المأساة

143 14 3
                                    

ثم تقدم مارك نحو جون والرئيس ايضاً: اذن هيا جون اخبرنا من هو القاتل؟؟
نظر اليهم جون بعيونهم المتلهفة تلك ويقول بكل ثقة: القاتل هو ...
وكل وجوههم حوله ينتظرون على أحر من الجمر، واذ بجون يقول بجدية وعيون ملتهبة: القاتل هو... صاحب هذا المنديل ...
واذ بثلاثتهم ينهالون ضرباً على جون، وهو يقول بضحك متألماً: اقسم انني لا امزح، اسمعوني قليلاً...
رفعت اندرسون حاجبها وقالت وقبضتها موجهة نحو جون: اسمع اما ان يكون ما ستقوله الان حقيقة او اني بالفعل سأقتلك بالقبضة التالية، لقد جعلتنا ننتظر كالحمقى وبالنهايه لم نستفد شيئاً مما قلت، اتظن اننا نمزح هنا؟؟ جون لقد ماتت ضحية أخرى اليوم وقبل ساعات فقط! وامام اعيننا، كما وتم زرع قنابل لقتلنا،  قام الشبح بتوجيه رصاصه نحوي كذلك وتلقاها مارك عني، لا اعلم ان كنت بالفعل تفكر كالشبح اي من منظور ان كل ما يحصل الان هو مجرد لعبة، ولكن حيوات الذين قتلو كانت تعني الكثير لمن خسروهم لذا ارجوك لا تمزح بهذا الخصوص...
وبعد ان اخذت نفساً عميقاً، ظهرت تعابير الاسى على وجه جون، بعد ذلك تابع كلامه بجدية تامة: انا اعتذر لو كنت قد أخذت الامر على منحى اخر، ولكن حقيقة كنت اعني ما اقول، فصاحب هذا المنديل بالتأكيد هو القاتل، اعني ليس من عادة الشبح ارتكاب خطأ كهذا! لذا على الارجح انه قد حصل شيء خاطئ في مكان ما، على كل حال، علينا الان تتبع المكان التالي الذي تشير اليه شيفرة الفتاة التي قتلت اليوم لمعرفة مكان الضحية القادمة ومن ستكون...
توجه اربعتهم الى مكتب التحقيقات محاولين دمج الشيفرة الاخيرة مع باقي الشيفرات لتحليل مكان الجريمة القادمة، الا ان مكان الشيفرة كان خاطئ، لم تنطبق الشيفرة الاخيرة مع باقي الشيفرات لسبب ما...
وبعد صمت رهيب ارتعد جون وقال مستنكراً: اسمعوني، مارك، اندرسون، وانت ايضاً سيدي الرئيس، اعتقد ان هناك لعبة جديدة تحاك الان، اعني يمكن ان يقصد شيئا اخر غير كلمة الكمال..
اذ بمارك يسأل بتعجب: ماذا تعني جون؟اقصد ان كلمة الكمال لم تكتمل بعد حتى، فلما التغير الان؟ الا تظن معي بأن هذا غير منطقي؟ حيث انه وان كان القاتل كما توصلنا مهوس بفكرة الكمال، لا أتوقع منه الانتقال الى شيء آخر قبل الانتهاء من الاول؟ صحيح!؟!
نظر جون باستغراب ثم خرج بعد ان استأذن جميع من بغرفة التحقيقات، بعد ان  شعر بأنفاسه تسلب منه، وكأن أحد يخنقه بقوه، اتجه الى غرفة التشريح، ظل ينظر الى وجه الضحية، وبعد اربع ساعات متواصلة من الوقوف امام الجثة، نزلت دمعة اخترقت شعر الفتاة، دمعة كانت مكبوتة منذ زمن خرجت الان، مطلقاً سراح أنفاس جون المخنوقة، كانت تلك الدمعه مفتاح ارتياحه في مثل هذا الوقت الحرج...
وبعد انتظار المحقق جون لاكثر من ست ساعات متواصلة، كان كلا المحقيقين والرئيس قد ناقشو وتوصو الى افكار عدة وحدهم، وبعدما عاد جون وجد المحقيقين ينظرون اليه، سألته اندرسون: هاي جون، ما الذي اخرك كل هذا الوقت؟ ثم الاهم من ذلك اي كنت؟ بحثنا عنك مطولاً في ارجاء القسم كله ولكنك اختفيت تماماً، هل عدت الى بيتك ام ماذا؟؟
اجابها بروية حادة: لا لم اعد الى المنزل، فقط كنت اتجول خارج المبنى قليلاً، ثم لم انتبه للوقت وبعدما نظرت الى الساعه كانت قد تعدت السادسة بعد العصر... اعتذر على تأخري، ولكن اعتقد بأن تلك الجولة قد حسنت لي تفكيري نوعاً ما وجعلته صافياً، حيث واني عندما كنت اسير ( واتجه نحو الحاسوب) عرفت كيف يمكن ان يكون الحل، لقد اصبح القاتل يعلم الان بأنا كشفنا سر الشيفرات، واننا علمنا كيفية سير الامر، وذلك بدى واضحاً عندما زرع القنابل في العمارة السابقة،  لكن الان زادت وتيرة وصعوبة هذه اللعبة (المرحلة)، فبعد التفكير بالنمط القديم، اكتشفت انه واذا قمنا بتعديل ترتيب الارقام التسلسليه لهذه الشيفره يمكن لها ان تتوافق مع سابقاتها، وبذلك يمكننا دمجها مع البقية ومعرفة الضحية التالية...
