الفصل الأول:اتهام

1.2K 45 10
                                    

            الساعة الثامنة مساءً
           
دوت صرختها القوية في أرجاء المسرح، عيناها اتسعت عن أخرها لتتراجع للخلف بمساعدة أطرافها التي ارتجفت لهول ما تراه. كانت عيون تلك الجثة التي وجدت نفسها مستلقية بجانبها تحدقان بها مباشرة، نظرات حملت من الفزع والرعب الكثير، مظهرها ذاك جعل كلماتها المرتجفة حبيسة حنجرتها تقاتل لتتحرر مع انفاسها المتقطعة.

رفعت أصبع سبابة يدها المرتجفة مشيرة إلى تلك الجثة المدرجة بين الدماء، حولها يجمتع أولئك الأربعة بثيابهم السوداء الشبيهة لثيابها، لم تستطع البوح بكلمة فظلت صامتة تنتظر تفسير أحدهم لما يحدث، كل هذا وهي لم تميز بعد هوية القتيل.

التفت نحوها واحد من الشبان الأربعة بوجه مكفهر، تقدم نحوها بعد أن ترك يد الضحية تسقط أرضاً بعد أن تأكد لهم وفاته:
_كيف تفعلين هذا به أيتها السافلة!

وجه نظراته المتهمة إليها بعيونه الممتلئة بالدموع، كانت نبرته قاسية وغاضبة، ولكنها تحمل في طياتها الكثير من الحزن أيضاً. لولا تلك اليد التي سارعت للإمساك بذراعه وهو يتقدم نحوها لكان له تصرف أخر مع تلك التي يظنها قاتلة صديقهم جاد.

أما هي، فإنّ كلماته تلك جعلت صدمتها مضاعفة عما كانت عليه؛ أيتهمها بالقتل؟! قتل من؟ مع ابتعاد باقي رفاقه حوله تبينت لها ملامحه جيداً، إنه صاحب الشعر الأسود والملامح اللطيفة، صاحب أجمل ابتسامة قد رأتها عيناها وصديقها المقرب، لكنها أبت أن تصدق حقيقة كونه هو. ثقل لسانها ولم يعد بإمكانها الرؤية بشكل واضح مع تجمع تلك الدموع على مقلتيها، لتمطر غيوم سمائها الغائمة أمطارها المالحة.

عقب الشاب الأسمر الممسك بذراع الأخر محاولاً تهدئة الوضع قائلاً:
_لم نتأكد بعد إن كانت هي الفاعلة يا ريان، لذا لا تتسرع في اتهام أحد.

حرر ريان ذراعه من قبضة رفيقه قبل أن يزمجر قائلاً:
_أي دليل تحتاجه لتتأكد من ذلك يا آدم؟ هي من قدمت لنا أكواب القهوة لتتمكن من تخديرنا وفعل ما جاءت لأجله، لقد قتلته ألا ترى؟!

حدق آدم بجثة صديقه ثم مرر نظراته على باقي رفاقه الذين سيطرت عليهم مشاعر الحزن والرعب مما يحدث، مشهد صديقهم وسكين مغروس في قلبه آلم قلوبهم جميعاً، فقبل ساعات فقط من الأن كانوا يحتفلون بانتهائهم من التدريب على مسرحيتهم الأولى معاً، والتي كان من المقرر عرضها في الأيام القادمة بمناسبة السنة الجديدة.

نهضت من مكانها وبالكاد استطاعت قدماها حمل ثقلها الهزيل، لتتجه نحوهم وهي غير مستوعبة بعد عما يتحدثون، لتقول وهي تحاول تصديق ماتقوله:

_ مؤكدٌ أنّ هذا مجرد مقلب من مقالب أيمن الغبية، هذا غير صحيح! جاد لم يمت صحيح؟

كانت تمر على كل واحد منهم تسأله على حدة إن كان ذلك مجرد مقلب أو أكذوبة، لكن لم يأتها أي رد من أي أحد، فاقتربت من آدم تهزه من كلا ذراعيه قائلة:

مسرح الجريمة (قصة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن