سالم ٢

36 0 0
                                    

في مدينة ( الجبيل الصناعية ) كل شي كان مثالي
الشوارع ،الحدائق ، المدارس ، عدا الحياة هنا اعتاد سالم العيش لكنه لم يحبها يوما ما
كان يقول لاصحابه انه ولد ليعيش في مكان اخر ،هناك حيث الضجيج بعيدا عن هذا الهدوء القاتل ، اننا بشر تقتلنا الرتابة من غير شعور وتوقد في قلوبنا شمعة تحرق دواخلنا مع مرور الزمن .
لا يدري اين ولا متى ولا كيف سيغادرها المهم الا يعيش فيها
كانت هذه المدينة تقتله شيئا فشيئا ، تخنقه ويرغب التنفس من جديد
لذا كان التغيير اولى الخطوات المنشودة واصعبها فترك قطعة منا والرحيل كفيلة باشعال الحنين فيها .

السنوات الدراسية الاخيرة متوترة ، الطلاب يشعرون فيها باضطراب وخوف وقلق على المستقبل .
لم يعلموا ان المستقبل مكتوبٌ منذ زمن ،مرسومٌ لنا الطريق اليه .

يخيفنا قبل ان يصل الينا تتعطل حياة البعض في انتظاره والخوف منه ولو كان المستقبل رجلا لقتلناه ولو كان امراة جميلة لما نظر اليها احد ، نخشاه خوفا منا خوفا مما ستجنيه علينا انفسنا
خوفا من افكارنا التي لا وجود لها خوفا من العوائق التي نلقيها في طريقنا ،وكأننا غير قادرين على اتمام السباق والوصول الى النهاية
النهاية التي قطعنا لها بعضاً من اعمارنا ،من ايامنا ، من احلامنا .

لم يُخفِ سالم خوفه واظهر نوعا من القلق في ايامه الاخيرة ، فطريقه طويل لم يبدا بعد .
لكنه متاكداً في قرارة نفسه انه يستطيع ، فهو قادرٌ على تجاوز كل العقبات .

كان حلم سالم ان يكون طبيباً . حلمه ان يعالج امه التي تشتكي الماً في عامودها الفقري يعادوها بين الحين والاخر ليلزمها الفراش لايام وربما لاسابيع .
لحظة راى امه تزحف ذات يوم متجهة الى سجادة الصلاة ، لحظة لا تنسى .
يومها كانت الآلام حاضرة ، والدموع مخفية ، كدموع الامهات دوماً .
لا تتشكّين ولا تسخطن .
تتألمن بصمت ، والاختباء خلف الامهن مهارة يجدنها .

لا يشغل سالم عن دراسته سوى حبه للقراءة والاطلاع ، وحبه للادب وللشعر ولجلسات الطرب و(السامري) احيانا .
لا ينشغل بها كثيرا، انما يقضي جل وقته مع الكتب في لياليه الساهرة ، يطالع حكم المتنبي واوصاف البحتري ، وغزل عمر بن ابي ربيعة ، ويعشق شعر نزار وحبه .

كان يختلس عطلة نهاية الاسبوع لحضور جلسات الطرب في بعض الاستراحات القريبة من مدينة الجبيل .
يدفعه اليها بعض الاصحاب ممن اختارهم ووافقوا هواه .

(علي) او كما يسميه (علُّوي) كان صاحب الطرب والوناسة و ( الصياعة) ان صح التعبير .
وعمار رجل الدين والمبادئ والاخلاق الفاضلة ، ونقطة الالتقاء بينهما سالم .

علاقاتنا الانسانية يكمن جمالها في التناقض .
كما نشرب الشاي مع (البسكويت) المالح ، وقطعة (الشكولاته) الحلوة مع فنجان القهوة المر .
ربما احتاج أحدنا لذلك ،
يحتاج احدنا مصاحبة جميع الافكار والتوجهات ليذهب الى منطقة وسطى فيها مساحة للقرار الصائب .
نحتاج ان نقارن ونوازن ، فبعض الافكار لن تحكم عليها ما لم ترَ نقيضها .

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Sep 08, 2017 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

 DIASPORA  ‎شتــات حيث تعيش القصص. اكتشف الآن