وبعد ان قام جون بتغير الارقام وتسلسل الشيفرات، كان الامر كما شرح بالضبط، اذ قد توافقت الشيفرة بالفعل مع الاخريات مشيرة بذلك الى مكان الضحية التالية...
ثم قالها جون بحماس: وجدت الضحية التالية وهو جوليان اندرسون، في منطقة سولناج الشرقية، والموعد يا اللهي... (ثم وقف من صدمته)  سيكون الساعة الرابعة من نهار هذا اليوم!!! لقد فات الاوان..!
ما...ماذا قلت؟؟ اعد ما قلت بسرعة جون؟ أقلت ان اسم الضحية جوليان اندرسون؟؟ أنت تمزح صحيح!! قالتها بتفاجؤ تبعه اهتياج صاخب حيث حملت مسدسها والمفاتيح متجهة نحو المكان، اذ بالرئيس يمسكها من يدها بقوة ويقول بصرامة وعيناه تملؤهما الحزن: اندرسون اهدئي رجائاً، اذا كنت ستخرجين هكذا اذن يستحسن ان لا تأتي معنا...
ثم قامت بإفلات يدها وهي تقول بحرقة: لا آتي!؟ اتمازحني الان ام ماذا؟ ان أبي هو من يعيش هناك، لقد قتل هذا السافل ابي وقبل ساعتان فقط، ولما ذلك؟؟ لانني غبية ولم امتلك من الذكاء والدهاء ما يؤهلني لاكتشف الشيفرة، لقد ظللت اعتمد على جون ومارك بالتفكير بدلاً عني، وحتى عليك سيدي، ظللت احاول اظار نفسي بمظهر القوية، ولكن ما أن اصبحت احدى ضحايا هذا الشبح من الاشخاص الذين يعنوني، أصبحت أعلم معنى الالم الحقيقي، لذا ارجوك سيدي، سواء شئت ام ابيت انا ذاهبة، ولا تخف لن اخرب التحقيق هذه المرة، لاني أعرف انه علي ضبط مشاعري، كما اعدك بأني سأفصل مشاعري الشخصية عن عملي ولن ابكي ابداً، لذا سأذهب...
نظر كلاٌ من جون ومارك الى بعضهما وهما ينظران نظرات آسى واسف على ما حصل لاندرسون، لم يدري اي احد ما عليه القول، فكلمات كالمواساة لا تنفع وخاصة في ظرف كهذا، لذا اعتنقو الصمت ثلاثتهم حولها لكونه افضل خيار في ذلك الوقت، وما ان وصلو حتى بدأو البحث عن الجثة، ومع وصول فريق التحقيقات، توسع التفتيش، لم يجد اي احد الجثة في ارجاء المنزل، وبعد طول عناء نادى مارك كلاً من جون واندرسون والرئيس: هاي تعالو بسرعة، لقد وجدت الضحية، انه بالحديقة الخارجية...
وما خرجت أندرسون ورأت منظر والدها ممدداً على العشب الذي اعتاد مداعبتها وملاعبتها منذ ان كانت طفلة عليه، دنت نحوه مقبلة جبينه، وقالت كلمات هامسة بأذنه لم يسمعها أحد قط( احبك ابي، أسفة لاني فتاة سيئة) بعدها وقفت على قدماها بثقة ونادت بأعلى صوت، دانتي، ريمون، ماريو، وماثيو، جميعاً تعالو خذو عينات من الجثة(دم، بصمات...الخ) وبعدها ادعو فريق التصوير وامسحو الشيفرة اسفل رأس الضحية، وبعد ذلك قومو بأخذ الجثة الى قسم التشريح، واذا كان هناك اي حاجة لتوقيع اي اوراق عن الجثة فأنا سأكون المسؤولة بما انني عائلته الوحيدة، هيا انطلقوا...
نظر جون ومارك نحو أندرسون ثم توجه مارك اليها واضعا يده على كتفها قائلاً بتهدئه: أنت رائعه أندي، قوتك جبارة، انا بالفعل اعني ذلك، ولكن ان كان الامر صعباً عليك يمكنك فقط ترك الامر لنا، أرجوك ..
نظرت اليه أندرسون وعيناها تشتعلان ناراً: اسمع مارك، ان الامر صعب علي بالفعل، لكن هذا الرجل جوليان اندرسون الطبيب البيطري الذي أحب الجلوس في هذه الحديقة أكثر من أي شيء، هذا الرجل الذي أمامي الان هو أحد ضحايا القاتل المتسلسل الشبح ولست بحاجة الى وسام منك لتشيد علي على قيامي بعملي، لا تعاملني هكذا، ولا حتى لكوني إمرأة...
اذ بجون يحمل شيئاً لامعاً، فتوجه بالسؤال الى اندرسون: هاي يا فتاة تعالي الى هنا.. هل تعرفين اذا كانت هذه العّلاقة تخص والدك؟؟
اجابته اندرسون بإمائة رأسها مع سؤال: أجل انها هدية اعطيته اياها في عيد ميلاده الاخير، ولكن لما تسأل؟ هل هناك شيء مريب بها؟؟
أجابها جون بإبتسامة حزن: لا فقط انها جميلة، كما انه ولا أعلم اظن انه حدسي فقط، ولكن يبدو أن الضحية جوليان كان ممسكا بها بشدة قبل أن يفتك بجسده ماده السيانيد، ثم افلتها مع ارتخاء جسده...
إقشعر جسد أندرسون من كلام جون وحاولت إمساك نفسها وإعادة قوتها قدر المستطاع، وبعد فترة من البحث والتفتيش توجه الرئيس بسؤال المحقيقن: جون، مارك، آندي، الم يجد أحدكم الى الان سلاح الجريمة؟؟
ردّ مارك مجيباً بإنزعاج: لا سيدي لم أستطع العثور على شيء، بحثت في المنزل انا وفريقي، كما بحثنا في حاجيات الضحية لكن بدون جدوى، يبدو أن هذه المرة بالفعل لا يوجد سلاح للجريمة...
لا بل يوجد، قالتها اندرسون بصرامة تامة: انها معي، انها هذه العلاقة، لقد قام القاتل بثقب جانبيها وزرع فيها الالياف القاطعة، اظن ان جون علم بالامر لكنه لم يقل شيئاً!
اجاب جون بهدوء: لا فعلاً انا لم أكن أعلم! أما الان فعلي التوجه الى المكتب علي الاسراع بإيجاد الحل للشيفرة هذه، فلا يمكنني تحمل خسارة ضحية أخرى بعد الأن، كما انه قد أرسلت ذلك المنديل الى المختبر، لذا يجب ان تكون النتائج قد خرجت الان..
وما إن ذهبو حتى انهار مارك من وجع كتفه الايسر، قام جون باسناده، هبت أندرسون لمساعدته خوفاً عليه الا انها تراجعت، نظر جون لذلك ثم اخبر الرئيس بأنه سيرسله الى المشفى ويطمئن عليه بعدها سيعود الى مكتب التحقيق..
وما إن خرجا، حتى عاد جرح مارك ليفتق من جديد و يسيل دماء منه، فقال جون له باستكانة: لا عليك مارك سأقوم بالشد الى جرحك الان ولكن حاول الاستلقاء الان ريثما نصل، اتفقنا..
وما ان وصلو حتى قال جون لمارك: أعلم ما تمر به، فقد حاولت اليوم مواساة أندرسون الا انها قد فهمت مساندتك على انها شفقة، كما انك لاتزال تعاني من اصابتك هذه لذا لا يجب عليك التسرع بالعودة، صحيح اننا نحتاجك معنا ولك هذا لا يعني ان تفني نفسك، اتفقنا، فأنا لا أعتقد أن اندرسون سيعجبها موت شخص آخر قد اصبح قريب منها، لم ترى كم لهفت عليك فور انهيارك هناك، لذا عليك الاهتمام بصحتك اكثر...
ضحك مارك بحمق وقال وهو يقبض يده اليسرى: اسمع جون لن أهدئ، لا أستطيع، خاصة الان، صدقني أشعر أني على وشك أن اموت ان لم نقم بالقبض عليه، لقد جعل العديد من الناس يعانون، لم اعد إحتمال رؤيه ما يحصل، لذا لن أهدئ حتى أقتله واراه ميتاً امامي...
وما ان وضع جون يده فوق يد مارك لتهدئته، حتى شعر بإرتجاف كافة جسده، ثم قال له لترويته: لا تقلق مارك أعدك أننا سنمسكه، انها فقط مسألة وقت لا أكثر وذلك سيكون أقرب مما تتوقع صدقني، قد تتفاجئ مما سأقول ولكنني قد جمعت خيوط الجريمة كلها، تبقى دفعة واحدة، وبعدها سيصبح هذا القاتل في قبضتنا...
هدئ ارتجاف مارك ثم قال له جون بضحكة متكلفة: حاول ان تنام انت الان وترتاح وغداً فور عودتك سوف نبدأ خطة الامساك بالشبح، وسيكون هذا آخر اسبوع له حراً طليقاً صدقني... يتبع

ظل الشبححيث تعيش القصص. اكتشف الآن