سالم ١

31 2 5
                                    

الامهات سر الحياة
الطاقة التى تمتد من اجسادهن لنا ، تجعل منا قوة لاتهزم
كل الامنيات التي رسمنها لنا اصبحت احلاما ، وكل الدعوات التي رفعت للسماء ساهمت في منحنا السعادة ،
اسعدوهن ان شئتم ،
وستجدون الطريق مبتسما امامكم ...

***

اعتادت على ترتيب امنياتها عند ترتيب غرفته كل يوم
تدخلها ويتسلل الشوق لها ، المكان هنا يملأ قلبها بالسعادة ، يشعرها بالوجود .
رغم انه للتو غادر ، لكنّها تشتاق اليه ، تحبه كطفل صغير يخطو اولى خطواته ، كرضيع بدا اولى ابتساماته .

تضع ملابسه في الخرانة ، وترتب بقايا كتبه واوراقه .
وتفتح نافذته سامحة بدخول اشعة الشمس .
كانت تفتح طريق حلمها ، وتملأ يديها من اغنياته التي رددتها له صغيرا .

هي مجموعة من السعادة ، تركيبة من الحب ، ارتسم على محياها الكثير من معالم الألم ، والقليل فقط من السعادة .
الجمال الوحيد الذي تسعى اليه في حياتها مستقبله .
ناسية جمالها واهتمامها بنفسها أو ربما متناسية ؛ فالجمال الحقيقي الذي تنشده هو .

تتجول في غرفته ، وتتصفح بعضاً من كتبه ، تلمح تلك الخطوط التي رسمها بين السطور والحروف التي نقشها على جدار الورق .
ولو حاولت فك شفرتها ما استطاعت ؛
فالابناء يجيدون اخفاء مشاعرهم عن الامهات دائما
شعارات غير مفهومة ، البعض منها يشير الي الحب . قلبٌ صغيرٌ زيّن صفحةً من سعادته
تردد في نفسها كيف كبر هذا الطفل ؟ كيف اصبح مدمنا للكلمات ؟
يتلاعب بالحروف كما يتلاعب بالمشاعر،
ويخفيها بعد ان كان يستلقي في حضنها ليخبرها كل شي صغيرا .

كلما تقدم بنا العمر ، كلما زادت المساحة المغلقة من المشاعر والاسرار بيننا وبين الامهات . ياالله سرعان ما تجري الايام!
حتى غدونا والاسرار تطوقنا وتطوقها من كل صوب .

رغم ان مراحله الدراسية قاربت على الانتهاء فلم يتبقَّ منها سوى خطوة .
فها هي ايامها تنقضي يوماً بعد يوم ، وها هو سالم يستعد للتفوق كعادته في كل السنوات .

امه وضعت في مخيلتها الترتيبات والاستعدادات النهائية لحفل تخرجه . فنحن نسبق احلامنا بخطوة لاننا خُلقنا من عجل ، نضحك لمستقبلنا الذي لم يأتِ بعد ، متناسين حزن النهايات
عندها يغتالنا الفرح لاننا لم نعتد عليه بعد .

فكرت ان تدعو كل من تحب ومن لاتحب لحفلة تخرجه
الاقربين والابعدين ، ولم يغب عن بالها ان تضع نظرها على احداهن ، ستختار له اجمل البنات وارفعهن حسبا ونسبا
والام تفرح لابنها فرحتين ، ولادته يوم وُلد ، وزواجه يوم ان تقدمه لامراه اخرى بعدما صنعته كما تريد ، فها هو يكبر ، وها هي احلامها تكبر معه .
كان جلَّ ما تريد ان تراه يخطو ، فأصبح كل ماتريد
ان تخطو هي عن طريقه .

لم يغب عن بالها ادق التفاصيل ، والاهم تفاصيل الرقص والطرب
فسالم يريد فتاته ذات شعر طويل ، ولايمكن معرفة طول شعر البنت الحقيقي إلا على المسرح ، عندما تتلقى كل فتاة التعليمات من امها للنزول الى ساحة المعركة .

كانت شاردة الذهن ، كثيرا ماتفكّر تلك الايام وحين يسألها سالم عمّا بها وهل تُخبئ شيئا بين هموها؟ لا تجيب ، هو يعرفها كنفسه ؛ تسرح كثيرا حينما تفكر ، وتكتفي بالابتسامة .

سعادتها تكمن في رؤيته فرحاً ، فرحها الاكبر هو ، طبيبها الاول هو ، انفاسها ، حياتها تراها تكبر امامها يوماً بعد يوم .
فها هي احلامها تقترب .

لا يحب سالم الفرح كثيراً فلحظات الفرح القصيرة تُخبئ بعدها كثيرا من الالم احيانا .
حين تستشيره بأمور حفلته لا يُجيب ، هو يرى ان الاستعداد للفرح ليس بالاحتفال بل بالنجاح ، فيكتفي بالابتسامة .
الامهات يعشقن التفاصيل بينما سالم كان من عشاق الاختباء .

استعانت بجارتها خبيرة الحفلات فهي تجيد تزيين كل شيء وتصنع من الغرفة الجامدة حلما للاحتفال .
بالتاكيد هي لن تحول الحزن فرحا والحلم حقيقة
قليلون من يستطيعون ذلك ،نادرون هم من بأيديهم مفاتيح السعادة

رتبت منيرة الكثير من مظاهر الفرح سابقاً لكنها لم تستطع ترتيب حياة احدهم يوماً ما ، فلافراحنا ترتيبٌ خاص ٌ مع الاقدار وللسعادة موعدٌ لا ياتي ابدا .

هاتفتها ام سالم وطلبت منها ترتيب كل شي للاحتفال ، ابدت موافقتها واخبرتها ان كل ما عليها فعله هو الدفع واخبارها  باعداد الحاضرين
فالمال يصنع المعجزات ويصنع الفرح المزيف لكنه لا يصنع السعادة بالتأكيد .

 DIASPORA  ‎شتــات حيث تعيش القصص. اكتشف الآن