمره وهذا ما اتظاهر به فعلاً رغم اعترافي له بحبي ، لأنني اعلم بأنه قد لا يبادلني ذات الشعور ومع علمي بإحتمال انه ( لن يتزوجني ) الا انني متمسكة به بقوه فهو اكسُجيني الوحيد في هذه الحياة البائسة ، وبعد مرور عدة اشهر على علاقتنا الألكترونية ظهر الرجل الشرقي الذي بداخله وبدأ يعطي اعذارًا ليتهرب مني الى ان صارحني فجأة بعدم رغبته بالأستمرار معي ، كان هذا مايجب ان يحدث من البداية قبل ان اشعر بهذا الألم بعد تركه لي وقبل ان يزداد حبي له ويصعب علي تركه ، ها انا اعيش اصعب ايامي بعد فشل تجربتي الأولى للحب ، وبعد وقت طويل من العناء قررت اخيرا ان ابوح لأحدهم واستمع الى مواساة واخترت من اعتقد بأنه قد ينفع في ذلك الا وهي صديقتي التي لطالما اعتبرتها اكثر من مجرد صديقة ، ذهبت لأخبرها بأن احدهم كسر قلبي وياليتني لم افعل فقد صدمتني بالرد المعتاد ( انتي غبية والغلط منك ) ربما قد اكون غبية ولكن هل استحق هذه القسوة الست انسان يخطىء ويصيب في الواقع الخطأ كان في تفكيري بالبوح لها ، انا لا اكابر واقول بأنني لم اكن مخطئة وانني على حق ولكن لماذا تُلام الضحية دائماً فأنا الطرف الصادق وهو الطرف المخادع ، عندما القت اللوم علي تذكرت محاظرة استاذة درة عندما قالت : الرجل يبقى رجل وعندما يتعرض لكِ فهو مفتون لأنكِ بلباسكِ هذا كأنكِ تقولين له تعال الي انتي المعاكسة وليس هو ، لقد انتابني الشعور ذاته وادركت بطريقتي مدى بشاعة المجتمع الذكوري الذي يعترف بفطرة الرجل في انجذابه للانثى اكثر من اللازم بل ويبرر له اخطاءه ويعطيه دافع اكبر لممارسة الخطأ بينما لا يعترف بفطرة الانثى في حبها للزينة ولا بفطرتها في حاجتها للحب والأحتواء ، لذا يُلقى اللوم عليها دائماً .

انتهى 🌸

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Oct 21, 2017 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

ضحية مُذنبة و جاني بريء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن